تونس: أزمة كورونا تطيح عدداً من المسؤولين المحليين

23 ابريل 2020
تتالت إعفاءات مسؤولين محليين من مهامهم في تونس(ناصر تليل/الأناضول)
+ الخط -
تتالت إعفاءات مسؤولين محليين من مهامهم في تونس في الفترة الأخيرة، إذ يبدو أن طريقة تعاملهم مع الأوضاع في مناطقهم وسوء إدارتهم لأزمة كورونا من الأسباب التي عجلت بإقالتهم، وقد يكون بعضهم فشل في السيطرة على الأوضاع في منطقته، فيما ثبت تقصير البعض الآخر أو سوء تصرفه في مواجهة الأزمة، وحتى في توزيع بعض المساعدات الاجتماعية التي أقرّتها الدولة.

وتشير تسريبات إلى إمكانية الإعلان عن عدد من الإقالات الجديدة في الأيام القليلة المقبلة، قد تشمل بعض المحافظين والمعتمدين (المعتمد هو المسؤول الأول عن منطقته التي تضم عدداً من المدن). وقرّر وزير الداخلية هشام المشيشي، أخيراً، إعفاء أربعة معتمدين من مهامهم، وهم المعتمد الأول بقلعة سنان من ولاية الكاف، شمال غرب تونس، رياض بن سالم، ومعتمد المنيهلة من ولاية منوبة بتونس العاصمة، عماد فرحات، ومعتمد ولاية سوسة وسيم السبيعي، ومعتمدة زرمدين من ولاية المنستير بالوسط التونسي، هندة بن خذر، بحسب بلاغ لوزارة الداخلية.

وخلال شهر إبريل/نيسان، تمّ الإعلان أيضاً عن إعفاء 3 معتمدين من مهامهم، وهم: أيمن البوهلالي، المعتمد الأول بولاية الكاف، شمال غرب تونس، ومحمد الباجي معتمد دوارهيشر من ولاية منوبة، وجلال جبيرة معتمد مكثر من ولاية سليانة، كما أعلنت وزارة الداخلية إعفاء محافظ سوسة عادل الشليوي، وتعيين والية منوبة رجاء الطرابلسي خلفاً له.

وكشفت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد عن أنه تم تسجيل انحراف بالسلطة واستغلال للنفوذ، حيث إن بعض الجهات الإداريّة المسؤولة، على غرار العمد (مسؤولون في الأحياء) والمعتمدين، ارتكبت تجاوزات تتعلق بالتراخيص الاستثنائّية للتجول، وبقوائم المنح الاستثنائيّة، وتم منحها عن طريق المحاباة أو قبول مبالغ مالية بين 10 و20 ديناراً من المواطنين.

وأوضح بيان للهيئة بتاريخ 18 إبريل، أنها تلقت إشعاراً يتعلّق بالتبليغ عن شبهة احتكار معتمد بولاية القيروان مادة السميد (الدقيق) المدعم، حيث يقوم المبلّغ عنه بالتنقل ليلاً بالسيارة الإدارية للتزود بالسميد من طرف شركة لبيع المواد الغذائية بالجملة.

وأكدت الهيئة أنها تلقت أيضاً إشعاراً يتعلّق بالتبليغ عن شبهة تلاعب عمدة بمحافظة نابل بقائمة المنتفعين من الإعانات الاجتماعية، وإسناد المنح لغير مستحقيها، مشيرة إلى وجود شبهة استيلاء عمدة منطقة بولاية سيدي بوزيد على 30 طناً من مادّة الشعير المخصّصة للتوزيع على صغار الفلاحين بالمنطقة.

وقال المحلّل السياسي قاسم الغربي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إنّ الإقالات تأتي بعد تقييم أداء هؤلاء المسؤولين المحليين في إدارة الأزمة، وإن أداء بعضهم كان سلبياً، والبعض الآخر يمكن إدراج أدائهم ضمن الحدّ الأدنى المطلوب، مبيناً أن هذا الأمر يدفعنا إلى إعادة النظر في مقاييس اختيار بعض المسؤولين المحليين منذ البداية. وتابع الغربي أن الإدارة المركزية والجهاز التنفيذي بدآ يتفاعلان مع الواقع الجديد لتونس، ففي السابق لم نكن نسمع عن الإقالات والتجاوزات الحاصلة وأسبابها، وما يحصل الآن مؤشر إيجابي على أن الإدارة المركزية بدأت تتفاعل مع ما يفرضه الواقع من إصلاحات.

وبيّن المتحدث أن الروح الإيجابية في التعامل مع الواقع لا يجب أن تتوقف في حدود تقييم أداء بعض المعتمدين أو العمد، بل يجب أن تشمل جلّ القطاعات التي يمكن أن يوجد فيها خلل، فالتغيير لا يكون لمجرد التغيير بل للإصلاح، وهذا مهم لمستقبل الحكم المحلي في تونس.

ولاحظ الغربي أنّه في الأوضاع العادية ما كان يمكن اكتشاف التقصير، ولا الكشف عن الأشخاص السيئين، ولكن في الأزمات تظهر الأعمال الإيجابية والسلبية أيضاً، مؤكداً أن تحدي كورونا لا بد أن نحوّله إلى فرصة حقيقية للإصلاح، ورسم التوجهات والسياسات الصحيحة.
المساهمون