تواصل الاشتباكات القبلية شمالي باكستان.. وحصيلة القتلى 48 شخصاً

30 يوليو 2024
تصاعد أعمدة الدخان إثر انفجار في شمال غربي باكستان، 15 يوليو 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **اندلاع النزاع الطائفي وتفاقم الوضع**: بدأت المعارك في شمال غربي باكستان بسبب نزاع على قطعة أرض في منطقة بوشهره بمقاطعة كرم، مما أدى إلى مقتل 48 شخصاً وإصابة أكثر من 200 آخرين، وتدمير المنازل والمرافق العامة.

- **جهود الزعامة القبلية وفشل وقف إطلاق النار**: رغم جهود الزعامة القبلية لوقف إطلاق النار، استمرت الاشتباكات العنيفة، مع اتهامات بتدخل جهات خارجية، وعدم تدخل فعال من الحكومة والجيش.

- **امتداد النزاع وتأثيره على المناطق المجاورة**: امتد النزاع إلى مناطق مثل هنكو وكوهات، حيث خرجت القبائل السنية في مظاهرات، واتهمت الحكومة الإيرانية بدعم القبائل الشيعية بالسلاح.

تستمر المعارك على أساس طائفي في شمال غربي باكستان، والتي بدأت بسبب نزاع على قطعة أرض قبل نحو أسبوع، ما أدى حتى الآن إلى مقتل 48 شخصاً وإصابة أكثر من 200 آخرين. وذكرت مصادر قبلية لـ"العربي الجديد"، أنّ الوضع في المنطقة "كارثي، وأن القذائف والصواريخ تطلق من كل الجهات وتسقط على المنازل والمرافق العامة، لذا من بين القتلى والجرحى نساء وأطفال".

ويشمل النزاع القبلي حالياً كل مناطق مقاطعة كرم القبلية، فيما خرج سكان المناطق المجاورة في إقليم الشمال الغربي إلى الشوارع الرئيسية، في محاولة لمنع سيارات من العبور على الطرق. وأكدت المصادر أن الزعامة القبلية تمكنت من أخذ موافقة الطرفين المتصارعين على وقف إطلاق النار مساء يوم الأحد، ولكن خلال الليل بدأت الاشتباكات العنيفة بين الطرفين مرة أخرى، وبالتالي لا توجد توقعات حاليا بوقف إطلاق النار.

وقال الزعيم القبلي خادم علي لـ"العربي الجديد"، إنه خلال اشتباكات يوم الاثنين قتل ثمانية أشخاص من الطرفين لترتفع بذلك حصيلة القتلى إلى 48 وحصيلة الجرحى إلى 200 شخص منذ اندلاع الحرب يوم الخميس الماضي. وأضاف خادم علي أن "الوضع متأزم جداً، فإطلاق النار متواصل في كل مكان والقذائف تسقط على المنازل".

وأوضح الزعيم القبلي أن الجهود القبلية الحثيثة متواصلة وتشارك فيها قبائل المناطق المجاورة، ولكن كل تلك الجهود باءت بالفشل. ومضى قائلاً: "يبدو أن هناك جهات خارجية تتدخل بقوة من أجل مواصلة الحرب، والمشكلة أن الزعامة القبلية لمنطقة كرم الحرب فيها مشتعلة، حيث كل طرف يصرّ على الانتقام من الجهة الأخرى".

زعيم قبلي: جهات خارجية تتدخل بقوة من أجل مواصلة الحرب

ولفت إلى أن "الحياة معطلة بشكل كامل في كل مقاطعة كرم، الشوارع والأسواق والبنوك كلها مغلقة، المستشفيات والعيادات مغلقة، كل رجال القبائل في كمائن، الأموال تجمع من أجل الحصول على المعدات العسكرية، إنها كارثة". واتهم الزعيم القبلي الحكومة بأنها "تتفرج على ما يحدث ولا تتدخل من أجل وقف الحرب"، متابعاً في هذا السياق: "لو أراد الجيش التصدي للمشكلة لدخل المنطقة ولتمكن من وقف إطلاق النار، ولكنه لا يتدخل، لا ندري ماذا ينتظر وما هدفه!".

