مجزرة النجف برعاية التيار الصدري: مخاوف من تمدد الاعتداءات

07 فبراير 2020
من المتوقع أن تشهد النجف تظاهرات حاشدة(أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -


بالتزامن مع عودة مشاهد التحشيد العسكري لقوات الجيش وأفواج الطوارئ في بغداد ومدن جنوب ووسط العراق مجدداً، كما كانت عليه قبل الإعلان عن قبول استقالة حكومة عادل عبد المهدي أواخر العام الماضي، تترقب ساحات وميادين التظاهرات العراقية خلال الساعات القليلة المقبلة خروج تظاهرات حاشدة دعا إليها ناشطون ولجان تنسيقيات مختلفة، تحت عنوان "مليونية النجف"، وذلك في رد على الهجوم الدامي الذي تعرض له المتظاهرون في ساحة الصدرين بمدينة النجف، ليل الأربعاء ـ الخميس، وراح ضحيتها في حصيلة أولية 12 قتيلاً ونحو 140 جريحاً. وهدد رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي، بالاستقالة احتجاجاً على الاعتداءات، معتبراً أن هذه "الممارسات تضعنا في زاوية حرجة، لا يمكن حينها الاستمرار بالمهمة الموكلة إلينا مع استمرار ما يتعرض له الشباب".

ووسط مخاوف جدية من تكرار اعتداء النجف بمحافظات أخرى جنوبية، مع اندلاع مواجهات بين متظاهري كربلاء وأتباع مقتدى الصدر خلال محاولتهم اقتحام ساحة الاعتصام وتسجيل إطلاق نار وسقوط جرحى، بحسب وسائل إعلام عراقية، حمّل ناشطون قادة الشرطة في مدنهم مسؤولية أي هجوم يتعرّضون له، مطالبين إياهم بتوضيح موقفهم من هجمات المليشيات في حال كانوا عاجزين عن حمايتهم، حتى يتكفلوا بحماية أنفسهم. وكشفت مصادر لـ"العربي الجديد"، معلومات بشأن اتصالات أجرتها أطراف عدة في بغداد والنجف، بينهم عبد المهدي والرئيس برهم صالح، مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، لسحب أتباعه ووقف تعرضهم للمتظاهرين. وقال مسؤول في مكتب صالح، لـ"العربي الجديد"، إن اتصالات مكثفة أجريت لإقناع الصدر بترك ملف التظاهرات بعد وقوع مجزرة النجف. وأشار إلى أن المتهم الأول بالجريمة هم أشخاص مقرّبون من الصدر، تحدث سكان النجف وشهود عيان عن أنهم أعطوا أوامر بفتح النار على المتظاهرين في ساحة الصدرين، وسط المدينة، بعد مشادات وتلاسن تحولت إلى قذف بالحجارة ثم ضرب بالعصي، بسبب هتاف المتظاهرين بشعارات اعتبرت ضد الصدر أو مسيئة له، لتتطور في ما بعد إلى فتح النار عليهم وقتلهم.

وأضاف أن الشرطة في النجف ذكرت أيضاً أن الجناة الذين يقفون وراء الواقعة الدامية هم من التيار الصدري، متحدثاً في الوقت ذاته عن "جهات أخرى تريد جر العراق إلى حفرة عنف كبيرة لا مخرج منها". وأشار إلى أن الاتصالات والضغوط لم تسفر حتى الآن عن بوادر تبشر بأن الصدر وأتباعه سينأون بأنفسهم على أقل تقدير عن موضوع التظاهرات الشعبية.


في غضون ذلك، تحدثت مصادر في البرلمان عن معلومات حول نية واشنطن، التي أصدرت بياناً شديد اللهجة بشأن اعتداءات النجف، فرض عقوبات على مساعدين للصدر بتهمة ارتكاب انتهاكات ضد حقوق الإنسان وقمع التظاهرات، على غرار العقوبات التي فرضتها على أربع شخصيات عراقية نهاية العام الماضي للسبب نفسه. وتتداول أسماء خمسة من تلك القيادات: كاظم العيساوي الملقب بأبو دعاء العيساوي، وهو المسؤول العسكري للتيار الصدري، بالإضافة إلى الشيخ إبراهيم الجابري، ومصطفى اليعقوبي وحسن العذاري، ومحمود الجياشي مسؤول التوجيه العقائدي والفتاوى بالتيار الصدري.

