بعد مقتل البغدادي... من سيتولى زعامة تنظيم "داعش"؟

28 أكتوبر 2019
مقتل البغدادي هدية انتخابية لترامب (Getty)
+ الخط -
يفتح مقتل زعيم تنظيم "داعش" أبو بكر البغدادي، في عملية أميركية، الأحد، الباب أمام تساؤلات حول هوية من سيخلفه على رأس التنظيم المتطرف، لكن لائحة المرشحين تبدو محدودة، وفق ما يؤكد خبراء.

وقد تفسح عملية اختيار خلف للبغدادي المجال أمام انشقاقات في صفوف التنظيم، وفق خبراء، لكن في الوقت نفسه يرى خبراء آخرون أن غياب القائد من شأنه أن يعزز موقع التنظيم الذي يتمتع بهيكلية إدارية قوية.
وأعلنت "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، الأحد أيضاً، مقتل المتحدث باسم تنظيم "داعش" في شمال سورية، أبو حسن المهاجر. ومن شأن ذلك أن يحدّ أكثر من الخيارات المتاحة أمام التنظيم لاختيار "خليفة" جديد بعد مقتل زعيمه. ولم تذكر الحسابات التابعة للتنظيم على مواقع التواصل الاجتماعي وفاة البغدادي أو أسماء خلفاء محتملين له.

أبو عثمان التونسي
ويبرز اسما مرشحين للحلول مكان البغدادي، وهما "أبو عثمان التونسي وأبو صالح الجزراوي"، الملقب بالحاج عبد الله، وفق ما يقول الخبير العراقي المتخصص بتنظيم "داعش" هشام الهاشمي، لوكالة "فرانس برس". ويرأس أبو عثمان، التونسي الجنسية، مجلس شورى تنظيم "داعش"، وهو مجلس استشاري في التنظيم مسؤول عن سنّ التشريعات فيه، وفق الهاشمي.

أبو صالح الجزراوي
أما أبو صالح الجزراوي، فهو سعودي الجنسية ويرأس ما يُعرف بـ"الهيئة التنفيذية" في التنظيم. لكن الخبير يؤكد أن الخيارين مثيران للجدل كون الرجلين ليسا من التابعية العراقية أو السورية اللتين يشكّل المتحدرون منهما الغالبية من المنضمين للتنظيم، مشيراً إلى أن ذلك قد يؤدي إلى "انشقاقات".

الحاج عبد الله 
واعتبر الأكاديمي والخبير في شؤون الجهاديين أيمن جواد التميمي أيضاً أن الحاج عبد الله يعدّ مرشحاً محتملاً لخلافة البغدادي. ويوضح التميمي أن اسم الحاج عبد الله "يرد في وثائق مسربة لتنظيم (داعش) على أنه نائب للبغدادي، وهو لا يزال على قيد الحياة وفق ما نعلم".
ويضيف التميمي أنه "إلى جانب ورود اسمه في بعض وثائق التنظيم، لا نعرف الكثير عن الحاج عبد الله باستثناء أنه كان أمير الهيئة التنفيذية للتنظيم، وهي جهاز الإدارة العام في تنظيم (داعش)".

عبد الله قرداش
وتركزت التكهنات أيضاً حول اسم القيادي البارز في تنظيم "داعش"، عبد الله قرداش، وهو ضابط سابق في الجيش العراقي كان مسجوناً إلى جانب البغدادي في معسكر بوكا الذي أدارته الولايات المتحدة في العراق. وكان بيان نُسب إلى وكالة "أعماق" التابعة للتنظيم المتطرف قبل أشهر، لكن لم يتم تبنيه بشكل رسمي، قد أشار إلى أن قرداش اختير ليحلّ محلّ البغدادي، حتى قبل مقتل الأخير. غير أن الخبيرين التميمي والهاشمي أكدا أن البيان المذكور مزيف.
وأوضح التميمي الذي يحفظ منشورات التنظيم ويحللها، أن البيان "لم يصدر عبر القنوات الرسمية لتنظيم (داعش)، ولم ينشر هناك... بالتأكيد كان مزيفاً". وقال الهاشمي نقلاً عن مصادر استخباراتية عراقية، إن قرداش متوفٍ منذ عام 2017، مضيفاً أن ابنة قرداش "هي حالياً محتجزة لدى الاستخبارات العراقية".


