امتحان جديد لعلاوي أمام البرلمان العراقي

01 مارس 2020
على علاوي تمرير حكومته قبل مساء غد الاثنين(مرتضى السوداني/الأناضول)
+ الخط -

قبل يوم واحد من انتهاء المهلة الدستورية لإقرار الحكومة العراقية الجديدة برئاسة محمد توفيق علاوي، يواجه الأخير، اليوم الأحد، امتحاناً جديداً أمام البرلمان، الذي من المقرر أن يعقد جلسة استثنائية أعلن عنها ليلة أول من أمس الجمعة، للتصويت على منح الثقة لحكومة علاوي.

الجلسة البرلمانية التي أُجِّلَت لثلاث مرات إلى الآن، ما زالت مهددة بعدم الانعقاد أو فشل علاوي في الحصول على الثقة، وذلك بسبب خلافات حادة على آلية تشكيل الحكومة الجديدة، والبرنامج الوزاري لعلاوي، وهو ما سعى الأخير إلى تجاوزه في الساعات الماضية، من خلال منح الكتل المعترضة تنازلات واسعة تضمنت سحب ترشيح أكثر من ثلث الوزراء الذين كان قد قدم أسماءهم الخميس الماضي إلى قادة الكتل السياسية، واستبدالهم بآخرين، فضلاً عن تضمين برنامج الحكومة بنوداً وفقرات أخرى تطالب بها القوى السياسية الكردية التي من المقرر أن تعقد اجتماعاً أخيراً في الساعات القليلة المقبلة، قبيل بدء جلسة البرلمان، أملاً في التوصل إلى اتفاق مع رئيس الوزراء المكلف.

وتجاوزت طلبات القوى السياسية الكردية أخيراً موضوع تسميتها الوزراء الأكراد في الحكومة، أو إنفاذ الاتفاقيات المبرمة مع حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، إلى تضمين ملف كركوك والمناطق المتنازع على إدارتها بين أربيل وبغداد، وفقاً لمقرب من علاوي، قال لـ"العربي الجديد"، إنّ الأخير "يواجه طلبات تعجيزية، ويصطدم بعضها باعتراضات كتل في بغداد، كقضية كركوك أو ملف النفط ومسألة موازنة الإقليم".

وتنتهي المهلة الدستورية غداً الاثنين، ويتعيّن على علاوي تمرير حكومته قبل حلول مساء غد، أو أنّ تكليفه تشكيل الحكومة سيعتبر باطلاً، وفقاً للدستور العراقي النافذ في البلاد، الذي حدّد مدة شهر واحد أمام رئيس الوزراء المكلف لتشكيل حكومته والتصويت عليها في البرلمان بأغلبية النصف زائداً واحداً.

الخلافات المحيطة بتشكيل حكومة علاوي، وحدّتها داخل الكتل السياسية، وسرعة تبدلات مواقف قسم منها، يمكن اعتبارها الأولى من نوعها في العراق، منذ سقوط نظام الرئيس الأسبق صدام حسين عام 2003. إذ جرت العادة في الحكومات السابقة على أن يكون هناك اتفاق بعد مفاوضات وتسويات تنهي صورة الحكومة وتفاصيلها قبل التوجه إلى البرلمان، وأقصى ما تصل إليه بعد ذلك هو الخلاف على بعض الوزارات، وليس على كامل الكابينة الوزارية، وكذلك رئيس الوزراء المكلف.

وفي الوقت الذي يصف فيه مراقبون الحالة بأنها جديدة وإيجابية تعيد الحيوية إلى البرلمان، فإنهم يؤكدون أنها إحدى إيجابيات التظاهرات العراقية التي جعلت الشارع فاعلاً وضاغطاً، فضلاً عن تأثيرات غياب مهندس حكومات ما بعد 2003 في العراق، والضاغط على القوى السياسية الرئيسة في البلاد، قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، الذي كان يتدخل ويفرض وصايا وأجندات على أغلب القوى السياسية، بمن فيها العربية السُّنية والكردية.

