ليبيا: هل ينفذ حفتر وعيده لمصراتة أم يسعى للتفاوض معها؟

23 ديسمبر 2019
"قوات الوفاق" تحرز تقدماً جنوب طرابلس (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -
فشل اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر في استهداف مصراتة بعد إعلانه مهلة تمتد لثلاثة أيام، كذلك فشل في اقتحام طرابلس إثر إطلاقه "ساعة صفر" جديدة قبل أسبوعين، في وقت أحرزت فيه قوات الجيش بقيادة حكومة الوفاق تقدماً مهماً في محور صلاح الدين جنوب طرابلس.

وفي وقت لاحق من ليلة أمس، أعلن المتحدث الرسمي باسم قيادة قوات حفتر، أحمد المسماري، تمديد المهلة، التي أعلنتها الجمعة الماضية، لمصراتة لـ"سحب قواتها من طرابلس وسرت"، إلى ثلاثة أيام أخرى، قائلاً إن ذلك جاء "بناءً على الاتصالات التي أجرتها شخصيات وطنية من مصراتة مع القيادة العامة (قيادة حفتر)، وطلبت تمديد المهلة لإعطائهم فترة زمنية لجهودهم وإقناع أبنائهم بالعودة إلى مدينة مصراتة".

وفي استمرار للتعبئة الإعلامية البعيدة عن واقع المعركة، حاول المسماري، خلال كلمة قصيرة رجحت مصادر إعلامية ليبية أنه ألقاها من أحد فنادق أبوظبي، التأكيد مجدداً لاستمرار قدرة قوات حفتر على الحسم، قائلاً: "قواتنا قريبة جداً من قلب العاصمة بمسافة 6 كيلومترات، ولنا قوات داخل أحياء مدينة طرابلس".

لكن مصطفى المجعي، المتحدث الرسمي باسم المركز الإعلامي لعملية "بركان الغضب" التابعة للجيش الليبي، بقيادة حكومة الوفاق، أكد رفض أي مهلة يعلنها حفتر، موضحاً أن "تمديد قوات حفتر مهلتهم لقوات مصراتة للانسحاب ما هو إلا مبرر لفشلها بالساعة الصفر لاقتحام طرابلس، التي أُعلِنَت سابقاً".

ونفى المجعي، في تصريحات صحافية، أن يكون هناك أي وفد تفاوض مع القيادة العامة لتمديد المهلة.

من جانب آخر، شنّت وحدات من الجيش هجوماً، أمس الأحد، على مواقع متقدمة بمحور صلاح الدين، تمكنت خلالها من السيطرة على نقاط فاصلة بين محور صلاح الدين وخلة الفرجان في اتجاه معسكر اليرموك، الموقع الأهم عسكرياً في المنطقة.

لكن برلمانياً ليبياً أكد، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن مستجدات الأوضاع في ليبيا المتشابكة مع مواقف دولية جديدة فرضها الدخول التركي الحثيث على خط الملف الليبي اضطرت حفتر وحلفاءه إلى معاودة حساباتهم، مشيراً إلى أن "الرجمة تشهد اتصالات مكثفة في كل اتجاه من أجل بلورة خطط جديدة للتعامل مع الفشل المستمر في إحراز أي تقدم على الأرض، خصوصاً بعد التهديد الذي عاشته ترهونة الأيام الماضية"، في إشارة إلى الهجوم الذي نفذته قوات الجيش على ترهونة، الجمعة الماضية، التي تعد قاعدة قوات حفتر المتقدمة باتجاه طرابلس.

وظهر المسماري، في كلمته التي ألقها أمس، يرتدي زياً عسكرياً إماراتياً، فيما قالت مصادر إعلامية إنه ألقى الكلمة من أحد فنادق أبوظبي، وهو ما يراه المحلل السياسي الليبي مروان ذويب، الذي أكد أن "شيئاً ما يُحاك في كواليس أبوظبي".

وأعاد ذويب إلى الأذهان ظهور المسماري في مؤتمر صحافي بالزي العسكري الإماراتي ذاته من أبوظبي مطلع سبتمبر/ أيلول الماضي، عندما أعلن أن "الحل العسكري هو الحل الأمثل للأزمة الليبية"، رافضاً الحلول السياسية.

ورجح ذويب أن الأيام المقبلة ستشهد حراكاً عسكرياً من نوع جديد، مدعوماً من أبوظبي لمواجهة التدخل التركي الوشيك.

وقال متحدثاً لـ"العربي الجديد" إن "أبوظبي وحلفاءها بكل تأكيد يعدون لعملية جديدة، في محاولة لتغيير المشهد لمصلحتهم، وهم على قناعة بأن مؤتمر برلين الذي تقف وراءه واشنطن سينتج شكلاً سياسياً يجب عليهم أن يحفظوا مكاناً لحفتر فيه".

لكن المهتم الليبي بالشأن السياسي، عبد الحميد المنصوري، يرجح أن إعلان تمديد المهلة يعني "فشل حفتر في تنفيذ وعيده"، معتبراً أن "الاعتراض الأميركي الوارد في لسان الناطقة باسم وزارة الخارجية على اعتداء حفتر على مصراتة واضح جداً".

وكانت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية مورغان أورتاغوس قد أبدت، في تصريحات لها أخيراً، قلقها من تهديد قوات حفتر بـ"استخدام الأصول الجوية الأجنبية" والمرتزقة لمهاجمة مصراتة.

ويرى المنصوري، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن مهلة حفتر التي أعلنها سابقاً، ومددها أمس، تحمل مضامين عديدة، منها قناعته هو وحلفائه في أبوظبي وغيرها بأهمية مصراتة في المعركة، وأنه "يجب تحييدها"، ويؤكد أيضاً أن "تمديد المهلة واللعب على وتر وجود مفاوضات مع قادتها يعني رغبته في التفاوض معها، بعد أن غازلها في بيانات سابقة".

وبحسب معطيات الميدان، أوضح المنصوري أن "حفتر فقد المبادرة، وإثباتات فشله تتزايد كل يوم، مؤكدة عدم قدرته على إحراز أي جديد عسكري، لا في مصراتة ولا غيرها"، معتبراً أن "حفتر وحلفاءه باتوا على قناعة بأن تصريحات المتحدثة الأميركية تعني رغبة واشنطن في تجميد الأوضاع حتى الوصول إلى موعد انعقاد القمة الدولية"، مؤكداً أن "بيانات حفتر ومهله الممددة لا تعني شيئاً سوى رغبة فاشلة ومكشوفة للتفاوض مع مصراتة بغية تحييدها".​

المساهمون