وأكّد المتحدث الرسمي باسم مكتب الإعلام الحربي لعملية "بركان الغضب"، عبد المالك المدني، استمرار وصول تعزيزات عسكرية لتمركزات قوات الحكومة غرب سرت، استعداداً لاستكمال تحرير المدينة.
وقال المدني في تصريح، اليوم الاثنين، لـ"العربي الجديد"، إن "التعزيزات التي لم تتوقف عن الوصول يومي السبت والأحد من بينها أسلحة متطورة ستشكل قوام العملية المرتقبة التي تستهدف تحرير كامل سرت"، مشيراً إلى أن "غرفة عمليات سرت ـ الجفرة قد انتهت من إعداد خططها للعملية المرتقبة".
ولفت إلى أن العملية، التي وصفها بـ"الوشيكة"، ستكون مدعومة بغطاء جوي واسع، نافياً مزاعم تصريحات قادة مليشيات حفتر بشأن تمكنها من إرجاع قوات الحكومة إلى خارج الحدود الإدارية لمدينة سرت.
وسيطرت قوات الحكومة على أكثر من 110 كيلومترات غرب سرت، السبت الماضي، بعد تحريرها مناطق الوشكة وبويرات الحسون ومنطقة الكيلو 50 غرب سرت، وصولاً إلى المحطة البخارية، داخل الحدود الإدارية للمدينة، والواقعة غرب المدينة بنحو 30 كيلومتراً.
سياسياً، لم ترد حكومة الوفاق المعترف بها دولياً، بشكل رسمي حتى الآن، على المبادرة المصرية، التي أعلنها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مؤتمر صحافي جمعه بحفتر ورئيس مجلس النواب المجتمع في طبرق عقيلة صالح السبت الماضي، لكن تأكيد رئيس الحكومة، فائز السراج، على مواصلة القتال لـ"طرد العصابات الإجرامية والمرتزقة"، خلال اتصال أجراه، أمس الأحد، برئيس غرفة العمليات الميدانية سرت ـ الجفرة، إبراهيم بيت المال، اعتبره مراقبون رداً ضمنياً على مبادرة القاهرة.
Facebook Post |
ونقلت وسائل إعلام ليبية، الليلة الماضية، عن بيت المال تأكيد السراج له استمرار العمليات القتالية "حتى تحرير كامل الوطن"، مشيراً إلى أن السراج بحث معه آخر المستجدات الميدانية لسير العمليات العسكرية، والوقوف على جاهزية القوات لتنفيذ المهام الموكلة إليها.
وفي الوقت الذي بادرت فيه دول عدّة داعمة لمشروع حفتر العسكري في ليبيا، إلى الترحيب بـ"إعلان القاهرة"، كالمملكة السعودية والأردن والإمارات وروسيا وفرنسا، يرى الباحث الليبي في العلاقات الدولية، مصطفى البرق، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الإعلان جاء كطوق نجاة لداعمي حفتر، ووفر لهم سبيلاً للبحث عن صيغ جديدة تبقيهم في مشهد الملف الليبي، بينما فضّل الطيف الأكبر من المجتمع الدولي الصمت حيال الإعلان.
ورأى البرق أنّ القاهرة "ختمت شهادة وفاة مشروع حفتر ونفضت يدها من داعميه الرسميين وتحديداً الإمارات"، موضحاً أن "السيسي جلب حفتر وأظهره على يساره في مؤتمر صحافي للعالم ليعلن أن بلاده لم تعد معنية به، بينما وضع عقيلة صالح على يمينه، بل اجتر مبادرته التي نصحها به الروس".
وبحسب البرق، فإنّ "الموقف المصري لا يبدو جديداً، فمنذ مدة ومصر تسير في ركاب المواقف الدولية الجديدة واستشعرت تغيراً في مواقف عواصم الثقل الدولي من حفتر"، نافياً بأن "يكون حضور حفتر محاولة من السيسي للمصالحة بينه وبين عقيلة صالح".
في المقابل، تبدو المواقف الرافضة لإعلان القاهرة في تزايد، فعلاوة على موقف تركيا التي أكدت دعمها حكومة الوفاق مع التشديد على أهمية الحل السياسي للأزمة الليبية ورفضها الانقلابات العسكرية، وبالتزامن مع الموقف الجزائري الذي حمل إشارة رافضة للإعلان وتأكيد تونس تمسكها بالشرعية الدولية والمؤسسات الليبية كما حددتها قرارات الشرعية الدولية والاتفاق السياسي، أكد وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، بدوره تمسك بلاده بالاتفاق السياسي الليبي الموقع بمدينة الصخيرات المغربية نهاية عام 2015 كـ"مرجعية أساسية لأي حل سياسي في ليبيا"، بحسب إيجاز صحافي نشرته إدارة الإعلام لوزارة خارجية حكومة الوفاق، ليل الأحد.