من جانبه، قال النائب باسم خشان، لـ"العربي الجديد"، إن هناك مخاوف ومخاطر حقيقية في الساعات المقبلة من شنّ هجمات على المتظاهرين والمعتصمين في بغداد وباقي المدن الأخرى، خصوصاً بعدما تم كسر ذلك باستهداف النجف وليس أي مدينة أخرى. وأضاف "سيكون هناك ضحايا كثر والمتظاهرون يزدادون بعد كل اعتداء أو قمع يتعرضون له، وعلى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، منع أنصاره من الدخول إلى ساحات الاحتجاج على شكل مجاميع وهتافات حزبية وسياسية، لمنع أي احتكاك أو تصادم، قد تكون الخسائر كبيرة جداً، وهنا هو الذي سيكون المتسبب بهذه الكوارث إذا حصلت".

وأضاف أن "أتباع التيار الصدري يمارسون القوة والعنف المفرط ضد المتظاهرين، من أجل فرض السيطرة على الساحات، كون الصدر هو الذي جاء برئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي، فهم لا يريدون أي معارضة شعبية لتحركات الصدر، وهذا أمر خطير، خصوصاً مع سكوت الحكومة على الجرائم والقتل الذي يقع بحق المتظاهرين". وتوقع أن يكون لـ"مرجعية النجف موقف حازم في خطبة الجمعة، إلى جانب المتظاهرين، وستكون رافضة لعمل العصابات ضد المتظاهرين، كما أنه من المتوقع أن يكون لها موقف رافض لتكليف علاوي، للتأكيد على ضرورة اختيار شخصية غير جدلية".

لكن القيادي في التيار الصدري حاكم الزاملي، وهو أحد أبرز المقربين من مقتدى الصدر، قال لـ"العربي الجديد"، إن "هناك أطرافاً تعمل وفق أجندات من أجل وقوع صدامات بين المتظاهرين وأصحاب القبعات الزرقاء، من أجل إشعال فتنة وزيادة الفوضى، وإنهاء التظاهرات الشعبية. وما حدث في النجف جزء من هذه الفتنة، والصدريون ليس لهم أي علاقة بها"، معتبراً في الوقت ذاته أن وجود التيار الصدري لـ"طرد المندسين والدخلاء والمدفوعين من الخارج في التظاهرات"، من دون تحديد معنى ذلك.

وذكر القيادي في جبهة الإنقاذ أثيل النجيفي، لـ"العربي الجديد"، أن "أبواب الفوضى فتحت في العراق، والأجهزة الأمنية ضعيفة وغير قادرة على إمساك زمام الأمور". وأشار إلى أن "الفصائل المسلحة لديها أجندة سياسية تحاول فرضها بالقوة، والمتظاهرون يحاولون منع هذه الأجندات. في المقابل، فإن أجهزة الدولة عاجزة بين الطرفين، ولا تعرف ماذا تفعل، وهنا نحن ذاهبون إلى فوضى". وتابع: "الخلاص من هذه الفوضى لا تنفعه المرجعية الدينية، إن لم تكن هناك دولة تفرض القانون على الجميع، وما دامت هذه الدولة غير قادرة، فأبواب الفوضى مفتوحة، ونتخوّف من حصول صدامات جديدة وخطيرة كما حصل في النجف وقبلها في مدن أخرى".

في المقابل، اعتبر رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن الضغط الشعبي والنقمة الحالية قد تدفع أنصار التيار الصدري إلى تجنب الاحتكاك بالمتظاهرين. وأضاف أن "خطبة الجمعة سيكون لها تأثير كبير على قضية تكليف محمد توفيق علاوي بتشكيل الحكومة المقبلة، والرفض الشعبي له من المتظاهرين، كما ستكون للمرجعية كلمة حول العنف الذي تعرض له المتظاهرون، التي أعلنت عن رفضها له منذ انطلاق ثورة أكتوبر (تشرين الأول)".