ترامب وروحاني نحو لقاء في نيويورك.. هل تعرقله إسرائيل؟

26 اغسطس 2019
ترامب وروحاني سيلتقيان خلال أسابيع (فرانس برس)
+ الخط -
من كلامه في المؤتمر الصحافي المشترك مع الرئيس ترامب، بدا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه نجح في تركيب طاولة الحوار الأميركي الإيراني المنشود من قبل الطرفين.

ويبدو من تحديده لإمكانية حصول ذلك في "غضون أسابيع"، أن الترتيبات قد جرت للقاء الرئيسين ترامب وروحاني في نيويورك خلال مشاركتهما في افتتاح الدورة العادية للجمعية العمومية للأمم المتحدة بعد حوالي شهر من الآن.

إشارات ماكرون الناطقة معطوفة على تلميحات ترامب الواضحة، أكدت التكهنات المتداولة في واشنطن في الآونة الأخيرة، أن هناك اتصالات جارية عبر أطراف ثالثة بين واشنطن وطهران لفتح باب الاتصال المباشر بينهما. وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، ألمح في مقابلة إذاعية، الأسبوع الماضي، إلى هذا الاحتمال، عندما فضّل عدم التعليق على سؤال حول وجود وساطة دولية من دون نفيها.

وكانت الخارجية الأميركية قد دأبت على تكذيب الروايات التي ترددت في هذا الخصوص، منذ زيارة رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي إلى إيران ولقائه مع المرشد علي خامنئي وما سبقها ولحقها من زيارات مسؤولين سويسريين وفرنسيين لطهران. "ليس هناك تواصل مع إيران عبر طرف دولي ثالث"، قالت الناطقة في الخارجية مورغن أورتيغو في ردها على سؤال "العربي الجديد" في يوليو/تموز الماضي.

لكن النفي كان للتمويه عن توجه حسم الرئيس ترامب بخصوصه منذ تراجعه عن قرار الضربة الجوية رداً على إسقاط إيران طائرةً أميركيةً مسيّرةً. بعدها، كرر رغبته في تحاشي الخيار العسكري أكثر من مرة . ثم تبلور هذا التوجه بصورة جدية من خلال الاجتماع الذي عقده السناتور الجمهوري راند بول، بتكليف من الرئيس ترامب، مع وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف في نيويورك الشهر الماضي أثناء وجود هذا الأخير في مهمة بالأمم المتحدة ووجه له دعوة لزيارة البيت الأبيض للاجتماع بترامب. تردد آنذاك أن ظريف رفض صيغة اللقاء.

بعد ذلك، تولت باريس المبادرة مع الأوروبيين وبالتشاور مع البيت الأبيض، هندست الصيغة بطريقة تحقق المطلوب وتحفظ ماء الوجه. فكانت قمة السبع المدخل. وجرى التمهيد إلى ذلك قبل ثلاثة أسابيع، عبر تسريب الدعوة التي وجهها ماكرون إلى ظريف لحضور القمة والتي سارع الرئيس ترامب إلى الابتعاد عنها لحسابات تكتيكية وسياسية.

وكان من اللافت أن ترامب لم يرفضها، بل اكتفى بالقول إنه لا أحد ينطق باسم أميركا غيرها. رد أراد به البيت الأبيض الإيحاء بأنه لم يكن في جو هذه الدعوة. لكن تبيّن اليوم أن التسريب كان بمثابة "البروفه" لمجيء ظريف المفاجئ يوم السبت إلى مقر قمة "مجموعة السبع" بدعوة من ماكرون الذي قال إنه "أبلغ الرئيس ترامب" بخصوصها. وكأنه أراد نفي التشاور مع البيت الأبيض بشأنها. لكن حتى لو صح هذا الزعم، فإن الرئيس الفرنسي لم يكن ليقدم على خطوة حساسة من هذا النوع لولا يقينه بأن الرئيس ترامب مستعد للتجاوب معها.

الطبخة فوق النار منذ فترة. الكل على علم بها بقدر ما هي حاجة ضاغطة لطرفيها الرئيسيين. مع ذلك كان إنضاجها بهذه السرعة مفاجئاً. الرئيس ترامب بدأ يمهد للاجتماع من باب أنه يتجه للحوار مع إيران "مختلفة عما كانت عليه"، مع الإشادة "بإمكانياتها الهائلة" والتنويه بمشاعره "الإيجابية" إزاءها.

لكن الرئيس ترامب متقلب. السوابق كثيرة. ترك خط الرجعة مفتوحاً بربطه الاجتماع بـ"الظروف الملائمة". فهناك احتمال لتخريب هذه الظروف من جانب إسرائيل. فليس صدفة أن تقوم بقصف مواقع إيرانية أو موالية لطهران في العراق وسورية ولبنان في وقت واحد وبالتزامن مع وصول ظريف إلى قمة السبع في فرنسا.

التوقيت لافت وكذلك شمولية الأهداف. هل يمنع الرئيس ترامب مثل هذا التخريب إذا كان فعلاً يستهدف مد الجسور الذي يريده كما بدا مع طهران؟ الإجابة لن تتأخر.

المساهمون