وفد تركي بطرابلس... وموسكو ترحب بدور أميركي لوقف إطلاق النار في ليبيا

17 يونيو 2020
السراج استقبل الوفد التركي بمقر الرئاسة (الأناضول)
+ الخط -
حط وفد تركي رفيع المستوى في العاصمة الليبية طرابلس، اليوم الأربعاء، وسط حراك دبلوماسي متسارع لنزع فتيل تصعيد عسكري جديد في ليبيا. وفيما أكدت موسكو أنها سترحب باستخدام واشنطن نفوذها على أطراف النزاع لوقف إطلاق النار هناك، تواصل باريس تصعيدها ضد أنقرة.

واستقبل رئيس المجلس الرئاسي لحكومة "الوفاق" الليبية فايز السراج، اليوم الأربعاء، الوفد التركي الرفيع بمقر المجلس بالعاصمة الليبية طرابلس، وبحث معه سبل تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين.
وبحسب بيان نشره المكتب الإعلامي للسراج، فقد ضم الوفد التركي كلاً من وزيري الخارجية مولود جاووش أوغلو، والخزينة والمالية براءت ألبيراق، وسفير أنقرة لدى طرابلس سرحان أكسن، ورئيس المخابرات هاكان فيدان، إضافة إلى عدد من كبار مسؤولي الرئاسة والحكومة التركية.
ومن الجانب الليبي، حضر وزراء الخارجية محمد الطاهر سيالة، والداخلية فتحي باشاغا، والمالية فرج امطاري، ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، وسفير ليبيا لدى الاتحاد الأوروبي حافظ قدور، بحسب المصدر نفسه.

وأوضح البيان أنّ الاجتماع تناول مستجدات الأوضاع في ليبيا والجهود الدولية لحل الأزمة الراهنة.

كما تم بحث عدد من ملفات التعاون في مجالات متعددة، في إطار الروابط الوثيقة بين البلدين.
وأشار البيان إلى أنّ الاجتماع تطرق إلى موضوع عودة الشركات التركية لاستكمال أعمالها في ليبيا، إضافة لآليات التعاون والتكامل في مجالات الاستثمار والبنية التحتية والنفط.
وجرى أيضاً توضيح المقاربة التي تعتمدها ليبيا لتطوير مفهوم التنمية، من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
ولفت البيان إلى أنه جرت خلال الاجتماع "متابعة تنفيذ مذكرة التفاهم الأمني والعسكري الموقعة بين البلدين في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، خاصة ما يتعلق بالتعاون في بناء القدرات الدفاعية والأمنية الليبية من خلال برامج التدريب والتأهيل والتجهيز، إضافة إلى المستجدات بشأن مذكرة التفاهم حول تحديد الصلاحيات البحرية".

وتأتي زيارة الوفد التركي وسط دعوات دولية لوقف إطلاق النار واستئناف العملية السياسية، في ظل محاولات تبذلها بعض الدول لمنع قوات حكومة "الوفاق" الليبية من إطلاق عملية عسكرية لاستعادة مدينة سرت (450 كيلومتراً شرق طرابلس)، وقاعدة الجفرة الجوية التي تبعد 650 كيلومتراً إلى الشرق من طرابلس.

كما تأتي وسط أنباء عن سعي تركيا لتعزيز تعاونها العسكري مع حكومة "الوفاق" من خلال نشر قوات في قاعدة الوطية الجوية، غربي البلاد، وفي قاعدة مصراتة البحرية.
وفي الجانب الروسي، أكد وزير الخارجية سيرغي لافروف أن بلاده سترحب باستخدام الولايات المتحدة نفوذها على أطراف النزاع في ليبيا بغية دعم مساعي وقف القتال وإطلاق عملية سياسية في البلاد.
وقال لافروف، اليوم الأربعاء، في معرض تعليقه على الدعوة التي وجهها نظيره التركي مولود جاووش أوغلو إلى الولايات المتحدة، أخيراً، لتفعيل دورها في التسوية الليبية: "إذا نجحت الولايات المتحدة في استخدام نفوذها على أطراف النزاع الليبي بهدف دعم جهود روسيا وغيرها من اللاعبين الخارجيين الذين يدعون إلى الوقف الفوري لإطلاق النار، فإنني أعتقد أن هذا الأمر سيكون إيجابياً جداً. لنر".

