عبد المهدي بإيران: المليشيات وخفض التوتر الإيراني - الأميركي

طهران

العربي الجديد

لوغو العربي الجديد
العربي الجديد
موقع وصحيفة "العربي الجديد"
بغداد

محمد علي

avata
محمد علي
طهران

أكثم سيف الدين

avata
أكثم سيف الدين
22 يوليو 2019
F818F861-3D7C-4262-8F56-5B56F7A6D77D
+ الخط -
قبيل أسبوع واحد من انتهاء المهلة التي حددها رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي لإخضاع جميع الفصائل المسلحة ضمن "الحشد الشعبي"، والبالغ عددها نحو 70 فصيلاً، للمرسوم الديواني القاضي بتنظيم عملها ومقراتها وترسانتها العسكرية لسلطة الدولة العراقية، والتي تواجه تحفظاً من عدة فصائل مسلحة معروف قربها من إيران، بدأ رئيس الوزراء العراقي زيارة مفاجئة إلى طهران لم يعلن عنها مسبقاً على خلاف ما عُرف عنه في زياراته الخارجية منذ توليه دفة الحكم في أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي، وفي ظل أجواء توتر تتصاعد بين واشنطن وطهران قد يكون من مصلحة بغداد المحاولة لتهدئتها.

الزيارة التي تتم برفقة مسؤولين أمنيين ومستشارين حكوميين ووزراء، تجري في وقت تنهمك فيه وزارتا الدفاع والداخلية ومكتب القائد العام للقوات المسلحة في إعادة هيكلة شاملة للفصائل المسلحة المنضوية ضمن "الحشد الشعبي"، وتشتمل على توزيعها إلى ألوية قتالية وإنهاء العمل بتسمياتها الحالية اعتباراً من مطلع الشهر المقبل، كمليشيات العصائب، وكتائب سرايا الجهاد، وكفيل زينب وفرقة العباس وجند الإمام وغيرها، حيث يفترض أن تغيب هذه التسميات بعد أسبوع من الآن، ويتوزع مسلحوها على ألوية وأفواج، إضافة إلى إخضاع مقراتها لسلطة الدولة وكذلك ترسانتها العسكرية، خاصة في ما يتعلق بالسلاح المتوسط والثقيل والنوعي، كالصواريخ، لتكون مؤسسة عسكرية منظمة شبيهة بأجهزة ومؤسسات أمنية أخرى تعمل بشكل منفصل عن قوات الجيش العراقي، كجهاز مكافحة الإرهاب وقوات التدخل السريع.


وقال بيان مقتضب لمكتب رئيس الوزراء العراقي إن "رئيس الوزراء عادل عبد المهدي وصل إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية". ووفقاً لمسؤول عراقي رفيع، تحدث لـ"العربي الجديد"، شريطة عدم ذكر اسمه، فإن الزيارة تبحث موضوع المليشيات العراقية التي "تماطل في تنفيذ قرارات مجلس الوزراء أو تتحايل عليها". مبيناً أن رئيس الوزراء "سيطلب بوضوح أهمية خضوع كل الفصائل المسلحة للحكومة والقرار الأخير لها، (المرسوم الديواني لتنظيم الحشد) أو إنهاء أنشطتها داخل العراق، بهدف تجنيب البلاد سيناريوهات تهدد أمنه".

وأكد أن الحكومة تريد أن "يبقي الإيرانيون العراق بعيداً عن أزمتهم الحالية مع واشنطن"، مبيناً أن الزيارة ستبحث ملفات أخرى، من أبرزها موضوع تفعيل اتفاقية شط العرب وإنجاز ترسيم الحدود، وملف العقوبات الأميركية على إيران واعتماد العملة المحلية بين البلدين في التبادل التجاري".



يأتي ذلك مع تسريبات تؤكد أن فصائل عدة مرتبطة بإيران ترفض أو تتحايل على قرارات رئيس الوزراء العراقي، رغم اقتراب الموعد المقرر لتنفيذ القرار نهاية الشهر الحالي، من أبرزها كتائب حزب الله العراقية، وسرايا الجهاد، وسرايا عاشوراء، والخراساني، والإمام علي، والمختار الثقفي، والأبدال، والنجباء، وكتائب مالك الأشتر، التي تعتبر من الفصائل العراقية المرتبطة بإيران، وتحصل على مساعدات ثابتة منها، كما تماطل أيضاً في السماح للقوات العراقية بتسلم مناطق تخضع لها وترفض تسليمها للقوات العراقية لإعادة سكانها إليها.

خفض التوتر الأميركي - الإيراني

وفي السياق، يبدو أن تصاعد التوترات الأخيرة في المنطقة، خصوصاً بعد استعار حربي "الطائرات المسيرة" و"الناقلات"، لم يسّخن مياهها فقط، وإنما حرّك من جديد مياه الدبلوماسية، بعدما أصبحت أخيراً راكدة على خلفية فشل التحركات الدبلوماسية في خفض التوتر بين طهران وواشنطن، وخاصة بعد الزيارة "التاريخية" لرئيس الوزراء الياباني، شينزوا آبه إلى إيران، خلال الشهر الماضي، والتي راهن عليها كثيرون لوضع حد للتوترات، لكن ما تمخض عن الزيارة في هذا الإطار أظهر أن النتائج لم تكن "تاريخية".

