وقال مصدر في الأمن العام إن هناك العديد من المآخذ التي تم تسجيلها على أداء الشرطة في إدارة حظر التجول الجزئي حتى الآن. وأوضح أنه رغم اعتماد سياسة التواجد المكثف في الشوارع، وإقامة كمائن ثابتة ومتحركة في معظم المدن بجميع المحافظات، وضبط مئات وقائع خرق تجول أو ممارسة الأنشطة المحظورة وفتح المحال واجبة الإغلاق، إلا أن هناك العديد من المناطق التي لم يتم تنفيذ حظر التجول فيها من الأساس، بل تم الاكتفاء بغلق بعض المحال، وعجزت الشرطة عن وقف أنشطة التجمع بها، وعلى رأسها المناطق الريفية بمحافظات الصعيد، وضواحي الجيزة والقليوبية.
وأضاف المصدر، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن بعض المناطق في الجيزة والفيوم والمنيا وقنا شهدت إقامة أفراح وسرادق عزاء كبيرة خلال أيام حظر التجول، بسبب تراخي الشرطة المحلية في تلك المناطق وتواطؤها. وتمت إحالة بعض أمناء الشرطة للتحقيق في اتهامات بتورطهم في التستر على بعض الممارسات، لكن بشكل عام "لا توجد وسيلة محكمة للسيطرة على هذه الظواهر".
وأوضح المصدر أن هناك قيادات في وزارة الداخلية تعتقد أن حظر التجول الجزئي بعض الوقت الساري حالياً، هو الذي يسمح بمثل هذه الخروقات، نتيجة عدم شعور المواطنين بخطورة الموقف بشكل كامل. وقال إن "فئات عديدة تمارس أنشطتها في المساء بصورة طبيعية في المناطق الأقل تحضراً، ويتساءلون عن سبب التمييز بين النهار والليل"، وهذا الأمر يدفع بعض القيادات لمطالبة وزير الداخلية اللواء محمود توفيق بتكثيف الضغط على الشخصيات التي بيدها القرار لفرض حظر شامل، واتخاذ إجراءات أكثر صرامة بشأن العمل في القطاع الخاص، على أمل التغلب على حالة الإهمال الشائعة في الشارع المصري.
لكن فرض الحظر الكامل طوال اليوم، أو زيادة ساعات الحظر ووقف وسائل المواصلات، والذي تدعو بعض الدوائر داخل الدولة لتطبيقه من الأسبوع الحالي، سواء وصلت مصر للألف حالة أم لم تصل، يتطلب بداية اتخاذ إجراءات اقتصادية واسعة لتوفير السلع الغذائية وتأمين السيولة المالية في ماكينات الصرف، وغيرها من التدابير التي تعجز الحكومة عن تحقيقها حتى الآن. ويسري حظر التجول المفروض حالياً من السابعة مساء وحتى السادسة صباحاً، وبموجبه تُغلق جميع المحال التجارية من الخامسة مساء، وتقفل جميع المطاعم وأماكن التجمع والترفيه، طوال اليوم، عدا الصيدليات ومحال البقالة والمستشفيات والمستوصفات. لكن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أصدر قراراً استثنى فيه عدداً إضافياً من أنشطة النقل للسلع والبضائع والحاصلات الزراعية والأدوية والمستلزمات الطبية، حتى لا تشهد السوق قفزة استثنائية للأسعار، إثر رصد الحكومة ارتفاع سعر العديد من السلع الغذائية بعد قرار الحظر بساعات معدودة.
وفي السياق، قالت مصادر في وزارة الصحة إنه بتسجيل حالات وفاة إضافية، منهم أول طبيب كان متصلاً بحالة إصابة سابقة توفيت، وأول سيدة تحت 40 سنة، يبلغ العدد الإجمالي للوفيات 46 من 710 إصابات مسجلة، ووصلت نسبة الوفيات إلى 6.4 في المائة من المصابين، وهي نسبة مرتفعة قياساً بالعدد المسجل، الذي ما زال منخفضاً وفقاً لتقديرات منظمة الصحة العالمية. وأوضحت المصادر أن الغالبية العظمى من حالات الوفاة المسجلة، الأسبوع الماضي، هي لأشخاص لم يتلقوا العلاج بشكل كامل داخل مستشفيات العزل، فإما توفوا قبل نقلهم، أو بعد ذلك بساعات معدودة، ما يعطي بعض المؤشرات غير الإيجابية بالنسبة للوضع في مصر. المؤشر الأول هو تأخر الحالات في الشكوى والإبلاغ، بل ورفض بعضها الانتقال للعزل أو الخضوع لإجراءات طبية مشددة، وهو ما يعكس أزمة وعي وفشل الحكومة والإعلام المحلي في تغيير الفكر السائد عند فئات عديدة من المجتمع.
والمؤشر الثاني هو ضعف قدرات الوزارة في استكشاف الحالات وعدم الإلمام بجميع حالات المخالطين، بدليل اكتشاف حالات جديدة كل فترة كانت مخالطة لحالات سابقة، وهو ما تفسره المصادر بضعف إمكانات الوزارة لناحية تضييق دائرة الاشتباه وعدم توسيعها، ولذلك صدرت تعليمات من الوزارة، أمس الأول، بقصر التحاليل على المخالطين الذين تظهر عليهم الأعراض. والمؤشر الثالث هو بطء إجراءات التعامل مع بعض الحالات، سواء لضعف الإمكانات في المستشفيات المحلية والخاصة، أو لعدم استطاعة الأطقم الطبية التأكد المبكر من إيجابية الحالات. وفي هذه النقطة، تشير المصادر إلى أن إمكانات المعامل المركزية في القاهرة والأقاليم محدودة للغاية، وأنه لا يُتصور إخراج نتائج لتحاليل "بي سي آر" (pcr) دقيقة لأكثر من 100 شخص يومياً، وبالتالي فإن إمكانات الكشف المباشر ليبدأ تنفيذ بروتوكول العلاج ما زالت محدودة.
وحصل القطاع الصحي على ما يقرب من 4 مليارات جنيه (نحو 254 مليون دولار)، منذ بدء الأزمة من الخزانة العامة للدولة، سيتم استهلاك قسم كبير منها للبدلات والأجور الإضافية للأطباء والممرضين المنخرطين في فرق التصدي للعدوى، إلى جانب المواد والأدوات والأدوية والأجهزة. وقرر رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، قبل أيام، زيادة بدل المهن الطبية لجميع الأطقم الطبية بنسبة 75 في المائة بقيمة إجمالية تبلغ 2.25 مليار جنيه، لكن هذا يعني زيادة الرواتب بقيمة تتراوح ما بين 250 و525 جنيها فقط شهرياً (بين 16 دولاراً و32 دولاراً تقريباً)، حسب الحالة والمهنة، وهو ما أثار حالة واسعة من السخط في أوساط الأطباء وأعضاء مجلس نقابتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث جددوا مطالبتهم بضرورة زيادة بدلي العدوى وطبيعة العمل اللذين يتقاضاهما الأطباء الآن بقيمة لا تزيد على 50 جنيها شهرياً.