فيضانات عدن تفتح "معركة سياسية" بين حلفاء الإمارات والسعودية

22 ابريل 2020
الفيضانات تتحول إلى موضوع للتراشق (صالح العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -

فتحت الفيضانات التي ضربت مدينة عدن اليمنية، أمس الثلاثاء، وأسفرت عن مصرع 10 أشخاص على الأقل، "معركة سياسية" بين "المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم إماراتيا، والسعودية التي تدير الأوضاع في العاصمة المؤقتة من جهة، ومع الحكومة الشرعية من جهة أخرى.
ورغم تحكّمه في عدن إثر التمرد المسلح الذي قاده في أغسطس/آب الماضي، والذي انتهى بطرد الحكومة اليمنية من عدن، إلا أن "الانتقالي" المدعوم إماراتيا، تنصّل من مسؤولياته أمام سكان عدن في أعقاب المنخفض الجوي الذي تسبب في فيضانات جرفت المئات من السيارات والمنازل الشعبية، متهماً الشرعية بالوقوف في موقف المتفرج وعدم تحمّل مسؤولياتها.
وشن قادة بارزون في "الانتقالي"، هجوما على السعودية التي تتزعم التحالف العسكري المؤيد للشرعية بعد انتزاعها للمرافق التي تدرّ مداخيل مالية من أيديهم، واعتبروا أن ترك المجلس يواجه الكارثة بمفرده هو "حرب بأساليب قذرة"، وفقا لتعبير عضو هيئة الرئاسة، سالم العولقي.
وكتب العولقي، في تغريدة على "تويتر"، "في أغسطس 2019، استلمت لجنة التحالف العربي المصافي والميناء والبنك المركزي في عدن من المجلس الانتقالي الجنوبي، وأعاد التحالف حكومة الشرعية لاحقا إلى عدن ومكّنها من كل الموارد"، قبل أن يضيف "ما تشهده عدن وصمة عار في جبين التحالف والشرعية، ولا يظن أحد أنه يحارب المجلس الانتقالي بهذه الأساليب القذرة".


واتهم القيادي الانفصالي، الشرعية، بعرقلة تنفيذ اتفاق الرياض ونهب موارد عدن وشبوة وحضرموت للتحشيد بها عسكريا في أبين، لافتا إلى أنه عندما يتعلق الأمر بالخدمات، تُحمّل المسؤولية للمجلس الانتقالي، متوعدا إياهم بأنهم "لن يمروا".
ولم يتوقف الأمر عند قادة الصف الأول، حيث نشر ناشطون مقطعا متلفزا لسيدة من عدن، تطالب فيها السعودية بالرحيل فورا من عدن، إذا لم تصنع شيئا حيال كارثة الفيضانات التي ضربت المدينة.
وقالت السيدة التي ظهر بجوارها مسلحون اختتموا المقطع بترديد شعارات الصرخة الإيرانية الخاصة بالحوثيين "إذا لم يصنعوا شيئا لهذه الكارثة فعليهم المغادرة.. لا نريد أحدا".
وأضافت "السعودية تراهن على الشرعية وهي غير موجودة، المجلس الانتقالي من يتواجد على الأرض، على الشرعية أيضا أن ترحل إذا لم تصنع شيئا، وعدن للعدنيين".
وفي المقابل، خرج السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، للتصدي لتلك الحملة، وقال في تغريدة على "تويتر"، إن بلاده "تشاطر الأشقاء في اليمن، خاصة في عدن، مواجهة كل التحديات، ومنها كارثة الأمطار، ونقف دومًا بالأفعال إلى جانبهم"، في إشارة على ما يبدو إلى أن "الانتقالي" يحكم بالأقوال فقط.

واستغل الدبلوماسي السعودي الذي يُتهم بإدارة الحكومة الشرعية بشكل شبه كامل، الكارثة، للمطالبة بتنفيذ اتفاق الرياض الذي رعته بلاده في أعقاب اضطرابات أغسطس/آب الماضي، وأشار إلى أن تنفيذه "سيوحّد الجهود والصفوف، للتغلب على جميع التحديات الإنسانية والاقتصادية والأمنية وتقديم الخدمات للشعب اليمني".
ونشر آل جابر لقطات مصورة لقائد القوات السعودية في عدن، مجاهد العتيبي، وهو يتفقد أضرار الفيضانات في شوارع المدينة، بالإضافة إلى آليات سعودية وهي تقوم بشق الطرقات وشفط مياه الأمطار التي ما زالت تحاصر الأحياء السكنية بعد يوم من المنخفض الجوي.
وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، والمقرب من السفير السعودي، ظهر من جانب الشرعية لمشاطرة أبناء عدن جراء كارثة السيول، ودعا في تغريدة على "تويتر"، إلى "تكاتف جميع الجهود لمواجهة الخطر المحدق بالمدينة مع توقعات باستمرار هطول الأمطار، والابتعاد عن المهاترات الإعلامية والمشاركة في خدمة الناس والتخفيف من معاناتهم".


