هل يحلّ السيسي برلمانه بعد تعديل الدستور؟

06 مارس 2019
غاب العديد من النواب عن الجلسات (محمد مصطفى/Getty)
+ الخط -
كشفت مصادر برلمانية مطلعة في مصر لـ"العربي الجديد"، أن "عدداً من أعضاء مجلس النواب أبدوا تخوفاتهم لرئيس المجلس علي عبد العال، بشأن إمكانية حل مجلس النواب عقب تمرير تعديل الدستور، لإجراء انتخاباته بالتزامن مع مجلس الشورى الذي سيشكل بموجب التعديل، لا سيما بعد تصاعد مطالب الحل في الدوائر الانتخابية للنواب نتيجة مواقفهم المنحازة لقرارات السلطة التنفيذية تحت القبة". وبحسب المصادر، فإن "عبد العال أكد أنه لم يرد في مواد الدستور أو التعديلات المطروحة عليه، ما يلزم رئيس الجمهورية بحلّ المجلس، خصوصاً أنه لم يتبق سوى عام واحد على انتهاء الدورة البرلمانية". وتنصّ المادة (137) من الدستور المصري على أنه "لا يجوز لرئيس الجمهورية حلّ مجلس النواب إلا عند الضرورة، وبقرار معلّل، وبعد استفتاء الشعب. ويصدر رئيس الجمهورية قراراً بوقف جلسات المجلس، وإجراء الاستفتاء على الحل خلال عشرين يوماً على الأكثر، فإذا وافق المشاركون في الاستفتاء بأغلبية الأصوات الصحيحة، أصدر رئيس الجمهورية قرار الحل، ودعا إلى انتخابات جديدة خلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ صدور القرار".

وحسب المصادر، فإن "عبد العال طمأن أعضاء البرلمان إلى أن انتخابات مجلس النواب المقبل ستكون من خلال نظام القائمة المغلقة بنسبة 75 في المائة، والتي يفوز جميع أعضائها في حال حصولها على 50 في المائة + 1 من أصوات الناخبين، مع تخصيص نسبة 25 في المائة فقط للنظام الفردي". واعتبرت أن "حديثه يؤكد أن الدولة (الأجهزة الأمنية) هي التي ستشرف على اختيار أسماء أعضاء تلك القوائم، ما يعزز فرص إعادة انتخاب الموالين لها مرة أخرى، على ضوء سابقة فوز قائمة (في حب مصر) المدعومة من النظام الحاكم بجميع المقاعد في انتخابات عام 2015".

وكان أستاذ القانون في جامعة الزقازيق محمد نور فرحات قد طالب السيسي بـ"مباشرة صلاحيته وفقاً للدستور، والدعوة لاستفتاء الشعب على حلّ مجلس النواب، بوصفه بات خطراً على الأمن القومي، ويُهدد استقرار الدولة المصرية، نظراً لإقراره المئات من القرارات بالقوانين الرئاسية التي صدرت خلال فترة المرحلة الانتقالية بالمخالفة للدستور، وامتناعه عن تنفيذ الأحكام القضائية واجبة النفاذ بإسقاط عضوية بعض أعضائه". كما اتهم فرحات، وهو قيادي سابق في الحزب المصري الديمقراطي، مجلس النواب بـ"التفريط في الأرض المصرية بالتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، وتجاهل مناقشة التشريعات المكملة للدستور، على غرار قوانين العدالة الانتقالية وإلغاء انتداب القضاة، وأخيراً إغفال أداء واجباته الرقابية، وعدم مساءلة الحكومة عن مشاريعها التي تستنفد أموال الدولة، ومدى جدواها، في وقت تئن فيه ميزانيتها تحت وطأة الديون".

من جهة ثانية، اشتكى النواب، بحسب المصادر نفسها، لرئيس المجلس، حالة من الغضب الشعبي في دوائرهم إزاء موقف البرلمان من تأييد تعديل الدستور الذي يستهدف بشكل أساسي تمديد حكم السيسي حتى عام 2034، من خلال زيادة فترة الرئاسة من 4 إلى 6 سنوات، والسماح للرئيس الحالي بالترشح لولايتين جديدتين بعد انتهاء ولايته الثانية في عام 2022، وتشكيل مجلس أعلى لجميع الهيئات القضائية برئاسته، فضلاً عن إنشاء غرفة ثانية للبرلمان (مجلس الشيوخ)، وإعادة صياغة وتعميق دور الجيش في "حماية الدولة المدنية"، واشتراط موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على تسمية وزير الدفاع. وشمل التعديل أيضاً إلغاء الرقابة المسبقة لمجلس الدولة على مشاريع القوانين، والتوسّع في محاكمات المدنيين أمام القضاء العسكري، من خلال حذف كلمة "مباشر" التالية لكلمة "اعتداءً" من المادة (204) من الدستور، إيذاناً بمحاكمة المدنيين "في الجرائم التي تمثل اعتداءً على المنشآت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة، أو ما في حكمها، أو المنشآت التي تتولى حمايتها، أو المناطق العسكرية أو الحدودية المقررة كذلك".

