مؤتمر "دعم مستقبل سورية والمنطقة": أولويات إنسانية وسياسية

12 مارس 2019
دعوات لحماية اللاجئين السوريين في دول اللجوء (حسين بيضون)
+ الخط -

يعود العالم إلى بروكسل البلجيكية لمناقشة موضوع اللاجئين السوريين للمرة الثالثة، بعد مؤتمرين سابقين في المدينة نفسها عامي 2017 و2018. ويأتي موعد المؤتمر الجديد بعد سلسلة تحوّلات ميدانية في العام الأخير مرتبطة بمصير اللاجئين السوريين، خصوصاً مع بروز خطة روسية لإعادتهم إلى سورية. في هذا الصدد ينظّم الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع الأمم المتحدة مؤتمر بروكسل 3، بعنوان "دعم مستقبل سورية والمنطقة" بدءاً من اليوم الثلاثاء، على أن يستمرّ حتى يوم الخميس المقبل. وسيتطرق مؤتمر هذا العام إلى أهم الأحداث والقضايا الإنسانية التي تؤثر على السوريين والمجتمعات المضيفة للاجئين السوريين، سواء داخل البلد أو في المنطقة. وسيتم إيلاء اهتمام خاص لسماع وجهات نظر النساء السوريات. كما من المنتظر أن يؤكد المؤتمر من جديد دعم المجتمع الدولي السياسي والمالي لجيران سورية، لا سيما لبنان والأردن وتركيا. بالإضافة إلى الإعلان عن مبلغ جديد لدعم سورية والمنطقة في عام 2019. وأفادت منسقة السياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، عند الإعلان عن تنظيم المؤتمر، أنه "أجرينا بالفعل اتصالات مع مبعوث الأمم المتحدة الخاص الجديد إلى سورية، غير بيدرسن، حول كيفية استخدام هذا المؤتمر، ليس فقط من أجل تعهد إنساني نود إبقاءه على أعلى مستوى ممكن على الأجندة الدولية والأوروبية، ولكن أيضاً لتحديد كيف يمكننا دعم التحول السياسي في سورية ودور الأمم المتحدة في هذا الصدد".

وسيخصص يوما الثلاثاء والأربعاء لاجتماع تشارك فيه مئات المنظمات غير الحكومية من سورية والمنطقة، لمناقشة وضع الشعب السوري والاستجابة الدولية للأزمة وكيف يمكن تعزيز الدعم للمنطقة. وسيغطي الاجتماع الجوانب الرئيسية للمساعدة الإنسانية. أما يوم الخميس فسيُخصص لعقد مؤتمر لوزراء الخارجية، سيجمع المشاركين من أكثر من 85 دولة ومنظمة.

ودعت منظمة "أوكسفام" الانسانية النظام السوري والحكومات والجهات المانحة الأخرى في بروكسل إلى "وضع احتياجات الشعب السوري في مقدمة اهتماماتها خلال هذا المؤتمر، مع ضمان سماح التمويل الإنساني بمعاملة المحتاجين بكرامة". وأشارت في بيان إلى أن "هناك حاجة للنظر في كيفية الاستجابة بشكل أفضل من خلال المساعدات لتلبية احتياجات السوريين المتضررين من النزاع". مع ذلك، فإن القيود المفروضة على وصول هذه المساعدات داخل سورية، مقترنة بالمواقف السياسية للحكومات المانحة، تُمنع الجهات الفاعلة الإنسانية التي تدعم السوريين من تقديم الخدمات الأساسية بشكل مستدام". وذكّرت بأنه "على الرغم من تراجع القتال في سورية، لا يزال 11.7 مليون شخص بحاجة إلى المساعدات الإنسانية، وأكثر من ستة من كل عشرة من هؤلاء يعيشون في مناطق خاضعة لسيطرة النظام. ويكافح الناس لإعادة بناء حياتهم، وهم بحاجة إلى مساعدة من أجل ذلك، عبر فرص العمل والتعليم والحصول على الخدمات الأساسية".



