وبحسب بيان، اليوم الاثنين، لوزارة الداخلية في حكومة "الوفاق" نشر خلاصة زيارة الوفد، فإنّ الاجتماعات تطرقت إلى "أهمية العلاقات الليبية الأميركية في مجالات مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية، حيث قدم الوفد الليبي توضيحاً بالآثار الجسيمة للعملية العسكرية التي بدأها حفتر على العاصمة طرابلس"، في إبريل/ نيسان الماضي.
واعتبر الوفد الحكومي، بحسب البيان، "أي مجموعة مسلحة تمارس الفوضى وتهديد مؤسسات الدولة لفرض الرأي أو تحقيق مصالحها الخاصة بالقوة، خطراً على أمن الدولة يساوي خطر المجموعات الإرهابية التي تستوجب مواجهتها بكل قوة وحزم"، في إشارة إلى قوات حفتر.
من جانبه، أبدى الجانب الأميركي "اهتمامه الكبير بالتعاون مع حكومة الوفاق الوطني على الصعيدين الأمني والعسكري والاقتصادي، وقناعته بمكافحة الإرهاب وتأمين الحدود وإعادة الاستقرار إلى ليبيا"، مشيراً إلى "ضرورة إطلاق حكومة الوفاق لحزمة الإصلاحات الاقتصادية والعسكرية والأمنية"، بحسب البيان.
Facebook Post |
ويبدو الموقف الأميركي، في الآونة الأخيرة، أكثر جدية، بعدما بدأت واشنطن تولي اهتماماً للملف الليبي، خصوصاً في ما يتعلق بعدوان حفتر العسكري على طرابلس، وطلبها منه أخيراً وقف هذا العدوان، بحسب بيان نشرته وزارة الخارجية الأميركية، في وقت سابق.
وكان مصدر برلماني رفيع قد كشف، في وقت سابق، لــ"العربي الجديد"، تلقّي حفتر رسالة أميركية تتضمن "انزعاجاً واضحاً" من ركونه إلى الجانب الروسي. وأكد المصدر الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، أنّ الرسالة "تتضمن أيضاً تحذيراً قوياً لحفتر، من استمراره في التعاون مع روسيا، وفسح المجال لها لتقوية نفوذها في ليبيا، ولا سيما في الجانب العسكري، من خلال مدّه بالمقاتلين والأسلحة الحديثة".
ورغم أنّ الباحث الليبي في الشؤون السياسية مروان ذويب، يرى في البيان "نجاحاً دبلوماسياً وسياسياً كبيراً لحكومة الوفاق"، تؤكد الصحافية الليبية نجاح الترهوني، أنّ "توازنات دولية تقف وراء تحول الموقف الأميركي"، الذي تؤكد أنّه "لا يزال غير ذي أهمية بالنسبة إلى الملف الليبي".
ويشرح ذويب رأيه، لـ"العربي الجديد"، بالقول، اليوم الاثنين، إنّ "الحكومة وظّفت العامل الزمني جيداً في مساعيها الدبلوماسية"، موضحاً أنّ "طول أمد حرب حفتر على العاصمة طرابلس وفشله، جعل من مساعي الحكومة لدى عاصمة ذات ثقل دولي كواشنطن أكثر إقناعاً".
واعتبر أنّ تمكّن "حكومة محاصرة داخل طرابلس، من عقد شراكة مع دولة بحجم أميركا في ملفات كبيرة كالإرهاب والهجرة وتأمين الحدود، التي تقع تحت سيطرة حفتر، يعني نجاحاً كبيراً، رغم أنّ حفتر هو من يسيطر على ثلاثة أرباع البلاد".
وأشار ذويب إلى أنّ "المكسب الأكبر يتمثل بتمكّن الحكومة من قلب الموقف، من مباركة البيت الأبيض الواضحة من خلال اتصال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مع حفتر، في إبريل/ نيسان الماضي، إلى موقف مناقض تماماً تطلب فيه الإدارة الأميركية من حفتر وقف الهجوم".
وفيما أكد ذويب أنّ "نجاح الحكومة في دعم قواتها لإفشال حملة حفتر وإرغامه على اللجوء إلى طلب العون من موسكو، الخصم المعروف لواشنطن، هو الأساس في نصرها السياسي الجديد"، خلص إلى أنّ "تحول مواقف دولة كأميركا ليس بالأمر السهل، وسيترتب عليه قرارات وشيكة".
في المقابل، تعتبر الترهوني أنّ "مساعي حكومة الوفاق وثقلها السياسي، لا يتناسبان وحجم الملف الليبي لدى دول كبرى متدخلة فيه"، معتبرة أنّ "تحول الموقف الأميركي جاء بسبب التغول الروسي في ليبيا، وتحديداً وقوفها إلى جانب حفتر".
وكان مسؤول ملف شمال أفريقيا السابق في الخارجية الأميركية وليان لورانس، قد أكد أنّ عدد الجنود الروس في ليبيا، تضاعف، في الأسابيع الأخيرة، من 200 عنصر إلى 1400، مضيفاً، خلال لقاء أجرته معه قناة "الجزيرة"، أنّ "الروس سيطروا على الكثير من جوانب العمليات العسكرية التي يقوم بها حفتر"، معرباً عن مخاوفه من تنامي الدعم الروسي لحفتر.
وفيما أكد لورانس حرص بلاده على وحدة ليبيا، أكد أيضاً أنّها ستطلب من حلفائها، مثل فرنسا ومصر والإمارات، أن تتخلى عن دعمه.
وعن ذلك، رأت الترهوني، في حديثها لـ"العربي الجديد"، أنّ "الحديث الأميركي عن الوجود الروسي، هو العنصر الحاضر الوحيد في مواقف المسؤولين الأميركيين، ما يؤكد خشية واشنطن من تنامي الدور الروسي في ليبيا"، مشددة على أنّ "واشنطن تعلم جيداً أنّ الحل في ليبيا لن يكون إلا بتغيير الواجهة السياسية وقادة السلاح".
وأشارت إلى أنّ "لقاءات الجانب الأميركي لم ترقَ إلى المستوى الوزاري ولقاء وزراء حكومة الوفاق مع نظرائهم في واشنطن"، معتبرة أنّ "حديث المسؤولين الأميركيين عن تعاون مع حكومة الوفاق، لا يعني سوى رسائل تهديد لحفتر فقط".
وترى الترهوني أنّ "الشيء الوحيد المؤكد أنّ واشنطن أمرت حفتر بوقف حربه، وسترغمه على ذلك، سواء لكون حفتر مواطناً أميركياً يحمل جنسيتها، أو من خلال حثّ فرنسا والإمارات ومصر على فكّ شراكتها معه".