من المقرر أن يبدأ الجنرال الإسرائيلي أفيف كوخافي، اليوم الثلاثاء، مهامه الرسمية رئيساً لأركان جيش الاحتلال الإسرائيلي خلفاً لسلفه غادي أيزنكوط، في وقت لم يعد أمامه متسع لإخفاء الحرب السرية ضد "حزب الله" وإيران. فقد اختار أيزنكوط، ورئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إماطة اللثام كلياً عن الحرب السرية ضد إيران، والاعتراف (أيزنكوط في مقابلات صحافية مختلفة، ونتنياهو أمام جلسة الحكومة الأسبوعية) رسمياً وبشكل صريح بأن جيش الاحتلال استهدف آلاف الأهداف الإيرانية في سورية، وفي مواقع أخرى. وأقر الاثنان أيضاً باستهداف قافلات السلاح المعدة لـ"حزب الله"، على مدار السنوات الأربع الأخيرة، في أتون الحرب السرية ضد التموضع الإيراني وضد الحزب التي أطلق عليها الاحتلال الاسم العام "المعركة بين الحروب". وطاولت هذه الحرب، ضمن التعاون العسكري بين نظام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والاحتلال الإسرائيلي تحت ستار ملاحقة خلايا "داعش" في سيناء، مواقع وأهدافاً لحركة "حماس"، واستهداف عمليات لتهريب السلاح لحركة المقاومة في قطاع غزة.
ويأتي كوخافي إلى منصبه خلفاً لرئيس أركان يحظى بشكل عام بشعبية كبيرة في إسرائيل، ووسط احتفاء شديد به في الأيام الأخيرة، علماً أن أيزنكوط تعرض خلال عام 2017 لحملات من اليمين الإسرائيلي، خصوصاً من وزير الأمن السابق أفيغدور ليبرمان، وأقطاب اليمين الديني الاستيطاني ممثلاً بكل من أيليت شاكيد ونفتالي بينت، الذين اتهموا في العام الماضي، بفعل أجواء الانتخابات، أيزنكوط والجيش بالمهادنة في مواجهة حركة "حماس"، ورفض شنّ حرب أو عملية عسكرية واسعة في قطاع غزة.
وكوخافي هو أول من رفع راية مواجهة خطر صواريخ "حزب الله" في لبنان، وأول من كشف أن الحرب الصاروخية ضد إسرائيل هي الخطر الذي يهدد أكثر من أي شيء آخر العمق الإسرائيلي، وذلك في خطاب له أمام مؤتمر هرتسليا للمناعة القومية عام 2012 بينما كان رئيساً لشعبة الاستخبارات العسكرية "أمان". كما كان كوخافي أول من ادعى حيازة إيران لليورانيوم المخصب بما يمكّنها من بناء وإنتاج قنابل نووية.
إلى ذلك، قاد كوخافي قبل وصوله إلى شعبة الاستخبارات، منطقة قطاع غزة، وكان قائداً لعمليات وحملات عدوانية للاحتلال ضد القطاع، وأبرزها عدوان "أمطار الصيف"، والتي اضطر بسببها إلى عدم إكمال دراساته العليا في لندن عام 2006 خوفاً من اعتقاله ومحاكمته لدوره في جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة، واتجه لإكمال دراسته في العلاقات الدولية في جامعة جونز هوبكنز في الولايات المتحدة.
وسبق له أن قام بدور فاعل في قمع الانتفاضة الثانية عام 2003، وكان من أشد المطالبين بخط هجومي ومتشدد لقمع الانتفاضة الثانية على الرغم من كون القتال يدور في بلدات حضرية، ووسط سكان مدنيين. وفي هذا السياق، قاد قوات خاصة لاقتحام مخيم بلاطة للاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية، قرب نابلس، كما قاد عمليات مشابهة خلال الاجتياح الإسرائيلي لمدن الضفة الغربية في عدوان "السور الواقي" لكسر الانتفاضة الثانية، ومن ضمن ذلك عملية اجتياح مدينة بيت لحم وضرب الحصار على كنيسة المهد.