ولفتت المصادر المطّلعة إلى أن "النواب دعوا عبد العال إلى ضرورة احتواء هذا الغضب بمحاولة تحسين أوضاع المواطنين المعيشية، بزيادة نسبة الرواتب والعلاوة السنوية لموظفي الدولة، وعدم تحرير الدعم كلياً عن الوقود والكهرباء، عند مناقشة المجلس لموازنة العام المالي الجديد (2019/ 2020)". وأضافت أن "النواب طالبوا عبد العال بمخاطبة رئيس مجلس الوزراء لوقف الحذف العشوائي للمستفيدين من البطاقات التموينية في المحافظات المختلفة، خصوصاً أن وزارة التموين ترفض جميع التظلمات المقدمة من المواطنين على استبعادهم، وكذلك مخاطبة وزارة المالية للموافقة على زيادة مخصصات معاش (تكافل وكرامة)، وبنود الحماية الاجتماعية بشكل عام في الموازنة الجديدة".

وأفادت المصادر بأن "عبد العال تحفظ على بعض مطالب النواب، على اعتبار أن خطة تحرير الدعم معلنة سلفاً، ووافق عليها البرلمان بتأييد برنامج الحكومة، واتفاقها مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرضه البالغ إجماليه 12 مليار دولار على مدى 3 سنوات"، مشيراً إلى أن "تعديل الدستور سيطرح على المواطنين في أوائل مايو/ أيار المقبل، أي قبل مناقشات البرلمان لموازنة العام المالي الجديد، الذي يبدأ في الأول من يوليو/ تموز المقبل"، في إشارة منه إلى أن تمرير التعديلات سيسبق قرارات رفع الأسعار.

في غضون ذلك، أفادت مصادر في الأمانة العامة للبرلمان بأن "رئيس المجلس وافق على صرف البدلات والمكافآت المالية لجميع النواب من دون استثناء عن شهر فبراير/ شباط الماضي، والتي ترتبط بشكل أصيل بحضور جلسات ولجان المجلس وفقاً للائحة المنظمة، على الرغم من أن عبد العال نشر أسماء 145 نائباً تغيبوا عن إحدى الجلسات الأخيرة من دون عذر، واستخدام 440 آخرين للبصمة الإلكترونية لإثبات حضورهم، وانصراف أغلبهم مباشرة من دون حضور المناقشات".
وأضافت المصادر أن "بدلات حضور الجلسات ما زالت تصرف بانتظام للنائب أحمد مرتضى منصور، والذي لم تطأ قدماه البرلمان منذ جلسة 28 أغسطس/ آب 2016، في أعقاب صدور حكم محكمة النقض بإبطال عضويته لشبهات تزوير تتعلق بعملية انتخابات عن دائرة الدقي والعجوزة بمحافظة الجيزة، وأيضاً النائب خالد يوسف، الذي لم يحضر أي جلسات منذ التصويت بالموافقة على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية في 14 يونيو/ حزيران 2017".

وأشارت المصادر إلى "عدم حضور العشرات من النواب أي جلسة للبرلمان منذ أكثر من عام، وفي مقدمتهم عبد الرحيم علي، الموجود بشكل شبه دائم في فرنسا، ولواء الاستخبارات السابق تامر الشهاوي، وإيليا ثروت باسيلي، أحد أصحاب النفوذ في مجال الأدوية، وعضو مجلس إدارة النادي الأهلي رانيا علواني، ورئيس لجنة الإسكان السابق في البرلمان معتز محمود، والمتحدث السابق باسم ائتلاف الأغلبية علاء عبد المنعم، والذي اتجه إلى صفوف المعارضة منذ انقطاعه عن المجلس".

ويعمد رئيس البرلمان إلى صرف مستحقات جميع النواب كاملة، وهو ما يمثل إهداراً للمال العام، إذ يتقاضى عضو مجلس النواب مكافأة شهرية تصل في حدها الأقصى إلى 20 ألف جنيه (1145 دولاراً)، غير أن البرلمان ضاعف من مخصصاته على مدار السنوات الثلاث الماضية، ما رفع من قيمة البدلات والمكافآت الممنوحة إلى الأعضاء لتصل إلى 35 ألف جنيه (2004 دولارات) شهرياً في المتوسط، وذلك بالمخالفة لأحكام قانون مجلس النواب.

وخصصت الدولة موازنة سنوية للبرلمان ناهزت 1.4 مليار جنيه (80.1 مليون دولار)، عن العام المالي (2018/ 2019)، بزيادة قدرها 300 مليون جنيه (17.2 مليون دولار) عن العام المالي (2017/ 2018)، استحوذ منها باب الأجور والتعويضات وحده على نحو 70 في المائة منها، على الرغم من دعوات التقشف التي يروج لها رئيس البرلمان، ومطالباته المتكررة للمواطنين بالوقوف إلى جوار الدولة في أزمتها الاقتصادية.
المساهمون