النظام السوري والوصول إلى حافة الكارثة

16 فبراير 2020
يعيش النازحون ظروفاً مأساوية (رامي السيد/فرانس برس)
+ الخط -
لا تزال قوات النظام السوري، المدعومة بغطاء جوي روسي، تواصل تقدمها على حساب فصائل المعارضة وهيئة تحرير الشام (النصرة)، وتقضم مزيداً من الأراضي في محافظة إدلب وريف حلب الغربي بعد تدمير معظم تلك المناطق وتشريد سكانها. أما تركيا فلا تزال تزج بمزيد من التعزيزات العسكرية على جبهة إدلب، من دون أن تقوم بأي فعل يحول دون إيقاف تقدم النظام. وتكتفي أنقرة بالتهديد والوعيد الذي لم يترجم إلى الآن بشكل عملي على الأرض سوى بقصف بعض مواقع النظام وتمكين المعارضة السورية من إسقاط طائرتين مروحيتين، كردّ على استهداف النظام لجنود أتراك وقتل عدد منهم.
كما أنشأت تركيا عدداً من نقاط المراقبة على طول خطوط الاشتباك في إدلب لم يسجل أنها أدت أي دور، بل على العكس تجاوزها النظام خلال تقدمه، وتحولت نقاطاً محاصرة. ويطرح هذا الوضع العديد من علامات الاستفهام لدى مراقبين ولدى سكان محافظة إدلب حول حقيقة الموقف التركي من العملية العسكرية للنظام، وحول حقيقة الاتفاق الذي أبرمته أنقرة مع موسكو، وما هي حدوده الجغرافية، خصوصاً بعد أن تم الترويج له إعلامياً على أنه يهدف إلى خلق منطقة آمنة منزوعة السلاح الثقيل، فُهِم أن الهدف منها تشكيل عامل استقرار لثلاثة ملايين مدني يقطنون في محافظة إدلب. لكن سرعان ما بدأت روسيا بعملية عسكرية في تلك المنطقة، قادت خلالها قوات النظام للسيطرة على قرى ومدن إدلب الواحدة تلو الأخرى. وعادة ما يبدأ ذلك بقصف عنيف يجبر السكان على النزوح شمالاً، إلى أن تكدس ثلاثة ملايين مدني ضمن قطاع جغرافي يعادل أقل من ربع المساحة التي كانوا يقطنونها قبل الحملة العسكرية، والتي كانت مكتظة أصلاً بسبب حملات تهجير سابقة، الأمر الذي حوّل تلك المناطق إلى بحر من المخيمات العشوائية المكتظة بالبشر ضمن أسوأ الظروف التي يمكن تخيلها.
الآن، وعلى الرغم من الكارثة البشرية التي خلفتها الحملة الروسية، لا تزال روسيا تقود قوات النظام إلى مزيد من التقدم حتى بات على بعد بضع كيلومترات من مدينة إدلب التي تضم مليون مدني، وعلى مسافة مشابهة تقريباً من المخيمات والمدن الحدودية مع تركيا والتي تؤوي أكثر من مليون ونصف المليون مدني. ينذر هذا الأمر بكارثة إنسانية حقيقية في حال واصل النظام تقدمه سواء باتجاه مدينة إدلب او باتجاه معبر باب الهوى. كما أن توقف النظام عند حدود تلك المناطق يهدد بكارثة من نوع آخر، إذ من شأنه أن يجعل المخيمات ومدينة إدلب تحت مرمى مدفعية النظام. ومهما أبرم من اتفاقات وقف إطلاق نار فستبقى مدفعية النظام تشكل تهديداً للمدنيين، تستهدفهم قذائفها ضمن ما تسميه قوات الأسد بردود الفعل الفردية، الأمر الذي سيعيد المنطقة إلى حالة فقدان الأمان ويخلق مضاعفات كارثية على سكان المحافظة، ما لم تنفذ تركيا وعيدها للنظام وتعيده إلى حدود ما قبل الحملة العسكرية.
المساهمون