العراق: سباق على منصب رئيس الحكومة

23 ابريل 2018
الحكومة بين تطلعات الصدر ورغبة الحكيم (حيدر حمداني/فرانس برس)
+ الخط -

يحتدم الصراع بين الأحزاب والكتل السياسية المنضوية ضمن التحالف الوطني الحاكم في العراق قبل أقل من أربعة أسابيع على الانتخابات التشريعية المقررة في 12 مايو/ أيار المقبل، لتشكيل حكومة جديدة تحرص الأحزاب السياسية على أن تكون مناسبة لها. والأهم من ذلك الظفر بمنصب رئيس مجلس الوزراء، أعلى المناصب الحكومية في العراق، والذي يحتكره "حزب الدعوة" منذ عام 2005 إثر أول انتخابات برلمانية في البلاد، عبر إبراهيم الجعفري أولاً ثم نوري المالكي لدورتين متتاليتين. وانتهى عهد المالكي بسيطرة تنظيم "داعش" على ست محافظات عراقية ونزوح خمسة ملايين مواطن وخراب كبير في ميزانية البلاد، فضلاً عن ولادة أكثر من 70 مليشيا مسلحة. والآن يشغل المنصب حيدر العبادي الطامح لدورة ثانية.

ولم تتماسك القوى العربية الشيعية في هذه الانتخابات، فشهدت انقسامات وتأسيس أحزاب منفردة، على عكس الانتخابات السابقة التي تمثلت بقوة "التحالف الوطني" الذي مثّل المكون الشيعي في الحكومة العراقية. ويبدو أن أكثر المتطلعين إلى منصب رئيس الوزراء هما تيار الحكمة، حديث الولادة والمنشق عن المجلس الأعلى الإسلامي، ويتزعمه رئيس "التحالف الوطني" عمار الحكيم، وتحالف "سائرون" المدعوم بصيغة رسمية من زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر، الذي كان قد أعلن، في وقت سابق، دعمه للعبادي لنيله ولاية ثانية بحكم العراق. غير أن هذا الدعم لم يستمر بعد تحالف قصير لم يستمر سوى لساعات بين رئيس الحكومة مع تحالف "الفتح" الذي يمثل مليشيات الحشد الشعبي، وهي غير متفقة مع مقتدى الصدر.

في هذا السياق، قال وزير عراقي لـ"العربي الجديد"، إن "رئيس الحكومة المقبلة لن يكون من حزب الدعوة، فهناك غضب شعبي كبير من الحزب، وما تسبب به من فشل ذريع بإدارة الملفات الأمنية والاقتصادية والعلاقات الخارجية مع الدول العربية، فضلاً عن رفض العرب السنة لشخصيات هذا الحزب"، مشيراً إلى أن "مقتدى الصدر وعمار الحكيم هما الأقرب لترشيح شخصيات مهمة لقيادة البلد بدلاً من العبادي في حال لم يقدم استقالته من الحزب".

وأضاف أن "فشل العبادي ببعض الملفات، منها محاسبة الفاسدين خلال السنوات الماضية، أغضب مقتدى الصدر وحتى الحكيم، فقد انشغل العبادي بالتصريحات والتلميحات، ولم يستطع محاسبة شخصيات تورطت بكوارث، منها ما حدث في المحافظات الشمالية والغربية واحتلالها من قبل عصابات داعش"، لافتاً إلى أن "الصدر أعدّ قائمة تتضمن مجموعة أسماء لترشيحها إلى رئاسة الحكومة، فهو يريد هذا المنصب ليس ليكون خاضعاً له، إنما نكاية بالعبادي الذي لم يتحالف معه بظروف غامضة".

وتم استبعاد عودة رئيس الحكومة السابق نوري المالكي، إلى رئاسة الحكومة، فقد صرح أكثر من مرة لمحطات تلفزيونية عراقية، بأنه "لا يريد العودة، إنما يهدف خلال المرحلة المقبلة إلى تحقيق مشروع الأغلبية السياسية، الذي يحتاج إلى 165 مقعداً في مجلس النواب"، أي أكثر من نصف عدد المقاعد البرلمانية.



من جانبه، أشار المتحدث باسم تيار الحكمة، نوفل أبو رغيف، إلى أن "تيار الحكمة كحزب مشارك بالانتخابات المقبلة، لا يرى أياً من الوجوه الحالية ومن شاركت في إدارة العراق في المرحلة الماضية، بمن فيهم حيدر العبادي، قادرة على إدارة البلاد. وحتى هذه اللحظة نحن نتحدث عن توصيفات رئيس مجلس الوزراء العتيد ولا نتحدث عن شخصية أو اسم معين".

وأضاف، في حديثٍ مع "العربي الجديد": "نمتلك رصيداً يؤهلنا لنقدم مرشحين لرئاسة الوزراء، ولكننا لم نقدم حتى هذه اللحظة، ولا نرى أن المطروح في الأفق حتى هذه اللحظة مناسب لإدارة العراق خلال المرحلة السياسية المقبلة، والموجودون حالياً لا يمثلون خياراً جيداً لنا".

ولفت إلى أن "العبادي رئيس أنتجته الظروف، وإلا فإنه لم يكن من المرشحين لإدارة البلاد. في المرحلة المقبلة سنستخدم لغة الأرقام في التعامل مع هذا المنصب، وسنحدد المشهد المقبل من خلال ما نحصل عليه من أصوات".

من جهتها، أكدت سلام سميسم، وهي مرشحة للانتخابات البرلمانية عن حزب الاستقامة المدعوم من الصدر، أن "المرحلة المقبلة تحددها الجماهير الراغبة بالتغيير"، مبينة لـ"العربي الجديد"، أن "الاستقامة أعدت قائمة بصفات رئيس الحكومة المقبلة، على أن يكون من الوطنيين المخلصين غير الطائفيين وغير متهم بالفساد، وأن يكون من (التكنوقراط)، ولم نحدد أسماء لشغل منصب رئيس الحكومة، لأن هذا الأمر مرتبط بتحالفات ما بعد الانتخابات".

بدوره، شرح المحلل السياسي أحمد الشريفي، آلية اختيار رئيس الحكومة العراقية المقبلة، مبيناً أن "الرئيس المقبل سيكون مفاجأة لكل الأحزاب السياسية المشاركة بالانتخابات". وقال لـ"العربي الجديد"، إن "الحكومة المقبلة برمتها ستكون (تكنوقراط)، ولن تشهد وجود نزاعات طائفية ولا مبدأ المحاصصة، وذلك لأن الشخصيات التي ستصعد للبرلمان ستكون جديدة ولن تخضع لكتلها وأحزابها".

وأضاف أن "شكل الحكومة المقبلة، وتسمية رئيسها، سيحددهما التأثير الأبرز على العراق وهو المحور الثلاثي المتمثل ببريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا"، مشيراً إلى أن "نتائج الانتخابات المقبلة لن تحقق الرصيد الكافي لتحقيق الأغلبية الضاغطة بتشكيل الحكومة، إذ إن النتائج ستكون متقاربة، وبالتالي لن يستطيع أي طرف فرض إرادته".

ولفت إلى أن "المحور الثلاثي المؤثر على العراق، ليس راضياً على الرئيس الحالي حيدر العبادي، لكونه لم يفتح ملفات الفساد والإرهاب ولم يحاسب المتورطين بخراب البلاد واحتلالها من قبل تنظيم داعش، وذلك لأنه يعرف أن المتورطين هم من أبناء جلدته، من القياديين في حزب الدعوة"، مستدركاً أن "المحور الثلاثي مقتنع بالعبادي كرئيس لتصريف أعمال البلاد فقط".