تحذيرات من تفجر الأوضاع بسبب تصريحات بن غفير بخصوص الأقصى

24 يوليو 2024
وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، القدس 3 يونيو 2024 (أمير ليفي/ Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **قرار بن غفير وإثارة الغضب**: أعلن وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير السماح لليهود بالصلاة في المسجد الأقصى، مما أثار غضباً واسعاً من الفلسطينيين وأطراف في الحكومة الإسرائيلية، بما في ذلك وزير الأمن يوآف غالانت والأحزاب الحريدية.

- **ردود الفعل المحلية والدولية**: تصريحات بن غفير قوبلت بمعارضة شديدة من داخل الحكومة الإسرائيلية، وحذر حاتم عبد القادر من تداعيات خطيرة على المستوى العربي والإسلامي، داعياً العالم العربي والإسلامي لتحمل مسؤوليته.

- **تحليل وتداعيات القرار**: زياد أبحيص اعتبر تصريحات بن غفير جزءاً من سياسة تهدف إلى فرض الطقوس التوراتية في المسجد الأقصى، ودعا المحامي خالد زبارقة إلى التحرك لمنع هذا الانتهاك الصارخ.

بعد سنوات من الخطوات الاستفزازية خرج وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير بقرار، اليوم الأربعاء، يسمح فيه لليهود بالصلاة في المسجد الأقصى المبارك، ليغير بذلك الاتفاقات القائمة "الستاتيكو" ما أثار حالة من الغضب والاستياء والتنديد. وقوبل إعلان بن غفير بغضب فلسطيني بالإضافة إلى غضب من أطراف في الحكومة الإسرائيلية، ممثلة بوزير الأمن يوآف غالانت، ومن الأحزاب الحريدية التي عبّرت عن رفضها لصلاة اليهود في الأقصى لاعتبارات أمنية ودينية.

بيد أن الغضب الأكبر كان في أوساط المرجعيات الدينية الإسلامية، وعلى رأسها مجلس أوقاف القدس والهيئة الاسلامية العليا في القدس، ومن خلفهما المملكة الأردنية، بحسب مصدر مسؤول في دائرة الأوقاف الإسلامية، تحدث لـ"العربي الجديد"، وأضاف المصدر أن "ما أعلنه بن غفير شكل صدمة، وخلق حالة من البلبلة تنادى في أعقابها مسؤولو الأوقاف لاجتماع طارئ".

وقال الشيخ عكرمة صبري، رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس وخطيب المسجد الأقصى المبارك، في حديث خاص مع "العربي الجديد" إن "تصريحات بن غفير بشأن صلاة المستوطنين في المسجد الأقصى عنصرية ومرفوضة، وهي إعلان حرب، لن يقبل بها المسلمون ولن يرضخوا لها ولن يعوّل عليها أبداً". وحمّل صبري حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن  تداعيات ما صدر عن وزير أمنها القومي بن غفير، مؤكداً أن المقدسيين وعموم الشعب الفلسطيني لن يسمحوا له أو لغيره بمسّ حرمة المسجد الأقصى، وطلب صبري من الفلسطينيين "كافة اليقظة والحذر والرباط الدائم في مسجدهم، وهو كفيل بحمايته من الاخطار التي تهدده".

وقال بن غفير، الأربعاء: "أنا المستوى السياسي، والمستوى السياسي يسمح لليهود بالصلاة في الأقصى"، لافتاً إلى أنه قام شخصياً الأسبوع الماضي بالصلاة فيه. وتعقيباً على ما أعلنه بن غفير، قال غالانت: "في الحكومة شخص يعمل كمشعل نيران ويحاول إشعال النار في الشرق الأوسط"، محذراً من أن بن غفير يحاول أن يشعل الشرق الأوسط. وبعد تصريحات بن غفير، اضطر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى إصدار بيان قال فيه: "الوضع القائم في المسجد الأقصى لم يتغير ولن يتغير". لكن أكثر المواقف المعارضة لتصريحات بن غفير صدرت عن الأحزاب الحريدية التي دعت إلى إغلاق الحرم القدسي أمام اليهود.
وفي هذا السياق، تنصل وزير الداخلية الإسرائيلي موشيه أربيل (شاس) من تصريحات بن غفير، قائلاً إن "الكفر الكبير الذي ارتكب لا يمكن أن يمر بهدوء، إن حظر الصعود إلى جبل الهيكل هو موقف جميع حاخامات إسرائيل الكبار منذ أجيال". وكتب رئيس اللجنة المالية موشيه غافني (يهدوت هتوراة) على منصة إكس أن "الصعود إلى جبل الهيكل ينطوي على حظر صارم. أطالب رئيس الوزراء بعدم السماح بتغيير الوضع الراهن في جبل الهيكل، وإذا حدثت تغييرات، يجب إغلاق جبل الهيكل في وجه اليهود".

