الخارجية المصرية تتلقى "اتصالات قلقة وتساؤلات" بشأن استهداف المعارضين

26 اغسطس 2018
اتهم النشطاء بالدعوة لتظاهرات غير مرخصة (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -


قالت مصادر دبلوماسية مصرية إن مكتب وزير الخارجية المصري، سامح شكري، تلقّى اتصالات عدة من مسؤولين ونواب أميركيين وسفراء دول أوروبية، للإعراب عن قلقهم من الحملة الأمنية الأخيرة التي استهدفت عدداً من الشخصيات المعارضة والنشطاء السياسيين الذين تم القبض عليهم صباح يوم الخميس الماضي، وصدر قرار من نيابة أمن الدولة العليا بحبسهم 15 يوماً على ذمة التحقيقات، وستواصل النيابة اليوم الأحد التحقيق مع بعضهم.

والمعارضون المحبوسون حديثاً هم مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير معصوم مرزوق، والعضو المؤسس في حركة استقلال الجامعات، الدكتور يحيى القزاز، والمحلل الاقتصادي رائد سلامة، والناشطة نرمين حسين، والنشطاء سامح سعودي، وعمرو محمد، وعبد الفتاح سعيد. وأضافت المصادر أن مكتب وزير الخارجية ردّ على التساؤلات التي وجهتها الدوائر الأجنبية عن سبب هذه الحملة بأن "أجهزة الأمن والاستخبارات رصدت منذ عدة أشهر وجود اتصالات بين الشخصيات المذكورة وقيادات في جماعة الإخوان المسلمين في تركيا وقطر، للتحريض على قلب نظام الحكم بالقوة، وأنهم دعوا إلى تظاهرات دون اتباع الإجراءات المنصوص عليها في قانون التظاهر، وأنهم تلقّوا تمويلاً ضخماً من قيادات الجماعة لبث أفكار تحرض على تغيير الدستور بالقوة".

وتضمّنت الردود أيضاً تأكيداً على أن القبض على المعارضين "لم يتم إلا بعد صدور قرار قضائي من النيابة العامة بموجب قانوني العقوبات ومكافحة الإرهاب"، وبالتالي فإنه لا يمكن للسلطة التنفيذية، ممثلة في رئاسة الجمهورية والحكومة، التدخل في الأمر، بزعم أن مصر تتمتع بسلطة قضائية مستقلة، وهي السلطة التي تلقت بلاغات مختلفة تتضمّن معلومات موثقة في هذا الصدد، في إشارة إلى البلاغات التي قدمها محامون موالون للسلطة الحاكمة ضد مرزوق، بعد طرح مبادرته لإجراء استفتاء على استمرار عبد الفتاح السيسي رئيساً للجمهورية. وطلبت الخارجية المصرية، في معرض ردها على الاتصالات الغربية من الدول المختلفة، التروي وعدم التسرع بإصدار بيانات للدفاع عن "المتهمين"، أو انتقاد تصرفات الحكومة المصرية في هذا الصدد، من دون أن يكون لديها علم كاف بتفاصيل القضية، متعهدة بأن تصدر النيابة العامة قريباً بياناً يتضمن الاتهامات الموجهة للمعارضين وردودهم عليها والتصرف القانوني بشأنها، سواء بالإحالة للمحاكمة أو التبرئة.



وقال مصدر قانوني مطلع على مجريات القضية إن مرزوق والقزاز كانا قد تلقيا، منذ أسابيع، تحذيرات من شخصيات قريبة من دائرة السيسي ورئاسة الجمهورية تفيد بأن قوات الأمن ستقبض عليهما قريباً على ذمة قضية جديدة مرتبطة بالمبادرة التي أطلقها مرزوق، وبتصريحاتهما الإعلامية لقنوات معروفة بموقفها المعارض للنظام. ورجّح المصدر أن يكون النظام الحاكم قد اختار هذا التوقيت للقبض على النشطاء المعارضين، مستغلاً انشغال إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، والمؤسسات الأميركية الأخرى بتطورات قضية التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية بعد إدانة المدير السابق لحملة ترامب الرئاسية، بول مانافورت، وثبوت فضيحة دفع ترامب أموالاً لسيدتين، ادعتا أنهما أقامتا علاقة جنسية معه، لشراء سكوتهما خلال فترة الانتخابات الرئاسية في عام 2016. وأوضح المصدر أن "الاتهامات الموجهة حتى الآن للنشطاء المعارضين تقتصر على كلام إنشائي عن علاقتهم بالإخوان، وتلقيهم أموالاً من بعض وسائل الإعلام في تركيا ولندن، وترديدهما شائعات تضر بالأمن القومي والسلم الاجتماعي"، مشيراً إلى أن النيابة استحدثت تهمة جديدة تنطبق على الشخصيات المعارضة من خارج جماعة الإخوان، هي "مشاركة جماعة إرهابية العمل على تحقيق أهدافها"، حتى لا تصطدم بحقيقة خصومة هذه الشخصيات مع جماعة الإخوان المسلمين، ومشاركتهم جميعاً في "ثورة" 30 يونيو/ حزيران 2013 ضد حكم الرئيس المعزول، محمد مرسي.

وكان مرزوق قد أطلق مبادرة، الشهر الماضي، للاستفتاء على بقاء نظام الحكم برئاسة عبد الفتاح السيسي، وفقاً لدستور 2014، وإذا قبل الشعب باستمراره في الحكم فهو بذلك يمنحه الشرعية، وإذا اعترض على استمراره يصدر قانون بتعطيل الدستور وإلغاء جميع القوانين الصادرة من 2014 حتى الآن، ويُشكّل مجلس رئاسي يرعى كتابة دستور جديد وانتخاب رئيس جديد للبلاد. وفور إعلان المبادرة وترحيب بعض التيارات المعارضة بها، تقدم عدد من المحامين المؤيدين للسلطة ببلاغات للتحقيق مع مرزوق بمزاعم الإخلال بأمن الدولة ونشر أخبار كاذبة وزعزعة الاستقرار الوطني. ومنعت السلطات المصرية الإعلام من تناول بنود مبادرة مرزوق، ثم فتحت وسائل الإعلام الموالية للسلطة النار على مرزوق واتهمته بالتنسيق مع "الإخوان" والتعامل مع وسائل إعلام معادية للسلطة، كالقنوات التي تبث من تركيا وقطر.