وعلى الرغم من اتهامها بالتقاعس إزاء ما تعرضت له عدن، إلا أن الحكومة الشرعية استنفرت ما تبقى من كوادرها في عدن، وكشفت عن اعتماد مليار ريال يمني (نحو مليون ونصف دولار) لتحسين أداء البنية التحتية ومسار السيول، فضلا عن مبلغ مماثل تم إيداعه في حساب السلطة المحلية في عدن قبل شهرين وتم تخصيصه للمهمة ذاتها، وفقا لوكالة "سبأ" الرسمية.
كما أصدر الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، توجيهات هي الثانية خلال 24 ساعة، بضرورة تفعيل عمل اللجان الميدانية المعنية بالإغاثة والإنقاذ والإسعاف والإيواء والحصر والمواساة لكل الضحايا، وعمل رؤية استراتيجية تتضمن معالجات لتفادي أضرار السيول والكوارث، كما جدد مطالبته بـ"محاسبة المقصّرين".
وتأمل الشرعية أن تؤدي كارثة الفيضانات إلى إجبار "المجلس الانتقالي" إلى القبول بتنفيذ اتفاق الرياض الذي تم توقيعه بينهم برعاية سعودية، مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وتطابقت تعليقات عدد من قياداتها في تلك الرؤية.
وأشار رئيس الحكومة، معين عبد الملك، في تغريدة على تويتر، إلى أن "الشلل الذي طاول مؤسسات وأجهزة الدولة منذ أحداث أغسطس، يضعف قدرتها ويفاقم العجز في فعالية مواجهة ظروف طارئة مثل هذه"، لافتا إلى أنه "لا حل إلا بتطبيق سريع لاتفاق الرياض بكامل بنوده، ولا حل إلا بالالتفاف حول الدولة وتمكينها من القيام بمسؤولياتها".


من جهته، شدد السفير البريطاني لدى اليمن، ميشيل آرون، على أن "المآسي الناجمة عن هذه الفيضانات، توضح أهمية تنفيذ اتفاق الرياض وإتاحة عودة رئيس الوزراء وحكومته إلى عدن، مما يساعد على استعادة الخدمات وتخفيف آثار الكارثة"، وفقا لتغريدة نشرها على "تويتر".


والتقط "المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم إماراتيا تلك الدعوات، وطالب في بيان صادر مساء اليوم الأربعاء، بـ"حل سياسي دائم وعادل للصراع في اليمن"، كما أعلن "حالة الطوارئ" في عدن.
وفيما تجنّب الإشارة بشكل صريح إلى اتفاق الرياض، دعا "الانتقالي" لأن تكون ما وصفها بـ"الأحداث المأساوية في عدن"، دعوة للاستيقاظ، وقال إن "أية تسوية تفاوضية يجب أن تشمل الجنوب، وأن النهج السياسي الشامل والشامل حقًا، هو الذي سيوفر صفقة يمكنها تلبية الاحتياجات الحادة على الأرض، بما في ذلك الإنسانية والاقتصادية والأمنية".




ولم يكشف "الانتقالي" عن طبيعة تلك الصفقة، لكن أشار إلى الحاجة لـ"تهيئة الظروف للحكم الرشيد حتى يكون بالإمكان إدارة الأزمات المستقبلية، والتي لن تتحقق سوى بحل للصراع في اليمن بشكل عام". 

وشن "الانتقالي" في بيانه، هجوما على الحكومة الشرعية جراء "غيابها عن عدن"، واعتبر نقص الخدمات والمواد الغذائية والأدوية عن مدن الجنوب، بأنه "عقاب حكومي أصبح سلوكا منذ عقود، لكنه لم يعد يُتحمل الآن".

المساهمون