كما أن زيارة عبد المهدي إلى طهران، وهي الثانية بعد زيارته الأولى في إبريل/نيسان الماضي، تأتي على ضوء "تعثر لافت"، قد أصاب الحراك الدبلوماسي الفرنسي الذي انطلق أخيرا بهدف خفض التوترات الإقليمية من بوابة الحفاظ على الاتفاق النووي، لكن على ما يبدو فإن تصاعد الأزمة بين بريطانيا وإيران، بعد احتجاز الأخيرة ناقلة نفط للأولى الجمعة الماضية، رداً على توقيف ناقلتها في جبل طارق في الرابع من الشهر الجاري، قد عرقل بالفعل هذا الحراك الفرنسي، الذي يقوده أعلى رأس هرم السلطة في فرنسا، إيمانويل ماكرون، إن لم يصبه في مقتل، حيث خلال أيام أعقبت احتجاز الناقلة البريطانية، لم يسمع شيء عن الجهود الفرنسية.

على ضوء هذه الإخفاقات والتعثرات، ومعطيات أخرى، تؤكد أن التوترات المتصاعدة في الخليج لم تعد تدور بين طهران وواشنطن فحسب، وإنما دخلت مرحلة أكثر تعقيداً وتركيباً على خلفية احتدام أزمة الناقلات بين إيران وبريطانيا، شدّ رئيس الوزراء العراقي رحاله إلى طهران، على أمل أن ينجح هو في وضع حد لهذه التوترات "المركبة"، ستكون بلاده من المنتفعين الرئيسيين، في حال نجح في ذلك، وخصوصاً، بدا واضحاً أنها تحولت بالفعل إلى مسرح "عملياتي" بين الأطراف المتصارعة، بعد أن انتقلت أخيراً شرارة تلك التوترات بشكل خطير إلى الأراضي العراقية، ولعل المؤشر القوي على ذلك هو انتقال عدوى حرب "الطائرات المسيرة" إليها، بعدما ضربت طائرة مسيرة "مجهولة الهوية" قاعدة تابعة لـ"الحشد الشعبي" في محافظة صلاح الدين، الأسبوع الماضي.

ليس واضحاً بعد من الفاعل، ولا يعتقد أن يتضح ذلك، لا في مستقبل قريب ولا في مستقبل منظور، إلا أن وسائل إعلام إيرانية وإقليمية، توجه أصابع الاتهام إلى إسرائيل. سواء كانت هي الفاعل أو غيرها، فالمؤكد أن جهة معادية لإيران تقف وراء الهجوم، مما يعني أنه لطالما التوترات معها، قائمة ومتصاعدة بوتيرة عالية، فعلى الأغلب، تلك الهجمات "المجهولة" ستستمر.



إلى ذلك، يبدو أن عبد المهدي بصدد تفعيل حراك عراقي، وعد بإطلاقه خلال مايو الماضي، لخفض التوترات، لكنه توقف قبل أن يبدأ، قيل أنه لم يلق قبولاً أميركياً لامتعاض الرئيس الأميركي دونالد ترامب من عدم انضمام العراق إلى العقوبات الأميركية ضد إيران. حينها، كشف رئيس الوزراء العراقي، "سنرسل فريقاً إلى طهران وواشنطن للمساعدة في تهدئة التوتر"، لكن لم يحدث ذلك.

كما أنه يبدو أن الزيارة في سياق تحضيرات وتمهيدات عراقية لتنظيم مؤتمر إقليمي، اقترحته بغداد أخيرا، لجمع الفرقاء لنزع فتيل الحرب، وعبّر الاتحاد الأوروبي عن دعمه له.

وبعد فشل التحركات الدبلوماسية الأخيرة في إطلاق مفاوضات بين طهران واشنطن، ترفضها إيران رفضاً "قاطعاً"، وينشدها الرئيس الأميركي دونالد ترامب هذه الأيام أكثر من أي وقت، لاستخدامها في البازار الانتخابي ليظهر نفسه منتصراً ناجحاً في جرّ الإيرانيين إلى طاولة التفاوض، قد يلقى الحراك العراقي هذه المرة، ترحيباً من البيت الأبيض، عسى أن ينجح عبد المهدي في ما فشل فيه غيره.

كما أن رئيس الوزراء العراقي أيضاً قد يكون هذه المرة أكثر تحمساً من قبل، ليس فقط بسبب تزايد المخاوف لديه من انتقال عدوى الصراع الإيراني الأميركي إلى العراق، وإنما أيضاً ليفتح بخفض التوتر بين الطرفين، أبواب البيت الأبيض له، بعد أن قالت مصادر عراقية ودولية إن ترامب رفض خلال الفترة الماضية، عدة مرات طلباته بزيارة واشنطن، لموقف بغداد من العقوبات على إيران.

ذات صلة

الصورة
مبنى تعرض للقصف الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت، 26 سبتمبر 2024 (Getty)

سياسة

أطلق الاحتلال الإسرائيلي اسم "ترتيب جديد" بعد إعلانه اغتيال حسن نصر الله ملوحاً بالتصعيد أكثر في لبنان وموجهاً رسائل لإيران وحركة حماس
الصورة
محافظة سيستان وبلوشستان جنوب شرقي إيران/13 فبراير 2021(Getty)

سياسة

اغتيل رئيس جهاز المباحث في قضاء خاش، حسين بيري، بعد تعرضه لإطلاق نار من قبل مسلحين، وقد تبنت ذلك جماعة "جيش العدل" البلوشية المعارضة.
الصورة
رد حزب الله وإيران | لافتة وسط بيروت، 6 أغسطس 2024 (Getty)

سياسة

تواصل إسرائيل الوقوف على قدم واحدة في انتظار رد إيران وحزب الله على اغتيال إسماعيل هنية في طهران، والقيادي الكبير في حزب الله فؤاد شكر في بيروت.
الصورة
مقاتلة إسرائيلية من طراز أف 35 / 29 يونيو 2023 (Getty)

سياسة

قالت وسائل إعلام عبرية إن إسرائيل تستعد لرد مشترك "حتمي" من قبل إيران وحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، وجرت مناقشات لعدد من السيناريوهات "الصعبة".