عُيّن عام 2014 بعد قيادته لشعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، قائداً للمنطقة الشمالية في جيش الاحتلال، أي المسؤول الأول والمباشر عن الجبهة الشمالية، إلى حين تعيينه عام 2017 نائباً لرئيس الأركان. ومثل سلفه أيزنكوط، فإن كوخافي يولي أهمية كبيرة أيضاً لذراع السايبر، التي أوجدها أيزنكوط خلال فترة ولايته ضمن خطته المعروفة باسم "غدعون".
اقــرأ أيضاً
وليس واضحاً حتى الآن ما إذا كان كوخافي سيجري تغييرات عميقة في جيش الاحتلال أو في عقيدته، لكن يبدو أنه يؤيد الاستراتيجية التي وضعها أيزنكوط، ولا سيما في ما يتعلق بتعزيز مكانة القوات البرية، واستقلال ذراع السايبر عن شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان".
لكن التحديات الرئيسية التي ستواجهه، وفق المنظور الإسرائيلي، هي أولاً كيفية تحديد العلاقة بينه وبين المستوى السياسي، وهل سيصل إلى حالة التناغم التي سادت بين أيزنكوط ونتنياهو، أم سيكون في حالة خلاف مع المستوى السياسي؟ لكن يبدو حالياً أنه سيواصل اعتماد استراتيجية أيزنكوط التي قامت على أولوية الجبهة الشمالية ومواجهة إيران و"حزب الله"، مع استمرار العمليات السرية والغارات المعلنة، والاتجاه وفق نصيحة أيزنكوط للحكومة الإسرائيلية، أمس الأول، لتعزيز التعاون والتنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية وتعزيز مكانة الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، واعتماد سياسة إدارة الأزمات مقابل قطاع غزة، وعدم اجتياز الخط الفاصل بين توتر وتصعيد أمني وبين حالة إعلان حرب شاملة على قطاع غزة.
ويعني هذا التوجّه أمرين، حرب متواصلة ضد التموضع الإيراني وتعزيز قوة "حزب الله" من جهة، وإدارة الأزمات مقابل قطاع غزة، العنوان الأبرز الذي ميّز فترة أيزنكوط، خصوصاً في العامين الأخيرين. ويمكن القول في هذا السياق، وفقاً للادعاءات الإسرائيلية، إن أيزنكوط حقق في هذا المضمار إنجازات ونجاحات، حصلت أيضاً بفضل التنسيق العسكري بين إسرائيل وروسيا وفق تفاهمات سبتمبر/ أيلول 2015 بين نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ووفرت تلك التفاهمات للاحتلال الإسرائيلي مطلق الحرية في الأجواء والأراضي السورية، ما دامت الهجمات والغارات الإسرائيلية تستهدف سلاح "حزب الله" والقواعد الإيرانية، ولا تمس بالنظام السوري وبسياسة روسيا في تثبيت استقرار نظام بشار الأسد في مواجهة الثورة السورية. وصمدت هذه التفاهمات لغاية الآن، حتى بعد أزمة الطائرة الروسية في سبتمبر 2018، إذ واصلت إسرائيل على الرغم من حالة "التوتر في العلاقات بينها وبين روسيا" غاراتها في سورية، وكان آخرها الهجوم الذي استهدف نهاية الأسبوع الماضي مخازن سلاح إيرانية في مطار دمشق الدولي، وفق إعلان نتنياهو.
وبالعودة إلى كوخافي، فسيكون عليه البت في مسألة استمرار إدارة الأزمات في غزة، والامتناع عن تأييد حرب شاملة وواسعة في القطاع، مع السعي، وفق نصائح أيزنكوط، إلى تكريس استقرار السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس وتعزيز مكانة الأجهزة الأمنية الفلسطينية، باعتبارها ذخراً للأمن الإسرائيلي وأداة تمكّن السلطة من منع حالة غليان شعبي وانتفاضة جديدة. ويمكن القول في هذا السياق إن "إنجاز" أيزنكوط في الاحتفاظ بالتنسيق الأمني، سيكون تحدياً إضافياً أمام كوخافي.