وأشار إلى أنها "وأقاربها أكدوا أنه توفي في عام 2017"، بدون أن يعطي مزيداً من التفاصيل. وأوضح الهاشمي أن قرداش، وهو تركماني من منطقة تلعفر في العراق، لا يملك مقومات تسمح له بتزعم التنظيم، فهو لا ينتمي لقبيلة قريش التي يشترط أن يكون زعيم التنظيم متحدّراً منها، بحسب الخبير، بمعنى أنه لا ينتمي إلى نسب الرسول محمد.

انشقاقات
سيرث الزعيم الجديد مهمة صعبة تتمثل بقيادة تنظيم يواجه صعوبات خصوصاً بعد خسارته لأراض واسعة، متحولاً إلى مجرّد تنظيم مسلّح قوامه خلايا نائمة قادرة فقط على أن تقوم بهجمات متفرقة بين سورية والعراق. وولّدت هزيمة التنظيم في مارس/آذار الماضي، انقسامات آخذة بالاتساع في أوساطه، مع وجود فريق في داخله يلوم البغدادي على تلك الهزيمة.
واعتبر نايت روزنبالت، وهو خبير في التنظيمات الجهادية، أنه مع رحيل البغدادي "ستجد تنظيمات تابعة لـ(داعش) فرصة لتبديل ولائها أو على الأقل عدم مبايعة خلف البغدادي". ورأى الخبير أن هذا التضعضع المحتمل قد يعطي في المقابل دفعاً لتنظيمات جهادية أخرى، مثل "هيئة تحرير الشام" التي كانت تعرف بـ"جبهة النصرة" سابقاً، وهي الفرع السابق لتنظيم "القاعدة" في سورية، بالإضافة إلى تنظيم "حراس الدين" المرتبط بـ"القاعدة" أيضاً. ويحاول كلا التنظيمين استئصال "داعش" من سورية.

"لا يهمّ"

ليس من المحتمل أن يؤثر فراغ القيادة في التنظيم على أعماله اليومية، وفق ما رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة نورث إيسترن ماكس أبرامس. وقال الأكاديمي "لا يهم من سيخلف البغدادي" الذي لم يظهر علناً إلا نادراً منذ سيطرة التنظيم على أراضٍ واسعة في سورية والعراق عام 2014.

وأضاف أن "صناعة القرار وتنظيم العمليات والتجنيد في أوساط تنظيم (داعش) تخضع لنظام لامركزي وأكثر لامركزية حتى من تنظيم القاعدة" الذي قتل مؤسسه أسامة بن لادن في عام 2011 في هجوم أميركي.
وأوضح "التساؤل بشأن خلافة بن لادن عندما قتل كان أكثر أهمية لأن بن لادن لعب دوراً أكبر في (القاعدة) من الدور الذي لعبه البغدادي في (داعش)".

ويقوم تنظيم "داعش" على هيكلية إدارية دقيقة من شأنها التعويض عن خسارة زعيم التنظيم، وفق ما رأى شارلي وينتر، الباحث في "كينغز كولدج" في لندن. وأضاف الباحث لوكالة "فرانس برس"، أن "الجماعات الجهادية القادرة على الصمود أو حتى تعزيز قوتها بعد خسارة قائدها، هي تلك التي تتمتع بتنظيم وهيكلية إدارية". وأوضح أن "عدداً قليلاً جداً من التنظيمات الجهادية تتمتع بتنظيم إداري كالذي يملكه تنظيم (داعش)، ولذلك أتوقع أن يصبح أقوى وليس أن يتفكك".

(فرانس برس)