كما يتهم الزعيم القبلي عبد الخالق السلطة المحلية وأجهزة الدولة بإشعال فتيل الحرب، ودعا في بيان مصور له القبائل إلى أن لا تعتمد كليا على الجهود الحكومية وأجهزة الدولة، وأن مقاطعة الحكومة ستكون أساساً لحل عاجل. وأضاف عبد الخالف أن الحكومة "ما سعت ولم تسع من أجل حل قضايا القبائل، بل هي جالسة تتفرج ولا تحرك ساكنا، لكن على الزعامة القبلية أن تدرك حساسية الأمر وأن لا تعتمد على الحكومة وأن لا تشارك في تلك الجهود، بل تكثف الجهود الخاصة بالقبائل لأنها جهود مجدية ومخلصة".

هذا، وامتد النزاع إلى المناطق المجاورة، حيث خرج عشرات من القبليين في منطقة هنكو إلى الشوارع الرئيسية تأييدا للقبائل السنية، وبدأوا يمنعون السيارات التي تمر عبر شوارعها لأبناء الأقلية الشيعية وهي تدخل منطقة كرم القبلية، حيث الطريق الرئيسي لكرم تمر عبر هنكو. كما خرج عشرات من شبان القبائل وعلماء الدين والزعماء القبليين إلى الشوارع في منطقة كوهات المجاورة لمدينة بشاور وعقدوا اجتماعات تأييدا لقبائل السنة. كما اتهم هؤلاء الحكومة الإيرانية بمساندة القبائل الشيعية وإرسال السلاح لها، مؤكدين "أننا لن نترك أبناء السنة وحدهم وسنساندهم بكل وسيلة".

بداية القصة

وبدأت الحرب بين الطرفين على أساس نزاع على أرض تقع في منطقة بوشهره التابعة لمقاطعة كرم، وحجم الأرض تقريباً 30 فداناً، تتنازع عليها كل من قريتي مدكي وغلاب. وكان هناك يوم الأربعاء الماضي اجتماع قبلي من أجل حلحلة القضية، وأثناء الاجتماع حصل إطلاق نار من طرف واحد، ولم يصب أحد بأذى، لكن القضية تفاقمت لاحقا.

وامتد النزاع القبلي إلى كل القبائل الموجودة في المنطقة، بعضها سنية وأخرى شيعية. كما بدأت المواجهات الشرسة بين السنة والشيعة في كل مناطق مقاطعة كرم، وهي: بوشهره، ملي خيل، دندر، بالش خيل، صده، وهي مركز المقاطعة، كونج عليزي، مقبل، بيوار وترمنغل. وتعيش قبيلة توري في منطقة ترمنغل، وهي أقوى القبائل الشيعية، والباقي فروع لها، بينما قبائل السنة متعددة، من أشهرها قبيلة بنغش وقبيلة مقبل والباقي فروع لهما.

والصراع على الأرض بين الطرفين بدأ منذ عام 2007 وتكررت المعارك بين القبائل مرارا، حيث قتل عشرات الأشخاص من الطرفين في حروب دامية، وذلك على الرغم من توقيع اتفاق بين الطرفين في عام 2008 على أن يتم حل المشكلة عبر الحوار، ولكن ذلك التوافق لم ينفع. وفي كل مرة تتمكن الزعامة القبلية من وقف إطلاق النار، ولكنها تفشل في حل القضية، لتعقيدها أولا، ولأجل عوامل فكرية وقبلية أخرى دخيلة فيها.

يذكر أن مقاطعة كرم القبلية التي يعيش فيها السنة والشيعة معاً، شهدت على مر العقود الماضية حرباً طائفية، وكانت لقبائل طوري الشيعية قوة كبيرة فيها سياسياً وقبلياً وعسكرياً، ولكن بعد ظهور طالبان في أفغانستان ولاحقاً في باكستان بدأت قوة القبائل الشيعية تتدهور وتتعزز قوة القبائل السنية مقابل ذلك.