أخيراً، يمكن إجمال فترة أيزنكوط على النحو التالي: تمكّن خلال السنوات الأربع من تفادي التورط في حرب أو حملة عسكرية واسعة النطاق ضد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة. عزز، على الرغم من نهج توسيع الاستيطان في الضفة الغربية، وانتفاضة الأفراد بين أكتوبر/ تشرين الأول 2015 وأواسط 2016، التنسيق الأمني الفعلي والميداني بين قوات الاحتلال وقوات الأمن الفلسطينية (على الرغم من إعلانات كاذبة من السلطة بوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال)، وهو ما منع اندلاع انتفاضة شعبية في الضفة الغربية المحتلة. استطاع على مدار السنوات الأربع من إدارة الحرب السرية ضد الوجود الإيراني في سورية، والمحافظة على أسس التفاهمات الروسية - الإسرائيلية، ومنع احتكاك أو معارك جوية بين طيران الاحتلال وسلاح الجو الروسي في الأجواء السورية، حتى بعد إسقاط الطائرة الروسية في سبتمبر الماضي.
في المقابل، يصر مفوض شكاوى الجنود في جيش الاحتلال، الجنرال يتسحاق بريك، على أن أيزنكوط يسلّم خلفه عملياً جيشاً غير جاهز للحرب المقبلة، فيما يتهمه اليمين المتطرف في إسرائيل بأنه أضعف الروح القتالية في الجيش، خصوصاً مع تراجع نسبة من يفضلون الالتحاق بالوحدات القتالية.
ويأتي كوخافي إلى منصبه خلفاً لرئيس أركان يحظى بشكل عام بشعبية كبيرة في إسرائيل، ووسط احتفاء شديد به في الأيام الأخيرة، علماً أن أيزنكوط تعرض خلال عام 2017 لحملات من اليمين الإسرائيلي، خصوصاً من وزير الأمن السابق أفيغدور ليبرمان، وأقطاب اليمين الديني الاستيطاني ممثلاً بكل من أيليت شاكيد ونفتالي بينت، الذين اتهموا في العام الماضي، بفعل أجواء الانتخابات، أيزنكوط والجيش بالمهادنة في مواجهة حركة "حماس"، ورفض شنّ حرب أو عملية عسكرية واسعة في قطاع غزة.
وكوخافي هو أول من رفع راية مواجهة خطر صواريخ "حزب الله" في لبنان، وأول من كشف أن الحرب الصاروخية ضد إسرائيل هي الخطر الذي يهدد أكثر من أي شيء آخر العمق الإسرائيلي، وذلك في خطاب له أمام مؤتمر هرتسليا للمناعة القومية عام 2012 بينما كان رئيساً لشعبة الاستخبارات العسكرية "أمان". كما كان كوخافي أول من ادعى حيازة إيران لليورانيوم المخصب بما يمكّنها من بناء وإنتاج قنابل نووية.
وسبق له أن قام بدور فاعل في قمع الانتفاضة الثانية عام 2003، وكان من أشد المطالبين بخط هجومي ومتشدد لقمع الانتفاضة الثانية على الرغم من كون القتال يدور في بلدات حضرية، ووسط سكان مدنيين. وفي هذا السياق، قاد قوات خاصة لاقتحام مخيم بلاطة للاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية، قرب نابلس، كما قاد عمليات مشابهة خلال الاجتياح الإسرائيلي لمدن الضفة الغربية في عدوان "السور الواقي" لكسر الانتفاضة الثانية، ومن ضمن ذلك عملية اجتياح مدينة بيت لحم وضرب الحصار على كنيسة المهد.
عُيّن عام 2014 بعد قيادته لشعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، قائداً للمنطقة الشمالية في جيش الاحتلال، أي المسؤول الأول والمباشر عن الجبهة الشمالية، إلى حين تعيينه عام 2017 نائباً لرئيس الأركان. ومثل سلفه أيزنكوط، فإن كوخافي يولي أهمية كبيرة أيضاً لذراع السايبر، التي أوجدها أيزنكوط خلال فترة ولايته ضمن خطته المعروفة باسم "غدعون".
وليس واضحاً حتى الآن ما إذا كان كوخافي سيجري تغييرات عميقة في جيش الاحتلال أو في عقيدته، لكن يبدو أنه يؤيد الاستراتيجية التي وضعها أيزنكوط، ولا سيما في ما يتعلق بتعزيز مكانة القوات البرية، واستقلال ذراع السايبر عن شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان".
