هويات مغربية مزورة لإسرائيليين: تحدٍ جديد أمام الرباط

16 سبتمبر 2019
من بين المتهمين بالقضية رجال شرطة (فريدريك سلطان/Getty)
+ الخط -

يشهد المغرب قضية غير مسبوقة من نوعها، تشمل ثمانية إسرائيليين اعتقلتهم المصالح الأمنية في المملكة، إلى جانب عدد من الموقوفين المغاربة، يُتهمون جميعاً بتشكيل شبكة إجرامية متخصصة في تزوير وثائق الهوية المغربية، ويحصل من خلالها إسرائيليون على جنسية المغرب بطرق غير مشروعة. ويتعلّق الأمر بإسرائيليين يحترفون أعمالاً إجرامية متنوعة، من اتجار بالمخدرات وتهريب وقتل، ويسعون إلى تضليل السلطات الأمنية الدولية التي تلاحقهم، من خلال انتحال هوية جديدة تجعلهم يتحركون بجوازات سفر مغربية.

وعُرض 7 متهمين إسرائيليين يوم الخميس الماضي على إحدى محاكم مدينة الدار البيضاء، في انتظار أن يلحق بهم متهم ثامن ما زال في مرحلة التحقيق، يدعى كولان أفيتان، ويعتبر أخطر عناصر هذه الشبكة لكونه مطلوباً من قِبل السلطات الأمنية الإسرائيلية أيضاً، والتي تتهمه بتنفيذ عمليات قتل وتفجير داخل الأراضي المحتلة.

وكشفت التحقيقات التي قامت بها السلطات المغربية منذ أول عملية توقيف لمتهمين في هذا الملف في شهر مارس/آذار الماضي، عن وجود شبكة مكوّنة من إسرائيليين وموظفين مغاربة في مصالح الأمن والإدارات المعنية بوثائق الهوية، تقوم باستصدار وثائق رسمية لصالح إسرائيليين، تجعلهم ينتحلون أسماء مواطنين يهود مغاربة، اعتماداً على الأرشيف الرسمي الخاص بالأسر اليهودية التي هجرت المغرب منذ عقود طويلة، واختفت عن الأنظار بعد استقرارها في أوروبا أو الولايات المتحدة أو إسرائيل.

ويصل مجموع الملاحقين في هذا الملف إلى 27 شخصاً، منهم 25 في أحد سجون الدار البيضاء، إلى جانب عنصرَي شرطة تتابعهما العدالة المغربية وهما في حالة إطلاق سراح.

واقتصرت أولى جلسات المحاكمة التي انعقدت يوم الخميس الماضي، على عرض المتهمين وتسجيل أسماء المحامين الذين سينوبون عنهم، لتؤجل المحكمة البت في القضية إلى وقت لاحق من الشهر الحالي، ومن المحتمل أن يتم إلحاق ملف المتهم الإسرائيلي الثامن الخاضع للتحقيق إلى الآن، بهذه المحاكمة.


وتعود القضية إلى مستهل شهر مارس/آذار الماضي، حين تمكّنت قوات الأمن والمخابرات المغربية في عملية مشتركة، من توقيف عشرة أشخاص يتزعّمهم مواطن مغربي يهودي. وكان الاتهام الأول الذي صدر حينها في بيان رسمي، قال إنّ هذه الشبكة تقوم بمساعدة إسرائيليين لا ينحدرون من أصول مغربية، في الحصول على وثائق هوية تعود إلى مواطنين يهود مغاربة هاجرت أسرهم قبل عقود طويلة، ما يخولهم الحصول على جنسية مغربية.

وأسفرت العملية الأمنية الأولى عن توقيف مواطن مغربي يهودي وثلاثة عناصر شرطة وموظف تابع لوزارة الداخلية وموظف مدني في مصالح وثائق الهوية إلى جانب مسيّر وكالة أسفار، وثلاثة أشخاص آخرين.

وينطلق عمل الشبكة باستصدار شهادة ميلاد مزورة لصالح الشخص الراغب في الحصول على الجنسية، وتكون هذه الشهادة مستخرجة من سجلات "الحالة المدنية" الخاصة بالأسر اليهودية التي كانت تقيم في المغرب. وبواسطة هذه الشهادات، يقوم هؤلاء الأشخاص بطلب مسطرة قضائية يحصلون بموجبها على أحكام تخوّلهم الحصول على وثائق هوية رسمية.

وبعد أيام قليلة من اعتقال الدفعة الأولى من المتهمين، قادت التحقيقات إلى توقيف خمسة إسرائيليين كانوا داخل المغرب في انتظار الحصول على وثائق هوية بمساعدة هذه الشبكة الإجرامية، بينما ارتفع عدد عناصر الشرطة المغاربة الملاحقين في هذه القضية إلى 6 أشخاص، علاوة على مرشد سياحي وموظف في محكمة قضاء الأسرة في الدار البيضاء.

ويعدّ كولان أفيتان أخطر الموقوفين الإسرائيليين في هذا الملف، وكان قد اعتقل في أغسطس/آب الماضي، لتكتشف السلطات المغربية أنه وإلى جانب حيازته وثائق هوية مغربية مزورة، كان اسمه ضمن قائمة المطلوبين لدى الشرطة الدولية، الإنتربول، بناء على طلب من السلطات الإسرائيلية. وتلاحق هذه الأخيرة أفيتان بتهم منها تنفيذ تفجير وقتل عدد من الأشخاص وجرح نحو 42 آخرين، وذلك في سياق صراع بين مجموعات إجرامية.