5 أيام من عملية "الفتح": تعثّر التقدّم نحو الموصل

29 مارس 2016
يشارك في القتال نحو 11 ألف مقاتل (همان بابان/الاناضول)
+ الخط -


تعثّر عسكري ومشاكل سياسية تلوح في الأفق مع مرور خمسة أيام فقط على انطلاق عملية "الفتح" التمهيدية لتحرير مدينة الموصل العراقية شمال البلاد من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، من دون أن تنجح القوات البرية العراقية والفصائل المساندة لها في تحقيق تقدّم ملحوظ، على الرغم من حجم الاستعدادات والدعم الجوي الأميركي المقدّم لها في محوري الجنوب والجنوب الشرقي من المدينة.

ونجحت القوات العراقية، في اليوم الأول والثاني، من السيطرة على قرى مطنطر وتل الشعير والخطاب والنصر في المحور الجنوبي من الموصل، بعد قصف أميركي جوي ومدفعي، أعقبه تقدّم للقوات العراقية المشتركة، إلا أنها سرعان ما تراجعت من قرى النصر وتل الشعير بعد هجوم معاكس شنّه تنظيم "داعش"، في اليوم الثالث، وأسفر عن سقوط العشرات من عناصر القوات العراقية، وكاد أن يفقد الجيش مواقعه الأصلية لولا تدخّل الطيران الأميركي الذي أوقع عشرات الضحايا في صفوف "داعش" وأجبره على الانسحاب.

ووفقاً لمعلومات حصلت عليها "العربي الجديد"، فقد بلغت خسائر القوات المشتركة في عمليات الموصل في يومها الخامس 109 قتلى توزعت كالتالي: 59 جندياً عراقياً من الفرقة 15، 17 من البشمركة، 22 من قوات تحرير الموصل، 8 عناصر من الشرطة الاتحادية و3 من جهاز مكافحة الإرهاب. كما قُتل عسكري تركي بصفة مستشار وأصيب اثنان آخران، بينما قُتل جندي مارينز أميركي وأصيب سبعة، في اليوم الذي سبق انطلاق عمليات التحرير بشكل رسمي. أما من جهة تنظيم "داعش"، فقد قُتل ما لا يقل عن تسعين عنصراً، غالبيتهم قضوا في القصف الأميركي والبريطاني على مناطق القتال.

ومما يتبين من الحصيلة، هي شدة المعارك الدائرة في تلك المنطقة والمحصورة بين نهر الزاب وجبال مكحول وتلال مخمور، والبالغة مساحتها نحو 80 كيلومتراً، ومن المفترض أن يكتسب من يسيطر عليها صفة الملك بسبب استراتيجية المنطقة، كما يقول النقيب، فراس حسين الحمداني، من قوات تحرير الموصل المساندة للجيش العراقي. ويضيف الحمداني لـ"العربي الجديد": "المعارك تعثّرت لأسباب عدة، أولها الألغام وسيطرة داعش على تلال مرتفعة، بينما مواقعنا منخفضة يسهل استهدافها، فضلاً عن وفرة الانتحاريين لدى التنظيم وسوء الطقس الذي حرمنا من الغطاء الجوي الأميركي".

من جهته، يكشف مصدر عسكري عراقي لـ"العربي الجديد" عن البدء بإعادة النظر بالخطة المرسومة للمرحلة الأولى لتحرير الموصل، لافتاً إلى أن "ما تحقق لا يتناسب مع حجم التجهيزات، إذ خسرنا رهان "تحقيق الصدمة الأولى" للعدو في أول هجوم". ويشير إلى أن "المرحلة الأولى تقتضي تحرير 51 قرية، حتى منتصف مايو/أيار المقبل غير أن المعطيات تشير إلى أننا سنحتاج إلى وقت أكثر من ذلك"، مضيفاً: "نحن نتحدث عن مسافة 47 كيلومتراً قبل الوصول إلى حدود الموصل وهذه المناطق كلها خاضعة لداعش".

اقرأ أيضاً: معركة تحرير الموصل: مطالبات بقوات بريّة وعمليّات إنزال أميركيّة

من جهته، يؤكد العقيد الركن في الفرقة 15 في الجيش العراقي، أحمد حبيب الساعدي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن "المعركة ليست سهلة ولا يجب على الإعلام الحكومي استسهال المعركة أيضاً"، مشيراً إلى أن "داعش عمل على تحصين المنطقة، وكل شبر ندوس عليه نتوقّع أن يكون تحته لغم". ويلفت إلى أن "هناك مناطق مليئة بالأعشاب وأدغال لم نكن نتوقع أن فيها ألغاماً، لكن تبين أن التنظيم زرعها قبل عام ونما عليها العشب وصار اكتشافها مستحيلاً".

وكانت قيادة العمليات العراقية المشتركة قد أعلنت، الخميس الماضي، انطلاق عملية "الفتح" التمهيدية لتحرير محافظة نينوى وعاصمتها الموصل من سيطرة تنظيم "داعش"، بمشاركة تشكيلات نظامية ومتطوعين وقوات كردية بدعم من التحالف الدولي. وأعلنت مفوضية حقوق الانسان العراقية نزوح نحو ألفي عائلة من مناطقها بالموصل بسبب المعارك وتوجّهها إلى مناطق قريبة من حدود كردستان العراق.

وبحسب التقارير العراقية الرسمية، يشارك في المرحلة الأولى من القتال نحو 11 ألف مقاتل من الجيش والشرطة وجهاز مكافحة الإرهاب العراقي تساندهم قوات البشمركة الكردية وقوات تحرير الموصل المعروفة باسم "الحشد الوطني" والتي يشرف عليها محافظ الموصل السابق، أثيل النجيفي، فضلاً عن قوات من مليشيا مسيحية وأخرى أيزيدية تلقت تدريبات على يد البشمركة، أخيراً، وبدعم من قوات التحالف الدولي التي أضيف إليها، أخيراً، وحدة مارينز أميركية من 200 جندي قتالي.

ويقول الشيخ سعدون الشمري، أحد قادة العشائر المنتفضة ضد "داعش" في نينوى، لـ"العربي الجديد"، إن تعثّر المعارك يعود لأسباب عدة أبرزها سوء بعض التفاصيل داخل خطة تحرك القوات، والروح المعنوية للجيش العراقي المنخفضة جداً على عكس متطوعي تحرير الموصل، إضافة إلى أن الأحوال الجوية لم تكن في صالح القوات المهاجمة.

من جهته، يكشف مستشار في ديوان رئاسة إقليم كردستان العراق لـ"العربي الجديد"، عن وجود مشاكل من نوع آخر صاحبت عملية الموصل، تمثّلت بدخول العشرات من عناصر "الحشد الشعبي" بزي الجيش العراقي ومشاركتهم في المعارك، وهو التفاف على الاتفاق الذي جرى بين بغداد وكردستان بهذا الشأن. ويوضح المستشار الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، أن "الإقليم قد يغلق الباب بوجه إمدادات الجيش في حال استمر هذا الموضوع وبقيت المعلومات عن وصول أفراد المليشيات بناءً على تقارير ميدانية مقدّمة من قوات البشمركة المصاحبة للجيش العراقي في مخمور".

اقرأ أيضاً: العراق: تحرير بلدة كبيسة وواشنطن تخطط لنشر قوات بالموصل

المساهمون