مشروع تهدئة غزة بين 5 و7 سنوات بمراحل متتالية

03 اغسطس 2018
هنية مستقبلاً العاروري في غزة أمس (الأناضول)
+ الخط -


على نحو متسارع، تسير غزة نحو خيار من اثنين، إما هدوء لوقت أطول وبضمانات أفضل وبتحسن حقيقي للأوضاع الإنسانية والمعيشية والاقتصادية، وإما رفض للمساعي الحالية، ومنها ربما يكون الخيار الموضوع على الطاولة: حرب قاسية.

لكن كلا الخيارين بحاجة إلى أيام لتتضح معالمه، والمرحلة التي تليه، في ظل المعروض حالياً، والذي تُجري قيادة حركة "حماس" في الداخل والخارج نقاشاً حوله في غزة، بعد أن وصل قادة الحركة في الخارج إلى القطاع مساء أول من أمس، مع مكوثهم لثلاثة أيام، يتقدمهم نائب رئيس الحركة، صالح العاروري، المقيم بين لبنان وتركيا، يرافقه ثمانية أعضاء من المكتب السياسي في الخارج عبر معبر رفح. وهي المرة الأولى التي تسمح فيها دولة الاحتلال للعاروري شخصياً بدخول القطاع، ما يعزز احتمالات أن تكون هناك تطورات جدية محتملة. ويعقد المكتب السياسي العام لحركة "حماس"، برئاسة إسماعيل هنية، ومجلس شورى الحركة، منذ أمس الجمعة، سلسلة لقاءات داخلية للخروج بموقف من العروض الأخيرة التي وصلت من مصر والأمم المتحدة حول التهدئة والمصالحة ورفع الحصار، بينما يجتمع الكابينت الإسرائيلي، يوم غد الأحد، لمناقشة اتفاق التهدئة الحالي، وفق ما هو معروض من قبل الوسيط المصري، والمبعوث الدولي، نيكولاي ملادينوف، والذي لن يشمل في أولى نقاطه إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في غزة.

وتؤكد مصادر قريبة من "حماس"، لـ"العربي الجديد"، أنّ خطة التهدئة الحالية، التي يجري نقاشها داخلياً، تنقسم إلى عدة أجزاء متتابعة، وجوهرها الهدوء من غزة مقابل التسهيلات ورفع الحصار وإنهاء تدريجي للقيود المفروضة على الفلسطينيين المحاصرين منذ 12 سنة. والتقدم الذي طرأ أخيراً، وفق مصادر "العربي الجديد"، يرجع إلى نجاح المبعوث الأممي، نيكولاي ملادينوف، في تفكيك نقاط الاشتباك بين غزة وتل أبيب. واستطاع ملادينوف أنّ يقنع إسرائيل بأنّ ملف الأسرى لدى حركة "حماس" منفصل تماماً عن ملف التهدئة، وقد نجح قبل أيام في ذلك، وأبلغ وزير الخارجية المصري، سامح شكري، بالأمر. ونجح أيضاً في دفع إسرائيل لتجاوز مطلبها بنزع سلاح "حماس" والفصائل في غزة مقابل التسهيلات ورفع الحصار والقيود المفروضة على الفلسطينيين، وهو الشرط الذي أعاق كل محاولات الاتفاق السابقة.




ويبدو من المعطيات، التي تجمعت لدى "العربي الجديد"، أنّ الخطة المصرية الأممية للتهدئة تقفز عن ملف المصالحة الداخلية بين حركتي "فتح" و"حماس"، وهذا مؤشر على فشل اللقاءات الأخيرة التي عقدتها قيادة "فتح" مع الاستخبارات المصرية. وتشير المعطيات إلى أنّه يجري حالياً العمل على التوصل لتهدئة شاملة ومتزامنة بين غزة وتل أبيب، تتراوح مدتها بين خمس وسبع سنوات وربما أكثر، وتبدأ بإعادة الأوضاع على الحدود إلى ما قبل مسيرات العودة وكسر الحصار، التي انطلقت في 30 مارس/آذار الماضي، وتعيد إسرائيل مقابل ذلك فتح معبر كرم أبو سالم التجاري بشكل طبيعي. وتبدأ بعد ذلك، الأمم المتحدة بتجنيد الدعم الدولي لإعادة إعمار قطاع غزة، خصوصاً البنية التحتية، وقطاعي الكهرباء والصحة على وجه الخصوص. ومع هذا تبدأ إسرائيل برفع القيود عن السلع الممنوع دخولها إلى القطاع، وتفتح مصر معبر رفح بشكل أفضل وباستمرار. كما ستستلم مصر تنفيذ مشاريع جديدة في غزة عبر شركاتها الحكومية، وبإشراف مباشر من الأمم المتحدة المنوط بها توفير الأموال اللازمة لهذه المشاريع، كما أنها تلتزم بإدخال بضائع للفلسطينيين عبر أحد موانئها القريبة من القطاع، وتسهيل سفر الفلسطينيين عبر أحد مطاراتها القريبة أيضاً.

وبعد أشهر من بدء التنفيذ، تبدأ مفاوضات تبادل أسرى بين "حماس" وإسرائيل، برعاية مصرية وأممية، مع تمسك حركة "حماس" بشرطها السابق لبدء تنفيذ هذا الأمر، والذي ينص على الإفراج عن أسرى صفقة جلعاد شاليط الذين أعيد اعتقالهم في الضفة الغربية وعددهم 50 أسيراً. والهدوء مقابل التسهيلات ورفع الحصار، هو العنوان الأبرز لهذه الصفقة التي يجري نقاشها بشكل واسع داخل "حماس"، لكن الحركة قد تواجه مشكلتين، أولهما وجود اعتراض لدى بعض الأقطاب العسكرية فيها على المعروض حالياً، ورغبة هذه الأطراف في تحصيل أفضل الممكن للفلسطينيين، وثانيها الفصائل الأخرى التي قد لا تلتزم بشكل كامل بالاتفاق. ويبدو أنّ الفصائل الأخرى بعيدة حتى الآن عن النقاشات الدائرة، حيث أن قيادات "حماس" لم تطلعها لهذه اللحظة على أجواء التفاوض، وفق مصادر تحدثت لـ"العربي الجديد". ومن غير المتوقع أنّ تعترض الفصائل على الاتفاق، لكن بالتأكيد سيكون لديها ملاحظات، وخصوصاً حركة "الجهاد الإسلامي"، ثاني أكبر فصيل مسلح في القطاع بعد "حماس". أما السلطة الفلسطينية وحركة "فتح" فهي أبعد ما تكون عن جو المشاورات الحالية. ويبدو أنّ مصر تجاهلتها حالياً، بعد تلميحات صدرت في القاهرة بإفشال قياديين في الحركة للورقة المصرية الأخيرة التي كانت تستهدف إحياء المصالحة كمقدمة لمناقشة التهدئة وتبادل الأسرى. وعلمت "العربي الجديد" كذلك أنّ الإدارة الأميركية أعطت الضوء الأخضر للسلطات المصرية للمضي في خطتها للتهدئة في غزة، وذلك خلال لقاء عقد قبل أيام بين مدير جهاز الاستخبارات العامة المصرية، اللواء عباس كامل، ومسؤولين أميركيين في واشنطن.

المساهمون