وبعد حبس أنفاس لأيام، تخلّلها قرار أميركي بتوجيه ضربة عسكرية لإيران، ثمّ التراجع عنه، وقّع ترامب أمر الـ"عقوبات الشديدة"، التي قال إنها تستهدف المرشد الأعلى في إيران، وإنهّا ستبقى لسنوات، مشيراً إلى أنّها تأتي ردّاً على إسقاط إيران طائرة مسيّرة.
وفيما كان يستعرض توقيعه أمام وسائل الإعلام، أكّد ترامب أنّه لا يسعى للدخول في صراع مع إيران وأنّه يودّ التوصل إلى اتفاق معها.
وستشمل تلك العقوبات، فضلًا عن المرشد الأعلى، رئيس الدبلوماسية الإيرانية، محمد جواد ظريف، الذي تصدّر خلال الأيام الماضية حرب التصريحات والمواقف مع الولايات المتّحدة. ذلك ما صرّح به وزير الخزانة الأميركي ستيفان مونشين للصحافيين، مؤكدًا أن ظريف سيضاف إلى قائمة العقوبات الاقتصادية "في وقت لاحق من هذا الأسبوع"، ومعه ثمانية من قادة الحرس الثوري الإيراني، وفق ما نقلت عنه وكالة "فرانس برس".
تحالف لحماية خطوط الشحن
وقبيل دقائق معدودة، وأثناء توقيع ترامب أمر العقوبات، كانت التصريحات والبيانات المتصلة تصدر بشكل متلاحق، لتعلن عن بناء تحالف بين واشنطن ودول خليجية لحماية ممرّات الشحن في الخليج؛ والذي سيكون بأموال خليجية، على الأقلّ هذا ما ألمح إليه ترامب بنفسه، مستبقاً إعلان التحالف، حيث غرّد على "تويتر" في وقت سابق اليوم الاثنين، قائلاً إنه على الدول الأخرى أن تحمي ناقلاتها النفطية، بما فيها الصين واليابان. وتساءل: "لماذا نحمي طرق الشحن لمصلحة الدول الأخرى (لسنوات عديدة) من دون أي تعويض. على هذه الدول حماية سفنها في رحلة لطالما كانت محفوفة بالمخاطر".
وجدد ترامب مطالب الولايات المتحدة "البسيطة جداً" من إيران، بـ"الكف عن السعي لحيازة السلاح النووي وعن رعاية الإرهاب".
Twitter Post
|
وبالعودة للتفاصيل المعلنة حول هذا التحالف، نقلت "رويترز" عن مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأميركية، أن الولايات المتحدة تبني تحالفاً مع شركائها لحماية ممرات الشحن في الخليج بإتاحة المراقبة على كل حركة الشحن. وقال المسؤول للصحافيين في طريقه للإمارات إن تحالفاً من الدول سيوفر المواد والمساهمات المالية لبرنامج الإنذار، لكنه لم يذكر تلك الدول بالاسم.
وقال "يتعلق الأمر بالردع الاستباقي لأن الإيرانيين يريدون الخروج وفعل ما يحلو لهم ثم القول إنهم لم يفعلوها. نعرف ما فعلوا"، مضيفاً أن أدوات الردع ستشمل كاميرات ومناظير وسفناً.
وفي سياق متصل، ذكرت البعثة الأميركية في دولة الإمارات في تغريدة على "تويتر"، إنّ وزير الخارجية مايك بومبيو، الذي وصل صباح اليوم إلى الرياض قبل أن يتوجّه إلى أبوظبي، "يناقش مع دولة الإمارات تشكيل تحالف عالمي للتصدّي لأكبر دولة راعية للإرهاب في العالم"، على حدّ قوله.
ظريف يتجاهل العقوبات
وفي تجاهل واضح للعقوبات الأميركية الجديدة، أعلن وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، أن كلاً من السعودية والإمارات وإسرائيل تكره الدبلوماسية وتعشق الحرب.
وفي تغريدة له بعد إعلان العقوبات التي شملته شخصيًا، قال إن "كلام ترامب صحيح 100 في المائة عندما يقول إنه لا علاقة للجيش الأميركي بالخليج".
وأضاف ظريف أن "سحب القوات الأميركية من الخليج يتوافق تماماً مع مصالح أميركا والعالم"، مشيراً إلى أن "مجموعة (ب) لا تهمها مصالح أميركا والعالم، وهي تكره الدبلوماسية وتعشق الحرب".
