تدفق الهدايا لإسرائيل في مؤتمر "أيباك"

26 مارس 2019
كلمة بنس بالمؤتمر غير مسبوقة بتوددها لإسرائيل(جيم واتسون/فرانس برس)
+ الخط -

يعتبر الكونغرس، تاريخياً، عرين نفوذ اللوبي الإسرائيلي "أيباك" في واشنطن، فهو دائماً يتصرف كملكي أكثر من الملك لتسمين وحراسة امتيازات إسرائيل في عاصمة القرار، لكن إدارة الرئيس دونالد ترامب خطفت دوره وصارت كأنها، وتل أبيب، كياناً واحداً. 

آخر تجليات هذا الاندماج كانت في توقيع ترامب، أمس الإثنين، على أمر تنفيذي بالاعتراف الرسمي بسيادة الاحتلال الإسرائيلي على هضبة الجولان المحتلة

وقد حرص البيت الأبيض على أن يجري هذا "التطويب" في احتفال خاص في المكتب البيضاوي، بحضور رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وبعض أركان الإدارة. كما حرص على أن يتزامن الاحتفال مع انعقاد مؤتمر اللوبي الإسرائيلي الذي جاء رئيس الليكود للمشاركة فيه، وبذلك شهدت واشنطن أمس تظاهرتين، انتخابية وسياسية في نفس الوقت لصالح إسرائيل.

في هذا السياق، وقبل التوقيع على الأمر التنفيذي، ألقى نائب الرئيس مايك بنس كلمة في مؤتمر"أيباك" غير مسبوقة في توددها لإسرائيل، وفي اعتزازه بالتلاحم الأميركي– الإسرائيلي، إلى حدّ أنه اتهم الديمقراطيين بالقصور في الدفاع عن إسرائيل! تبعه وزير الخارجية مايك بومبيو في كلمة أكثر بلاغة عن أهمية وضرورة هذا التلاحم. 

وكان ترامب قبل أيام قد ذهب إلى أبعد من ذلك ونعت الديمقراطيين بـ"معاداة اليهود". تهمة غير مسبوقة جاءت على خلفية الانقسام داخل الحزب الديمقراطي حول نفوذ اللوبي الإسرائيلي في الكونغرس.

فلأول مرة يعقد اللوبي مؤتمره وسط حالة من التوتر مع هذا الحزب، الذي كان دائماً بمثابة حاضنته السياسية في الساحة الأميركية. انعكس ذلك بصورة واضحة في مقاطعة المؤتمر من جانب عشرة مرشحين لمعركة الرئاسة عن الحزب الديمقراطي، كما تبدّى في الخلاف الناشب في صفوف هذا الأخير على أثر تصريحات النائبة الديمقراطية إلهان عمر، ووقوف جناح المتمردين في الحزب إلى جانبها، مع الإصرار على وجوب فصل انتقاد اللوبي وإسرائيل عن معاداة السامية. 

تفهّم القيادة الديمقراطية في مجلس النواب لهذا الموقف أثار استياء اللوبي، لكونه يشكل سابقة من شأنها الإطاحة بممنوعاته، وبما يسحب من يده ورقة إخراس الأصوات المعترضة بذريعة معاداتها للسامية.

هذا الانقسام الديمقراطي المستجد، معطوفاً على التقديمات الترامبية السخية لإسرائيل، عملت الإدارة على استغلاله إلى أقصى الحدود في المؤتمر، لتكلله في احتفال البيت الأبيض بتوقيع الرئيس على اعترافه بضم الجولان إلى إسرائيل. 

لكن مع ذلك، لم يقصّر الحزب الديمقراطي كعادته، في هذه المناسبة. شارك في المؤتمر بقوة من ضمن أكثر من 150 نائباً وسيناتوراً. تحدث العشرات منهم أمام حشد كبير من جيش اللوبي وأنصار إسرائيل، من بينهم قيادات الحزبين في مجلسي النواب والشيوخ، ورؤساء اللجان الرئيسية، وعتاة المؤيدين لإسرائيل، خصوصاً من المحافظين، مع الوعد بالتصويت قريباً على مشاريع قوانين مطروحة في المجلسين لحماية إسرائيل من المقاطعة ومعاداة السامية وغيرها.


كان يوم أمس إسرائيلياً بامتياز في واشنطن. لم يشوش عليه وينافسه في خطف الأضواء إلا تقرير المحقق روبرت مولر، أو بالأحرى تقرير وزير العدل وليام بار حول ما توصل إليه مولر. الأصلي ما زال طي الكتمان. وما كشف عنه الوزير زاد من تشويش الصورة ومن الشكوك والحيرة. 

كان الاعتقاد يفيد بأن التقرير لا بد أن يكون بداية النهاية. وإذا به نهاية البداية لا أكثر. وبذلك عادت القضية من جديد إلى التحقيق في الكونغرس، وبما يعيد التذكير بعملية تعيين القاضي بريت كافانو في المحكمة العليا. فبعد فتح التحقيق من جديد بقضيته، تمكن الجمهوريون من ترفيعه رغم كل الاعتراضات. وتقرير مولر مرشح ليصل إلى النتيجة نفسها.