الأمم المتحدة تحذر من تدهور الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة

20 فبراير 2019
انتقادات للصمت الدولي على انتهاكات الاحتلال (أحمد غرابلي/فرانس برس)
+ الخط -

حذر مبعوث الأمين العام لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، من تدهور الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتضاؤل احتمالات التوصل إلى اتفاق سلام دائم وشامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين لحل الدولتين، في ظل التحديات الإنسانية والأمنية والسياسية المستمرة والمتزايدة.


وجاءت تصريحات ملادينوف، يوم الأربعاء، خلال الإحاطة الشهرية التي قدمها أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك عبر دائرة تلفزيونية من القدس المحتلة. كذلك قدّمت العديد من الدول الأعضاء إحاطتها وتقييمها للوضع وعبّر عدد من السفراء عن إحباطهم من شلل مجلس الأمن عندما يتعلق الأمر بتنفيذ قراراته الخاصة بفلسطين.

وقال ملادينوف إنه يعمل بشكل مكثف كي لا يتم القضاء وبشكل كامل على إمكانية حل الدولتين نتيجة للحقائق التي تُخلق على الأرض. ورأى أنه "من أجل أن يعود الإسرائيليون والفلسطينيون إلى المسار الصحيح بغية التوصل إلى حل سلمي للصراع فإن ذلك يتطلب وجود قيادة تعتقد أن السلام ممكن من خلال المفاوضات".

وفي هذا السياق وردّاً على أسئلة لـ "العربي الجديد" في نيويورك قال المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوغاريك "يشعر الأمين العام بخيبة أمل من عدم التقدم على جبهة (محادثات) السلام. ولكل عملية سلام هناك حاجة لقيادات قوية ملتزمة بذلك المسار. لن أبدأ الآن بإلقاء اللوم على هذا أو ذاك الطرف. موقف الأمين العام واضح ويتلخص بخيبة أمله من عدم وجود تقدم على جبهة المحادثات".

وتحدّث ملادينوف عن دور الاستيطان في عرقلة "عملية السلام" وزيادة معاناة الفلسطينيين، واصفاً قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي بوقف تحويل جزء من أموال الضرائب الفلسطينية إلى السلطة الفلسطينية بالتطورات "الجدية التي تضع الاستقرار المادي للسلطة في خطر، وبالتالي تعرض أمن الفلسطينيين والإسرائيليين للخطر". وأشار كذلك إلى العجز المادي الذي تعاني منه ميزانية السلطة الفلسطينية، والذي وصل العام الماضي إلى قرابة المليار دولار، وتوقع أن يزداد حجمه خلال العام الحالي.



بدورها، قالت مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية، أوسولا مولر، في كلمة أمام مجلس الأمن خلال الجلسة نفسها، إن الفلسطينيين يعيشون تحت ظروف صعبة تحتاج وبشكل ملحّ إلى توفير المساعدات الإنسانية، في الوقت الذي يتضاءل فيه الدعم المادي الدولي وتزداد القيود المفروضة على الفلسطينيين من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.

وأشارت كذلك إلى الزيادة في عدد الضحايا من الفلسطينيين، وتحديداً في غزة منذ بدء مسيرات العودة العام الماضي. وحذرت من تعرض النظام الصحي في غزة إلى الانهيار الكامل، في ظل استمرار الإصابات وسقوط الجرحى والقتلى من الفلسطينيين.

كذلك لفتت إلى إصابة أكثر من 27 ألف فلسطيني في غزة بجروح، 6 آلاف نتيجة استخدام  الذخيرة الحية ضدهم، منذ شهر مارس/ آذار من العام الماضي، على يد قوات الاحتلال الإسرائيلية. وذكّرت مولر بتقرير منظمة الصحة العالمية ومفاده بأنه منذ بدء مسيرات العودة في قطاع غزة المحتل فإن 122 فلسطينياً تعرضوا لعمليات بتر للأطراف، بمن فيهم 21 طفلاً، بسبب الإصابات التي تعرضوا لها من قبل قوات الاحتلال.