ودعت أكثر من 150 منظمة من المجتمع المدني السوري، إلى "وقف أي شكل من أشكال الإعادة القسرية أو المنظمة للاجئين السوريين إلى موطنهم الأصلي". وفي تقرير جديد لمجموعة "أصوات النازحين السوريين"، أفادت المنظمات بأنه "في حين بدأت بعض الحكومات ووكالات الأمم المتحدة بالتخطيط لعودة النازحين السوريين، فإن العديد من مناطق سورية لا تزال تشهد صراعاً مفتوحاً، مع استمرار القصف والتهجير القسري. أما في أجزاء أخرى من البلاد، فيواجه السوريون الاعتقال التعسفي والتجنيد الإجباري في جيش متهم على نطاق واسع بارتكاب جرائم حرب". ويقدّر إجمالي عدد الأشخاص المحتجزين تعسفاً والمخفيين قسرياً بما لا يقل عن 95 ألف شخص في الفترة ما بين مارس/آذار 2011 ويوليو/تموز 2018. وحذّرت "أصوات النازحين السوريين" من أن "اللاجئين السوريين في بعض البلدان المضيفة يشهدون عوامل قسرية تضغط عليهم للعودة، بما في ذلك زيادة كراهية الأجانب والقيود المستمرة على الفرص الاقتصادية والتعليم والإقامة القانونية وجمع شمل الأسرة".

كذلك دعت "أصوات النازحين السوريين" إلى "التزام أكبر بضمان الحماية الدولية للاجئين السوريين والالتزام بتحقيق سلام مستدام في سورية، من خلال التمسك بالقانون الإنساني الدولي وقوانين حقوق الإنسان الدولية وزيادة تقاسم المسؤولية العالمية لحماية السوريين الذين يلتمسون اللجوء".

من جهتها تصرّ منظمة "عائلات من أجل الحرية"، على الضغط من أجل وضع الاحتجاز كأولوية خلال هذا المؤتمر. وغداً الأربعاء، ستنطلق العائلات إلى إحدى الساحات القريبة من مقرّ انعقاد المؤتمر في بروكسل، في حافلة "الحرية الحمراء" المزيّنة بمئات الصور للمفقودين في سورية. وستقوم العائلات، التي علم الكثير منها بموت أبنائهم خلال الاعتقال، بإلقاء الخطب في الميدان حول هذه القضية المروعة. و"عائلات من أجل الحرية" هي حركة للنساء اللواتي اختفى أفراد أسرهن قسراً، غالبيتهم من قبل النظام السوري.

في مؤتمر بروكسل الأخير حول "دعم مستقبل سورية والمنطقة" الذي عقد في إبريل/ نيسان 2018، والذي استضافه الاتحاد الأوروبي وشاركت فيه رئاسة الأمم المتحدة، أعاد المجتمع الدولي وحكومات الدول المضيفة للاجئين التأكيد على التزاماتها بمساعدة ملايين المدنيين المتضررين في سورية بالإضافة إلى اللاجئين السوريين والمجتمعات التي تستضيفهم بسخاء. وتعهد المجتمع الدولي آنذاك بتقديم تمويل بقيمة 4.3 مليارات دولار لدعم الأنشطة الإنسانية، وتحقيق الاستقرار والتنمية لعام 2018 في سورية والمنطقة، فضلاً عن تقديم 3.5 مليارات دولار لعام 2019-2020. كذلك أعلنت المؤسسات المالية الدولية والجهات المانحة عن قروض بقيمة 21.2 مليار دولار خلال الفترة بين عامي 2018 و2020. ونُشر الأسبوع الماضي تقرير عن التقدم المحرز في الوفاء بتلك التعهدات. أيضاً كشف التقرير أن "المجتمع الدولي قد تجاوز ما نسبته 40 في المائة من المساعدات التي تم التعهّد بها في مؤتمر بروكسل العام الماضي. وقد ساهمت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ومؤسسات الاتحاد الأوروبي بمبلغ 4.7 مليارات دولار في عام 2018، وهو ما يساوي زيادة بنسبة 56 في المائة على تعهداتهم الأصلية".