وتشير مجموعة "ب" إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، ومستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون.
Twitter Post
|
من جانبه، قال الناطق باسم مجلس صيانة الدستور الإيراني، عباس علي كدخدايي، في تغريدة عبر تويتر، إن العقوبات الأميركية الجديدة ضد المسؤولين الإيرانيين انتهاك سافر للسيادة الإيرانية، وهي تتعارض مع المبادئ والأعراف والقواعد الدولية المعروفة؛ كميثاق الأمم المتحدة نصا وروحا، وبقية الوثائق الدولية تؤكد بأن لا تتوسل الدول بالتهديد أو القوة في العلاقات البينية وألا تتدخل في الشؤون الداخلية لبقية الدول
وسبق أن ردت إيران أمس الأحد على العقوبات التي فرضتها الإدارة الأميركية، والتي يفترض بحسب إعلان وزير الخزانة الأميركي، ستيفان مونشين، أن تطاول وزير الخارجية الإيراني هذا الأسبوع.
وبعد إعلان الرئيس الأميركي السبت الماضي أنه سيفرض عقوبات "مشددة" على إيران اليوم الإثنين، علّقت عليها الخارجية الإيرانية بالقول إنه "لم تبق عقوبات لم تفرضها أميركا بالتالي فإن العقوبات التي تريد فرضها دعائية".
وأكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، اليوم الأحد أن "الإدارة الأميركية فرضت كافة أنواع العقوبات ضد الأشخاص والشركات في إيران وأنها مارست الإرهاب والحرب الاقتصاديين"، متسائلاً "وهل ظلت عقوبات لم تفرضها من قبل؟".
وأضاف موسوي أنه "إذا ما نظرنا بموضوعية لوجدنا أن الحديث عن عقوبات جديدة دعائي بحت"، مشيراً إلى أن بلاده "منذ أربعين عاماً تتعرض لعقوبات وهي تقاوم هذه العقوبات طيلة هذه العقود". وقال المتحدث الإيراني مستهزئاً "دعوهم يستمرون في فرض العقوبات لنرى ماذا سيحدث".
"حلول دبلوماسية"
من جانب آخر، دعت الولايات المتحدة وبريطانيا والإمارات العربية المتحدة والسعودية إلى "حلول دبلوماسية" لخفض التصعيد مع إيران، بحسب بيان وزّعته وزارة الخارجية الأميركية الإثنين.
وأفاد البيان الصادر عن الدول الأعضاء في اللجنة الرباعية حول اليمن، وفق ما نقلته وكالة "فرانس برس": "ندعو إيران إلى التوقف عن أي خطوات أخرى تهدد الاستقرار الإقليمي، ونحض على التوصل إلى حلول دبلوماسية تخفّض من حدة التوتر"، معبّراً عن "القلق العميق بشأن التوتر المتصاعد في المنطقة".
وتصاعد التوتر أكثر في الخليج، بعد إسقاط إيران الخميس طائرة مسيرة أميركية، تقول طهران إنها اخترقت مجالها الجوي، فيما تنفي واشنطن ذلك.
ورداً على إسقاط الطائرة الأميركية، أعدّت واشنطن ضربة عسكرية ضد أهداف إيرانية، لكن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ألغاها في اللحظات الأخيرة لاعتبارها "غير متناسبة".
وجاء إسقاط الطائرة المسيّرة الأميركية بعد تعرض ناقلات نفط لهجمات في منطقة الخليج، اتهمت واشنطن طهران بتنفيذها، فيما نفت الجمهورية الإسلامية أي ضلوع لها فيها.
في هذه الأثناء، نفت سلطنة عمان أن تكون قد نقلت رسالة من الولايات المتحدة إلى إيران بعد إسقاط طهران طائرة مسيّرة أميركية، حسبما أفادت وزارة الخارجية العمانية. وكتبت الوزارة على تويتر "تتابع السلطنة باهتمام بالغ التطورات الحالية في المنطقة، وتأمل من الجانبين الإيراني والأميركي ضبط النفس وحل المسائل العالقة بينهما عبر الحوار".
وأضافت "تؤكد عدم صحة ما يتداول إعلامياً من قيام السلطنة بنقل رسالة أميركية الى الحكومة الإيرانية حول حادثة إسقاط الطائرة الاميركية بتاريخ 20 حزيران/ يونيو" الحالي.
Twitter Post
|