قلبت الطائرات المسيَّرة، أو كما تعرف بالقوة الضاربة التركية، سير المعارك في إدلب لمصلحة المعارضة السورية والمدنيين، ما جعلها في واجهة الأحداث وتحت أضواء الإعلام. فما هي هذه القوة، وما أبرز ميزاتها وصفاتها؟
بدايةً، تمتلك تركيا نوعين من الطائرات المسيَّرة: النوع الأول يُعرف بطائرات المراقبة "IHA"، وأما النوع الثاني، فهو الطائرات المسلّحة، وتعرف بـ"SİHA".
واعتمدت أنقرة قبلاً على هذه الطائرات لمراقبة "حزب العمال الكردستاني" و"وحدات حماية الشعب الكردية". وأخيراً، أدخلتها تركيا في حربها على تنظيم "داعش" والمنظمات الإرهابية، وكان لها دور كبير في تحديد المواقع وإصابة الأهداف بدقة.
ويعود تطوير هذه الأسلحة الفعالة إلى رغبة تركيا في تجاوز الحظر الذي فرضته عليها الولايات المتحدة الأميركية قبل أكثر من 10 سنوات، ونجحت بإنتاجها محلياً عبر شركات حكومية وأخرى مقربة من الحزب الحاكم.
منذ أكثر من 10 أعوام لمع اسم شركة اسيلسان الحكومية، وشركة بيرقدار المملوكة لصهر الرئيس رجب طيب أردوغان، في سماء إنتاج هذه المسيرات، ومن ثم تصديرها وبيعها للدول المهتمة.
الميزات
لهذه الطائرات ميزات عدّة، أبرزها القدرة على التخفي من الرادارات، ودقة إصابة الهدف، وتحركها مع بعض كسرب فعال.
ومن الناحية التقنية يمكن أن يصل ارتفاعها إلى 24 ألف قدم، ويمكنها أن تبقى في الجو 24 ساعة، ويمكن الاتصال بها لمسافة تصل إلى 150 كيلومتراً.
ومن أبرز ميزاتها أيضاً، أنها يمكن التحكم بها أوتوماتيكياً، وتتمتع بنظام الطيار التلقائي الذي يخولها الهبوط والإقلاع تلقائياً، وتملك أيضاً حساسات خاصة تغنيها عن الاعتماد على تطبيقات "جي بي اس" في إطلاق الصواريخ وإصابة الأهداف المتحركة.
المواصفات
يبلغ وزن الطائرات المسيّرة مع الحمولة المنفجرة 630 كيلوغراماً. أما طولها، فيصل إلى 6.5 أمتار، بينما يصل عرض الجناحين إلى 12 متراً، وهي تعتمد على وقود البنزين.
تغيير سير المعارك
ويرى العقيد حسن حمادة مرعي الحمادة، وهو طيار منشق عن سلاح الجو التابع للنظام، ونائب وزير الدفاع لـ"الجيش الوطني السوري" التابع للحكومة السورية المؤقتة، أنّ "من الطبيعي أن يتمكن الطيران التركي المسيّر من تغيير قواعد المعركة على الأرض بعد تدخله، أخيراً، ضمن معارك إدلب ومحيطها".
ويوضح الحمادة، أنه "خلال السنوات التسع الماضية كان جيش النظام يتحرك بسهولة، ويسيّر الأرتال لتعزيز الجبهات ودعمها بقوات إضافية وتزويدها بالعتاد دون أي اعتراض أو مراقبة من الجو، ومن خلال تدخل الطيران التركي المسيَّر، جرى التقليل أو التحييد لهذه الناحية".
ويلفت إلى أن "الطائرات التركية بضربها لتلك الأرتال خلقت مشكلة وفراغاً لدى النظام، لجهة طرق الإمداد، بالإضافة إلى استهداف مراكز قيادية وغرف العمليات التي تدير الجبهات، وبالتالي أحدث ذلك مشكلة بالتواصل والسيطرة على الجبهات".
ويضيف: "كذلك استهدفت المسيرات المطارات، ومنها مطارا كويرس والنيرب العسكريان"، مبيناً أن "جميع هذه العوامل أدت إلى شلل وثُغَر بين المواقع الخلفية للنظام وخطوط الجبهات، وتحول إيجابياً لمصلحة المعارضة".
ويشيد الحمادة، بفعالية الطيران التركي المسيَّر من خلال التعاطي مع أهداف عدّة في وقت واحد، موضحاً أنه "خلال ساعات قليلة دُمِّر العديد من مواقع قوات النظام في أماكن مختلفة، ما رجّح كفة ميزان المعركة".
وحول إذا ما كانت الدفاعات الروسية تستطيع مقاومة الطيران التركي المسيَّر والحد من قدراته، يشير الحمادة إلى أنه "أثبتت التجارب في سورية فشل جميع الصناعات العسكرية الروسية، بما فيها الحديثة، ونجاح الصناعات العسكرية الغربية، رغم قدمها، وأكبر مثال صواريخ (التاو) المضادة للدروع".
Twitter Post
|
وأظهرت مشاهد مصوّرة بثتها وسائل إعلام تركية، نجاح مسيَّرة تركية في تدمير منظومة دفاع جوي روسية من نوع Pantsir، بعد فشل المنظومة برصدها.
وتعليقاً على المشاهد، قال نائب وزير الدفاع في الجيش الحر، إنه "رغم أن الرادار في منظومة Pantsir التي دمرها الطيران التركي المسيَّر كان يعمل كما يظهر في الفيديو، إلا أنه لم يستطع التقاط الطائرة، وبالتالي دُمِّرَت إحدى قواعد المنظومة".
ويضيف: "حتى لو أراد الروس التعامل مع المسيَّرات التركية من خلال صواريخ (إس 300) أو (إس 400)، فهي خسارة بالميزان العسكري، فتكلفة مثل هذه الصواريخ مرتفعة جداً، ولا تطلق إلا على أهداف ثمينة، أما إطلاقه على طائرة مسيَّرة، فيعد أمراً غير متكافئ من حيث التكاليف، مقارنةً بين الصاروخ والمسيَّرة، وبالتالي هو أمر مستبعد".
أما عن استفادة قوات المعارضة السورية من تدخل المسيَّرات التركية بالإسناد خلال العمليات الدائرة، فيرى العقيد الحمادة، أنه "أصبحت هناك معنويات عالية ضمن صفوف المعارضة، بالإضافة إلى قدرة الإسناد التي حققتها أمام تقدم المقاتلين من خلال تدمير الأهداف في العمق وعلى خطوط القتال، بالإضافة إلى المشاركة البرية من الجيش التركي كذلك، ما أدى إلى استعادة العديد من المناطق والمواقع بسرعة كبيرة".
ويضيف: "كذلك إن استخدام القوة الصاروخية البعيدة المدى للجيش التركي وسلاح المدفعية أيضاً، إلى جانب الطيران المسيَّر، كان له دور كبير في تقدم المعارضة على الأرض".