رئيس الوزراء العراقي وامتحان هيبة الدولة: هل ينجح في ردع المليشيات "الولائية"؟

26 يونيو 2020
اعتقالات عناصر "حزب الله" وصفت كأول امتحان للكاظمي(فرانس برس)
+ الخط -
يرى سياسيون ومراقبون عراقيون في تحرك رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، بعد نحو 50 يوما من منح حكومته الثقة، تجاه المليشيات المدعومة من إيران، وإشرافه على عملية اعتقال مجموعة تتبع مليشيا "كتائب حزب الله"، ومصادرة صواريخ ومنصات إطلاق وأسلحة وجدت بحوزتها ليلة أمس الخميس، أنها أول امتحان للكاظمي، وقد يؤسس لمرحلة تعافي القانون وسيادة الدولة أو العكس.

وأصدرت السلطات العراقية، اليوم الجمعة، بياناً أكدت فيه اعتقال 14 عنصراً من عناصرها بناء على مذكرات قضائية، لتورطهم بعمليات قصف المنطقة الخضراء ومطار بغداد الدولي، محذرة، في الوقت نفسه، من أنها ستواجه أي تصرفات مخالفة للقانون، في إشارة إلى التهديدات التي أطلقتها مليشيات مسلحة مرتبطة بإيران للحكومة، وتحديد مهلة لإطلاق سراح المعتقلين.

فيما مارست زعامات سياسية عراقية بارزة، وقادة مليشيات مقربة من إيران، ضغوطاً على الحكومة العراقية، من أجل الموافقة على إطلاق سراح مجموعة مليشيا "كتائب حزب الله" العراقية، الذين ألقي القبض عليهم في مقر للمليشيا، ليل الخميس– الجمعة، من قبل جهاز مكافحة الإرهاب، ووجدت في مقرهم ورشة لتصنيع الصواريخ ومنصات لإطلاقها.

وتعد هذه العملية الأولى التي تقوم فيها قوات عراقية بمداهمة مقر لمليشيا واعتقال عناصر فيها، منذ منح البرلمان الثقة لحكومة الكاظمي، الشهر الماضي، والذي تعهد في أكثر من مناسبة بحصر السلاح وفرض هيبة الدولة.

ويطلق في العراق عبارة "الولائية" على المليشيات التابعة لإيران ضمن مظلة "الحشد الشعبي"، وأبرزها كتائب حزب الله والنجباء والخراساني وسيد الشهداء والعصائب والإمام علي والطفوف وفصائل أخرى.

وحتى مساء اليوم الجمعة، قال مسؤول عراقي في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن مجموعة "حزب الله" ما زالوا في سجن خاص وتحت حماية مشددة، مضيفا في اتصال هاتفي أن "كل ما يقال إنهم تم إطلاق سراحهم أو بحوزة جهات ثانية على سبيل الاستضافة غير صحيح، وسيتم تدوين اعترافاتهم وعرضها على العراقيين، وتتعلق بإطلاق صواريخ على المنطقة الخضراء ومطار بغداد وقواعد عسكرية مختلفة"، مؤكدا أن القوات العراقية تلقت تعليمات مشددة للتعامل بحزم مع أي مظاهر مسلحة تخرج مجددا بالعاصمة، على غرار ما حدث ليلة أمس بعد اعتقال المجموعة من مقرهم في حي الدورة جنوبي بغداد، لافتا إلى أن الكاظمي حظي بتأييد شعبي كبير بسبب العملية التي استهدفت جماعة حزب الله، والشارع سئم حالة اللا قانون وينشد النظام.

في الأثناء، قال القيادي في جبهة الإنقاذ والتنمية العراقية أثيل النجيفي، إن "رئيس الوزراء حالياً أمام امتحان صعب لبيان قدرته في مواجهة المليشيات وحصر السلاح بيد الدولة، ونحن نأمل نجاحه بهذا الامتحان، وإذا فشل في هذا الامتحان فإن الدولة العراقية سوف تنهار، وتصبح فريسة لتلك المليشيات المنفلتة".

وحذر من أن "العواقب ستكون وخيمة إذا ما سيطرت تلك المليشيات على المشهد، منها أن العالم سيتعامل مع العراق بطريقة مختلفة، خصوصاً أننا نمر بأزمات اقتصادية ودولية وغيرها، وهذا قد يدفع إلى فرض عقوبات على العراق".

وبيّن النجيفي أن "الكاظمي يمثل الأمل الأخير للعراقيين، كما على العراقيين أن يقفوا بقوة مع الكاظمي، لدعم جهود حصر السلاح بيد الدولة، والقضاء على المليشيات، وعدم ترك الأمور لسيطرة تلك المجاميع على الدولة".

وبشأن الضغوطات السياسية على الحكومة للإفراج عن عناصر المليشيات المعتقلين، قال القيادي في جبهة الإنقاذ والتنمية إن "القوى السياسية الموجودة هي نتيجة لسيطرة تلك المليشيات على المشهد العراقي، والانتخابات البرلمانية الأخيرة أظهرت القوة المؤيدة للفصائل، التي أوصلتها إلى السلطة من خلال التزوير وترهيب المواطنين، ولهذا الضغوطات السياسية أمر طبيعي جداً".

وختم النجيفي قوله إننا "نعتقد أن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، سوف ينجح بهذا الامتحان الصعب، فهو لديه أوراق قوية للنجاح، أهمها وجود تأييد شعبي قوي لإنهاء كل المظاهر المسلحة، كما هناك تأييد دولي قوي".

إلى ذلك، قال الخبير في الجماعات المسلحة العراقية هشام الهاشمي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، يدرك جيداً أنه لا يستطيع التعمق إلى الأخير في مواجهة الفصائل المسلحة، كما فعل رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي في (صولة الفرسان) سنة 2008، خصوصاً أن فصائل اليوم، تختلف عن فصائل 2008 من حيث القوة والعدد والتدريب والغطاء القانوني والنفوذ السياسي والحكومي".

وبين الهاشمي أن "العملية كانت خطوة مهمة جداً من الكاظمي، وتجاوزت الخط الأحمر لدى فصائل مسلحة معروفة، فهذه الخطوة كافية حتى لو كانت على مستوى المناورة أو بداية المناورة، وأجد أن الفصائل عرفت حجمها جيداً أمام الدولة".

في المقابل، قال عضو البرلمان العراقي باسم خشان، لـ"العربي الجديد"، إن "عملية اعتقال ما يسمى "خلايا الكاتيوشا"، ستكون بمثابة الامتحان لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بقدرته من عدمها على حصر السلاح بيد الدولة، التي أكدها مرات عديدة، في كل خطاباته، وكانت من أولويات برنامجه الحكومي".

وبين خشان أن "تراجع الكاظمي، بهذا الملف، بسبب الضغوطات السياسية أو حتى الخارجية، سيثبت فشله في إدارة هذا الملف، ففشله فيه يعني أنه سيكون فاشلا في باقي الملفات المهمة، ولهذا ننتظر ونرى ما سيحصل خلال الفترة المقبلة، لكي تتضح الصورة بشكل أوضح بنجاح أو فشل الكاظمي في امتحانه الأول".

دلالات
المساهمون