وأضافت في هذا السياق "أضم صوتي إلى نداءات الأمين العام المتكررة إلى إسرائيل لضمان أن يكون استخدام القوة بما يتماثل مع القانون الدولي وكملجأ أخير وكردّ على تهديد وشيك بالقتل أو الإصابة الخطيرة". وأشارت إلى مقتل 40 طفلاً فلسطينياً منذ مارس/ آذار الماضي على يد قوات الاحتلال، من بين أكثر من 250 فلسطينياً قتلوا منذ بدء المسيرات. وتحدثت مولر عن هدم بيوت الفلسطينيين في القدس، مبيّنة وجود 200 عائلة مقدسية مهددة بطردها من بيوتها على يد المستوطنين.

من جهته، وصف السفير الفلسطيني للأمم المتحدة، رياض منصور، قرار الحكومة الإسرائيلية بمصادرة أموال ضرائب فلسطينية وعدم تحويلها إلى السلطة بالقرصنة. ثم تحدث عن قرار السلطات الإسرائيلية بعدم التجديد لعمل بعثة المراقبة الدولية في الخليل، والذي انتقدته أكثر من دولة خلال الاجتماع. وطالب السفير الفلسطيني مجلس الأمن بالدفاع عن الأمن والسلم الدوليين والرد على الانتهاكات الإسرائيلية وعدم تنفيذ قرارات مجلس الأمن حول فلسطين.

وجاءت تصريحات منصور خلال مؤتمر صحافي عقده على هامش جلسة مجلس الأمن المنعقدة مع سفير جامعة الدول العربية للأمم المتحدة، ماجد عبد الفتاح. وردّاً على أسئلة لـ"العربي الجديد" حول المشاورات التي يشهدها مجلس الأمن فيما يخص زيارته إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، قال منصور "ما زلنا نعمل في مجلس الأمن على زيارة الدول الأعضاء للأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس، أو زيارة وفد يمثل المجلس.... ومن واجب مجلس الأمن أن يذهب ويرى الأوضاع على الأرض، وما يحدث للشعب الفلسطيني الذي يعيش تحت الاحتلال".

أما السفير عبد الفتاح فقد أكد على ضرورة أن تتحرك الأمم المتحدة ومجلس الأمن في ثلاثة اتجاهات: الأول يتعلق بتوفير الحماية الدولية للفلسطينيين، والثاني يتعلق بالأزمة المالية الخانقة التي تواجهها منظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة، من بينها "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين"، (أونروا). أما الاتجاه الثالث فهو إحياء محادثات السلام والمبادرة العربية والاتفاقات الدولية ذات الصلة، بحسب عبد الفتاح.



ورداً على سؤال لـ "العربي الجديد" حول ما إذا كانت الجامعة العربية تعمل من أجل الضغط على مصر كي تقوم بتخفيف الحصار المفروض على القطاع من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي وفتح حدودها مع القطاع بشكل أفضل كما تسهيل مرور البضائع وحركة الأشخاص قال "لا أعتقد أن على جامعة الدول العربية الضغط على مصر في ما يخص المعابر مع غزة، (لأن) مصر تقوم بالحد الأقصى مما يمكنها القيام به بخصوص الحدود، وكما سمعت في الإحاطة من السيدة مولر فقد تحدثت عن وتيرة في فتح المعبر من الجانب المصري أفضل مما هو عليه من الجانب الإسرائيلي".

ثم أشار إلى الجهود المصرية بخصوص المصالحة الفلسطينية وأضاف حول المعابر "دون شك هناك بعض الاستثناءات التي تحدث من حين إلى آخر، بما فيها على سبيل المثال عندما سحبت السلطة الفلسطينية ممثليها من المعابر، وهذا يحتمل التعامل معه بطرق مختلفة، وقد يؤدي إلى بعض العقبات لفتح المعابر، ولكن نحن في الجامعة العربية نعمل مع الطرف المصري من أجل فتح تلك المعابر".

المساهمون