في السياق، أقرّ قيادي بارز في "التيار الصدري"، ومقرب من زعيمه مقتدى الصدر، الذي يعتبر أبرز الداعمين لحكومة علاوي، بأنّ الأخير "لن يتمكن من تمرير حكومته من دون تنازلات للقوى السياسية"، مضيفاً أنّ "موضوع ولادة حكومة بتصويت طيف واحد لها، وبغياب السُّنة والأكراد والأقليات، سيضعفها دولياً، وحتى داخلياً لن تكون موفقة".

وتابع القيادي في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "علاوي طالب بتقديم مرشحين لبعض الوزارات، على أن تكون له حرية الاختيار من بينهم، من دون فرض أي شخصية عليه، وهذا الحلّ قد يحلّ الأزمة التي وصلت إلى طرق مسدودة، ويبقى التعويل في هذا الشأن على الساعات القليلة الباقية".

ولفت القيادي نفسه إلى أنه "على الرغم من تقديم علاوي بعض التنازلات لبعض القوى السياسية الكردية والعربية السنية، إلا أنّ حصوله على ثقة البرلمان ما زال أمراً صعباً، فهناك اعتراضات وتحفظات وصلت إلى شخصية رئيس الوزراء المكلف نفسه". واعتبر أنّ "غياب قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، أثّر كثيراً في توحيد الموقف السياسي من ناحية عودة التفكير بالمصلحة الكتلوية أو الحزبية لكل جهة سياسية، فسليماني كان ضاغطاً ومسيطراً على مثل تلك المصالح الضيقة بمثل تلك الملفات الحساسة".

من جهته، قال النائب عن تحالف "الفتح"، حنين قدو، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "علاوي تسلّم رسائل صريحة وواضحة، بأنه لن يحصل على ثقة البرلمان في جلسة يوم (أمس) السبت، ولهذا طلب تأجيل عقدها إلى اليوم الأحد". وأوضح أنّ "علاوي يسعى بذلك التأجيل إلى الحصول على مزيد من الوقت، لغرض التفاهم مع القوى السنية والكردية والتحاور معها، لضمان أن تصوّت له، أو تدخل البرلمان وتحقق النصاب القانوني، فمن دون وجود هذا التوافق، هناك صعوبة في منح الثقة لعلاوي وحكومته".

وأضاف قدو أنّ "جلسة اليوم الأحد، ستكون حاسمة، وفي حال فشلها، سيكون هناك بحث جدي عن بديل لعلاوي". لكنه لفت إلى أنّ "فشل البرلمان بمنح الثقة للحكومة، ستترتب عنه نتائج سلبية كبيرة على العملية السياسية في البلاد، وكذلك سيكون له نتائج على الشارع العراقي، الذي يتظاهر منذ أكثر من خمسة أشهر".

دستورياً، على الرغم من اختلاف التفسيرات بين القانونيين وخبراء الدستور، رأى الخبير القانوني العراقي، علي التميمي، أنّ رئيس الجمهورية برهم صالح، سيتولى منصب رئاسة الحكومة الجديدة، إذا أخفق رئيس الوزراء المكلف، محمد توفيق علاوي، بكسب ثقة البرلمان خلال جلسة التصويت اليوم.

وأوضح التميمي في بيان له أخيراً، أنه إذا لم يصوّت البرلمان لعلاوي ولم يمنحه الثقة وترك فعلاً عبد المهدي المنصب، فمن حق رئيس الجمهورية أن يقوم مقام عبد المهدي في تولي منصب رئاسة الوزراء، مضيفاً أنّ النصّ الذي يحكم ذلك وفق المادة 81 من الدستور، جاء مطلقاً، أي من دون تحديد مدة لتولي رئيس الجمهورية للمنصب، ومن دون تحديد الصلاحيات له، على أن يكلّف الأخير مرشحاً آخر وجديداً لرئاسة الوزراء خلال 15 يوماً من تاريخ خلوّ المنصب.

ولفت التميمي إلى صلاحية المحكمة الاتحادية في تفسير النصوص الدستورية، وخصوصاً المواد 76 و81 من الدستور العراقي، التي تتناول حالات تولي رئيس الجمهورية منصب رئاسة الوزراء مؤقتاً.

المساهمون