اجتماع "سوتشي" بصيغة "أستانة": التحضيرات ورمزية المكان

29 يوليو 2018
اجتماع سابق في سوتشي (Getty)
+ الخط -

بدأت الوفود المشاركة في اجتماع سوتشي بصيغة "أستانة"، اليوم الأحد، في الوصول إلى المدينة الروسية الواقعة على البحر الأسود، تحضيراً لانطلاق النسخة العاشرة من اجتماعات أستانة حول سورية، ولكنها تجري هذه المرة في سوتشي، وفي قلب موسم السياحة الصيفي.

ووصل الوفد التقني التركي قادماً من إسطنبول، على متن الخطوط الجوية التركية، ووصل في الرحلة ذاتها مندوبون من الأمم المتحدة، فيما ينتظر استكمال وصول بقية الوفود تباعاً، ومنهم وفد المعارضة المصغر عن الاجتماع السابق، الذي يصل، فجر غد الإثنين، برئاسة أحمد طعمة، بحسب مصادر مطلعة.

وتعقد الدول الضامنة، تركيا وروسيا وإيران، اجتماعها الدوري العاشر، الإثنين والثلاثاء المقبلين، وبحضور مراقبين من الأردن والأمم المتحدة، وغياب الولايات المتحدة التي تغيبت أيضاً عن النسخة السابقة.

ومن المقرر أن تُعقد الاجتماعات في فندق "راديسون بلو" بمنطقة إدلر التابعة لسوتشي، وهي منطقة سياحية، وتقع فيها القرية الأولمبية، ويبدو أن أجواء كأس العالم في روسيا لا تزال تسيطر على هذه المدينة، على عكس الأجواء السياسية المتوترة بين الدول الضامنة حول سورية.




كما يتواصل قدوم الإعلاميين الذين سيغطون الحدث من دول ووسائل إعلام مختلفة، وسط ترقب للموقف الأميركي الذي شكل غيابه عن النسخة الماضية حدثاً مهماً، ومفاجأة كبرى لم تكن متوقعة، إذ كانت واشنطن قد خفضت مستوى تمثيلها تدريجياً في الاجتماعات من مستوى نائب وزير خارجية إلى خبير، في النسخة الثامنة، في حين امتنعت عن الحضور في النسخة السابقة. والمعطيات تشير إلى استمرار التغيب، رغم الدعوة الروسية، والقمة التي عُقدت بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والأميركي دونالد ترامب، في هلسنكي.

ويسيطر كذلك على الأجواء العامة، إضافة إلى مسألة الغياب الأميركي، موضوع اختيار سوتشي لاجتماعات مسار أستانة، خاصة أن المعارضة كانت تمتنع عن الحضور، بسبب المواقف الروسية المنحازة بشكل كامل للنظام، والمعاملة التي حصلت في مطار سوتشي إبان مؤتمر الحوار السوري، نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، وعدم دخول الوفد من المطار احتجاجاً على أعلام ترمز للنظام فقط وتجاهل أعلام المعارضة.

وتشير غالبية التحليلات حول هذا الاختيار إلى الدفع بمسألة تحويل المسار العسكري إلى مسار سياسي بفروض وإملاءات روسية، تجبر تركيا على تقبّل الرواية الروسية الداعمة للنظام، وإن كان مؤتمر الحوار الوطني قد قرر تشكيل اللجنة الدستورية، فإن المتابعين يتوقعون أن يتم الإعلان عن هذه اللجنة من سوتشي أيضاً كإنجاز روسي، مع تسليم المعارضة قائمة بأسماء مرشحيها لهذه اللجنة المنتظر عملها في جنيف، خاصة مع حضور المبعوث الأممي الخاص إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، للاجتماع.

وتتواصل التحضيرات، اليوم، لانطلاق الاجتماعات على مستوى تقني ثنائي وثلاثي بين الدول الضامنة، فضلاً عن اجتماع لمجموعة العمل الخاصة بالمعتقلين، والتي تضم الدول الضامنة والأمم المتحدة والمنظمات الدولية الكبرى، تؤسس لاجتماعات الإثنين والثلاثاء، في ظل غياب الرأي السوري بشكل واضح.

وعن هذا الاجتماع، قال رئيس اللجنة القانونية في وفد المعارضة، ياسر الفرحان، من إسطنبول، قبيل توجه الوفد إلى سوتشي، لـ"العربي الجديد"، إن "قضية المعتقلين أولوية لا تتخلى عنها المعارضة، وتأخذ أهمية مضاعفة في ظروف تسجيل النظام آلاف المعتقلين وفيات، الأمر الذي يثير مخاوفنا على من تبقّى، ويضع في واجباتنا الضغط لحمايتهم وإطلاق سراحهم".

وأضاف "أيضاً نعمل لتأمين حماية إدلب والساحل ومنع قصفها واستهداف أهلها؛ وسنطلب من الوفد الروسي توضيح تفاصل مشروع إعادة اللاجئين، ونقيّم مدى انسجامه مع المعايير الدولية والوطنية"، مشددا على أن روسيا وإيران والنظام يتحملون بالدرجة الأولى المسؤولية الأساسية عن جرائم التهجير في الجنوب، رغم إعلانها منطقة خفض تصعيد، مثلما تتحمل بعض القيادات العسكرية للمعارضة مسؤولية السقوط في الفخ الروسي".



وتابع "بعض قادة المعارضة قبِلوا، قبل الهجمات العدائية الأخيرة، باتفاقيات مناطقية جانبية مزقت المعارضة وأفقدتها فرص الاستفادة من الدور التركي الحليف والضامن والمدافع عن مصالحها في هذه المناطق".

وفي وقت لم تتضح فيه بعد أجندة الاجتماعات، يبدو أن اختيار اللجنة الدستورية وتحديد مهام عملها، سيكون أبرز العناوين التي يجري التحضير لها، في ظل غياب ملف المعتقلين الذي يشهد تطورات في سورية، بتسجيل معظم المعتقلين على أنهم أموات، واستمرار تجاهل النظام لكل المطالب الدولية بالتقدم في ملف إطلاق سراحهم، وهي ملفات إنسانية فوق تفاوضية.