وفي الوقت الذي رفض فيه رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، في تصريحات تلفزيونية السبت الماضي، المبادرة المصرية، لم يعلن مجلس النواب المجتمع في طرابلس عن موقفه حتى الآن، لكن عضو المجلس، جلال الشويهدي، أكد موقفه الرافض إعلان القاهرة الذي وصفه بـ"المناورة ومحاولة السيسي إنقاذ موقف المخجل بعد خسارة رهانه على حفتر في ليبيا".
وقال في حديث لـ"العربي الحديد"، إن "مطلب تسليم قوات الحكومة أسلحتها واعتبارها مليشيات، لا يعكس رغبة حقيقية في إصلاح السيسي لموقفه. وإنما يناور فقط".
لكن في المقابل، يرى الأكاديمي الليبي، خليفة الحداد، إعلان القاهرة "ردة فعل طبيعية"، موضحاً أن "القاهرة تعيش حالة صدمة كبيرة جراء الانهيار السريع لقوات حليفها الذي لطالما عوّلت عليه وروّجت له لدى حلفاء دوليين كبار".
واعتبر الحداد في حديث إلى "العربي الجديد"، أن "السيسي لا يمكنه إعلان موت حفتر وخسارة رهانه عليه من أول يوم، لكنه سيحتاج وقتاً لسحب تأييده السياسي بعد العسكري".
وبشأن موقف حكومة الوفاق والموقف الدولي، بيّن الحداد أن "الأمر مرهون حالياً بموقف مجلس الأمن من المبادرة المصرية".
وأشار الحداد إلى أن بيان البعثة الأممية في ليبيا، أمس الأحد، لم يتضمن ولو إشارة إلى الموقف المصري، بل رحب بمواقف قادة ليبيين لوقف القتال من دون ذكر القاهرة وموقفها أو الترحيب به.
الحل "في متناول اليد"
وكانت البعثة الأممية في ليبيا قد حثت على ضرورة إسكات صوت السلاح من أجل استئناف الحوار السياسي، معلنة ترحيبها بدعوات وقف القتال واستئناف عملية المفاوضات.
وقالت البعثة، في بيان لها أمس الأحد، إن "الحل السياسي للأزمة الليبية القائمة منذ زمن طويل لا يزال في متناول اليد"، مبدية استعدادها "لتسيير عملية سياسية تشمل الجميع يقودها الليبيون ويمسكون بزمامها".
Twitter Post
|
وأضافت أن "من البوادر المشجعة على ذلك الدعوات التي أطلقها، أخيراً، قادة ليبيون لاستئناف مثل هذه المحادثات بهدف إنهاء القتال والانقسام مما سيمهد الطريق لحل سياسي شامل يستند إلى الاتفاق السياسي الليبي وضمن إطار خلاصات مؤتمر برلين وقرار مجلس الأمن 2510 والقرارات الأخرى ذات الصلة"، وهو ما يراه الحداد "عدم اهتمام أممي واضح بالموقف المصري الذي جاء متأخراً بشكل كبير".
وفي الوقت الذي يرجح فيه الحداد اتساع رقعة أراضي سيطرة قوات "الوفاق" لتشمل أجزاء جديدة أهمها منطقة الهلال النفطي المتاخمة لسرت، وسط البلاد، يرى أن من بين عوامل انهيار مليشيات حفتر الميل المصري للمواقف الروسية في محاولة لمناكفة التقارب التركي الروسي.
وأوضح أن تبني "السيسي لمبادرة عقيلة صالح بكامل بنودها، والتي أكد صالح أنها جاءت بدعم روسي، يعني أن مصر تسعى لمعادلة الموقف الروسي ومحاولة استمالته إلى جانبها بدافع حماية قطاع ليبيا الشرقي والجنوب الشرقي من أي زعزعة أمنية قد تطاوله في ظل انهيار حفتر المستمر، وإمكانية وصول حكومة الوفاق وحلفاء قبليين في شرق البلاد يرفضون مشروع حفتر، كون هذا القطاع امتداداً لأمن مصر القومي".