لكن التحديات الرئيسية التي ستواجهه، وفق المنظور الإسرائيلي، هي أولاً كيفية تحديد العلاقة بينه وبين المستوى السياسي، وهل سيصل إلى حالة التناغم التي سادت بين أيزنكوط ونتنياهو، أم سيكون في حالة خلاف مع المستوى السياسي؟ لكن يبدو حالياً أنه سيواصل اعتماد استراتيجية أيزنكوط التي قامت على أولوية الجبهة الشمالية ومواجهة إيران و"حزب الله"، مع استمرار العمليات السرية والغارات المعلنة، والاتجاه وفق نصيحة أيزنكوط للحكومة الإسرائيلية، أمس الأول، لتعزيز التعاون والتنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية وتعزيز مكانة الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، واعتماد سياسة إدارة الأزمات مقابل قطاع غزة، وعدم اجتياز الخط الفاصل بين توتر وتصعيد أمني وبين حالة إعلان حرب شاملة على قطاع غزة.
ويعني هذا التوجّه أمرين، حرب متواصلة ضد التموضع الإيراني وتعزيز قوة "حزب الله" من جهة، وإدارة الأزمات مقابل قطاع غزة، العنوان الأبرز الذي ميّز فترة أيزنكوط، خصوصاً في العامين الأخيرين. ويمكن القول في هذا السياق، وفقاً للادعاءات الإسرائيلية، إن أيزنكوط حقق في هذا المضمار إنجازات ونجاحات، حصلت أيضاً بفضل التنسيق العسكري بين إسرائيل وروسيا وفق تفاهمات سبتمبر/ أيلول 2015 بين نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ووفرت تلك التفاهمات للاحتلال الإسرائيلي مطلق الحرية في الأجواء والأراضي السورية، ما دامت الهجمات والغارات الإسرائيلية تستهدف سلاح "حزب الله" والقواعد الإيرانية، ولا تمس بالنظام السوري وبسياسة روسيا في تثبيت استقرار نظام بشار الأسد في مواجهة الثورة السورية. وصمدت هذه التفاهمات لغاية الآن، حتى بعد أزمة الطائرة الروسية في سبتمبر 2018، إذ واصلت إسرائيل على الرغم من حالة "التوتر في العلاقات بينها وبين روسيا" غاراتها في سورية، وكان آخرها الهجوم الذي استهدف نهاية الأسبوع الماضي مخازن سلاح إيرانية في مطار دمشق الدولي، وفق إعلان نتنياهو.
أخيراً، يمكن إجمال فترة أيزنكوط على النحو التالي: تمكّن خلال السنوات الأربع من تفادي التورط في حرب أو حملة عسكرية واسعة النطاق ضد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة. عزز، على الرغم من نهج توسيع الاستيطان في الضفة الغربية، وانتفاضة الأفراد بين أكتوبر/ تشرين الأول 2015 وأواسط 2016، التنسيق الأمني الفعلي والميداني بين قوات الاحتلال وقوات الأمن الفلسطينية (على الرغم من إعلانات كاذبة من السلطة بوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال)، وهو ما منع اندلاع انتفاضة شعبية في الضفة الغربية المحتلة. استطاع على مدار السنوات الأربع من إدارة الحرب السرية ضد الوجود الإيراني في سورية، والمحافظة على أسس التفاهمات الروسية - الإسرائيلية، ومنع احتكاك أو معارك جوية بين طيران الاحتلال وسلاح الجو الروسي في الأجواء السورية، حتى بعد إسقاط الطائرة الروسية في سبتمبر الماضي.
في المقابل، يصر مفوض شكاوى الجنود في جيش الاحتلال، الجنرال يتسحاق بريك، على أن أيزنكوط يسلّم خلفه عملياً جيشاً غير جاهز للحرب المقبلة، فيما يتهمه اليمين المتطرف في إسرائيل بأنه أضعف الروح القتالية في الجيش، خصوصاً مع تراجع نسبة من يفضلون الالتحاق بالوحدات القتالية.