وأكد لافروف، في مؤتمر صحافي، وفق ما أوردته وكالة "ريا نوفوستي"، أن "أي خطوة بناءة في سبيل احتواء الأزمات في ليبيا وسورية وفي أي مكان آخر مرحب بها"، مقراً في الوقت نفسه بعدم معرفته بماهية الخطوات التي بإمكان الولايات المتحدة اتخاذها بغية دفع التسوية الليبية إلى الأمام.
ولفت الوزير الروسي إلى أن الولايات المتحدة كانت بين المشاركين في مؤتمر برلين الدولي بشأن التسوية الليبية، ووقعت على قرار مجلس الأمن الدولي الذي أيد مخرجات ذلك المؤتمر، مشيراً إلى أن واشنطن تؤكد اعترافها بحكومة "الوفاق" الليبية التي تتخذ من طرابلس مقراً لها، وهي أحد طرفي النزاع.

وحققت قوات "الوفاق" المعترف بها دولياً، أخيراً، انتصارات أبرزها تحرير كامل الحدود الإدارية لطرابلس، ومدينة ترهونة، وكامل مدن الساحل الغربي، وقاعدة الوطية الجوية، وبلدات بالجبل الغربي.

وشنّت مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بدعم من دول عربية وأوروبية، عدواناً على طرابلس، ابتداء من 4 إبريل/ نيسان 2019، ما أسقط قتلى وجرحى بين المدنيين، بجانب دمار مادي واسع.
إلى ذلك، تواصل باريس تصعيدها ضد أنقرة، حيث قال مسؤول بوزارة الدفاع الفرنسية، اليوم الأربعاء، إنه "ينبغي لحلف شمال الأطلسي ألا يدفن رأسه في الرمال في ما يتعلق بتصرفات تركيا الأخيرة تجاه أعضائه"، واتهم البحرية التركية بـ"التحرش" بسفينة حربية فرنسية تنفذ مهمة للحلف، بحسب ما نقلت عنه وكالة "رويترز".
ونفى مسؤول تركي من جهته، لوكالة "رويترز"، الاتهام قائلاً "لم يحدث شيء من هذا القبيل".

ومن المقرر أن يعقد وزراء الدفاع من الدول الأعضاء في الحلف اجتماعاً افتراضياً، هذا الأسبوع، وسط تصاعد للتوتر بين باريس وأنقرة. وتبادل الطرفان الانتقادات بشأن الأزمة في ليبيا، كما تبادلا الاتهامات بشأن دعم أطراف مختلفة في الصراع الليبي.

وقال المسؤول في وزارة الدفاع الفرنسية، الذي تحدث قبيل الاجتماع، إنّ "الوقت قد حان لأن يجري الحلف نقاشاً صريحاً بشأن تركيا وتصرفاتها، ليس فقط في ليبيا ولكن هناك قضايا أخرى مثل شرائها منظومة (إس-400) الدفاعية الروسية وتعطيلها خطط الحلف الدفاعية لمنطقة البلقان وبولندا".
وقبل ذلك، صعدت باريس موقفها تجاه "التصرفات" التركية في ليبيا، واصفة إياها بـ"غير المقبولة"، ومؤكدة أن "فرنسا لا يمكنها السماح بذلك"، وفق ما صدر عن الإليزيه.
ورفضت تركيا بشدة الانتقادات التي وجهتها إليها فرنسا على خلفية دعم أنقرة لحكومة "الوفاق" الليبية، متّهمة باريس بأنها "تعوق السلام" بمساندتها المعسكر المقابل.

المساهمون