ورأى حاتم عبد القادر، القيادي في حركة فتح، ورئيس الهيئة الإسلامية العليا، في حديث مع "العربي الجديد" أن تصريحات بن غفير "استفزازية وغير مسبوقة" من وزير إسرائيلي يتولى حقيبة الأمن الداخلي في حكومة الاحتلال، وأضاف عبد القادر: "هذه رسالة يُفترض أن تكون موجهة للعالم العربي والإسلامي المتخاذل الذي مهد بتخاذله الطريق لإيتمار بن غفير ليعلن مثل هذه المواقف"، وأضاف: "نحن ننظر بخطورة كبيرة لما أعلنه بن غفير، وتتحمل الحكومة الإسرائيلية مسؤولية أي تغيير في الوضع القائم، فالمسجد الأقصى مسجد إسلامي مائة بالمائة، وأي مساس أو تغيير بالوضع الراهن ستكون له تداعيات خطيرة، ليس فقط على المستوى المقدسي والفلسطيني، بل على المستوى العربي والإسلامي".

ووجه عبد القادر نداءً للعالم العربي والإسلامي لكي يتحمل مسؤوليته في الدفاع عن "أولى القبلتين وثالث الحرمين من هذه الحكومة العنصرية، خصوصاً أن تصريحات وزيرها المتطرف تأتي قبيل ما يُسمى احتفالات خراب هيكلهم، وهي احتفالات ستستمر لنحو شهر"، ويخشى أن توظف هذه التصريحات من خلال تحريض المستوطنين على اقتحام المسجد والقيام بصلاة جماعية في الأقصى. وحذر عبد القادر حكومة الاحتلال من خطورة تداعيات هذه التصريحات الخطيرة، مؤكداً أن "المقدسيين لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام أي محاولة من هذا القبيل لفرض وقائع جديدة على المسجد الأقصى".

بدوره رأى زياد أبحيص، المختص في شؤون الأقصى والمقدسات، في حديث مع "العربي الجديد" أن "تصريحات بن غفير إعلان رسمي لسياسة مرّت خمس سنوات على وضعها في الواجهة، تعمل على فرض الطقوس التوراتية في المسجد الأقصى أداةً استعمارية لتغيير هويته وفرض الإحلال الديني فيه، باعتبار ذلك بوابة مشروع الحسم في كل فلسطين المحتلة". وأشار أبحيص إلى أن مثل هذه الأفعال كانت "الشرارة التي دخلنا منها إلى طوفان الأقصى، وهو الخط الاستراتيجي الذي لا بد من البناء عليه في الصراع لتكريس ما كانت المقاومة قد بدأت تفرضه وتخطه عبر مواجهات متتالية".

ولفت أبحيص إلى ما كان قد أعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال تفاهماته مع وزير الخارجية الأميركي في أكتوبر/ تشرين الأول 2015 من أن الوضع القائم في نظره "مفهوم متغير"، وهو يعني أن يبقى الوضع على ما هو عليه لحظة الحديث عنه، فكل تغيير يضاف إليه يصبح جزءاً من "الوضع القائم" لتلك اللحظة. ووفق أبحيص "حين يقول نتنياهو إن إسرائيل متمسكة بالوضع القائم بعد صلاة اليهود في الأقصى، يقصد أن يقول إن صلاة اليهود فيه أصبحت جزءاً من الوضع القائم حالياً، وهو بذلك يكمل عملياً ما بدأه بن غفير، بينما يمنح التخدير المطلوب على المستوى الرسمي".

واعتبر المحامي خالد زبارقة أن تصريح بن غفير مساس صارخ بقدسية المسجد الأقصى المبارك وبحق المسلمين، ويقول زبارقة لـ"العربي الجديد" إن "هذا يُظهر الوجه الحقيقي والهدف الحقيقي للمشروع الصهيوني على أرض فلسطين، وهو اعتراف صريح وواضح من وزير في الحكومة الإسرائيلية بالسعي لتغيير الوضع القانوني القائم في الأقصى". وأضاف زبارقة أن "هذا التصريح مهم، لأن الاحتلال الإسرائيلي في السابق كان ينكر نياته بتغيير الوضع القائم، وكان ينكر السماح للمستوطنين بأداء طقوس تلمودية داخل ساحات المسجد، لكن اليوم، وبهذا التصريح من بن غفير، يثبُت ما كنا نحذر منه في السابق، وهذا الاعتراف والإقرار له أهمية كبيرة في كشف النيات الحقيقية لإسرائيل".

وأكد زبارقة أن "كل محاولة للاحتلال وزمرته وعربدته بفرض مخططات تهويدية على المسجد الأقصى ما هي إلا محاولات بائسة ويائسة للقفز نحو الأمام لفرض هوية تهويدية على المسجد بقوة النار، ما يتطلب من الجميع التحرك لمنع هذا الانتهاك الصارخ. كذلك إن هذا التصريح نسف للوصاية الأردنية على المسجد الأقصى، ويتطلب هذا الأمر من الملك عبد الله، الذي أخذ عهدة حماية الأقصى والوصاية عليه من أجداده وآبائه، أن يتحرك من أجل منع أن يحدث هذا الاعتداء، وهذا الانتهاك على قدسية الأقصى في عهده، وأن الذي يحمي الهوية الدينية للمسجد هو الوجود اليومي على مدار الساعة للمسلمين في الأقصى وشد الرحال إليه".

المساهمون