"واشنطن بوست": صراع عدن يكشف أجندات السعودية والإمارات في اليمن

04 فبراير 2018
الانفصاليون مدعومون من الإمارات (صالح العبيدي/ فرانس برس)
+ الخط -


رأت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية أنّ الأحداث الأخيرة في مدينة عدن جنوبي اليمن كشفت عن هشاشة التحالف العربي، وأبرزت أجندات كل من السعودية والإمارات.

وقالت الصحيفة، في تقرير، السبت، إنّ الصراع المتواصل في اليمن منذ ثلاث سنوات تحوّل من حرب لدعم حكومة معترف بها دولياً، ضد الحوثيين المدعومين من إيران، الذين أطاحوها من العاصمة ويسيطرون حالياً على جزء كبير من الشمال، إلى حرب بين الحلفاء.

واعتبرت الصحيفة أنّ القتال الذي اندلع في مدينة عدن، على مدى الأسبوع الماضي، كشف عن الحدّ الذي وصلت إليه الحرب اليمنية، التي تحرّكها "مظالم تاريخية" أخرى، ما قد يسبّب "عقبات خطيرة"، أمام التفاوض على إنهاء النزاع.

فعلى مدى أيام عدة، اشتبك الانفصاليون الجنوبيون مع "شركائهم" في القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، واستولوا لفترة قصيرة على عدن. وينتمي الجانبان إلى نفس التحالف بقيادة السعودية والإمارات، الذي يقاتل الحوثيين المدعومين من إيران، في محاولة لإعادة هادي إلى السلطة.

وعن "المظالم التاريخية"، ذكّرت الصحيفة بأنّ الانفصاليين، بقيادة "المجلس الانتقالي الجنوبي"، المدعومين من الإمارات، سعوا منذ فترة طويلة إلى إعلان دولة جنوب اليمن المستقلّة، التي كانت قائمة قبل توحيد اليمن في عام 1990. وكانوا منذ فترة طويلة يشتكون من الحكومة المركزية في صنعاء بقيادة هادي المدعوم من السعودية، متهمين إياه بالفساد وتقويض الجنوب.

ونقلت الصحيفة عن محللين قولهم إنّ الاشتباكات في عدن هي انعكاس لهذه التوترات التي طال أمدها، وإنّ الاقتتال داخل التحالف العربي يؤدي إلى تكثيف اليأس في أفقر دول الشرق الأوسط.

وقال جيرالد فايرستاين، السفير الأميركي السابق لدى اليمن، لـ"واشنطن بوست"، إنّ "القليل جداً تم تنفيذه لتحقيق الاستقرار في الوضع وإعادة العمل في الأمور. لقد أصبح الناس يشعرون بالإحباط بشكل متزايد هناك".

ووسط هذه الانقسامات في التحالف، هناك "أسئلة حقيقية حول جدوى أو مصداقية حكومة هادي وما تمثّل بالضبط في حال الجلوس على الجانب الآخر من طاولة المفاوضات"، بحسب فايرستاين. وأضاف "هذا النوع من القضايا هو ما سيجعل إعادة بناء اليمن صعبة، ويعقّد الجهود الرامية إلى إحياء العملية السياسية في المدى القريب".

وعن اشتباكات عدن قال نيسان لونغلي ألي المحلل المتخصص بالشأن اليمني في "مجموعة الأزمات الدولية" لـ"واشنطن بوست"، إنّها "تبيّن كيف أنّ الحرب قد حطمت البلاد، وكسرتها، في ضوء الانقسامات التاريخية".

وأضاف أنّ "خطاب (حكومة شرعية) تقاتل (الحوثيين المدعومين من إيران) يحجب واقعاً محلياً معقداً، ويعيق الجهود المبذولة لتحقيق السلام".

ولفت ألي إلى أنّ "الانفصاليين الجنوبيين هم على علاقة مع حكومة هادي الموالية للوحدة. الآن ما نراه هو أنّ الإمارات والسعودية تسارعان إلى البحث عن الخلافات بين الاثنين حتى تتمكّنا من الحفاظ، على الأقل في الوقت الذي تستمر فيه الحرب مع الحوثيين، على أسطورة أنّ هناك جبهة موحدة في ظل حكومة معترف بها دولياً".


طموحات الإمارات

وفي عدن، يرى العديد من السكان، بحسب الصحيفة، أنّ الوجود المتزايد لدولة الإمارات "يثير القلق"، ويخلق مخاوف من أن تتمكن من تحقيق مكاسب اقتصادية، من خلال محاولتها السيطرة على موانئ اليمن، خاصة عدن، التي تقع إلى جانب ممرات الشحن الرئيسية.

وعن ذلك، قال الصحافي اليمني حسن الجلال لـ"واشنطن بوست"، إنّ "الإمارات لديها طموحات في الجنوب، ومن أهم طموحاتها ميناء عدن"، مضيفاً أنّ "دعمها الحركة الجنوبية يُظهر هذا الطموح".

في المقابل، قال هشام الغنام، الباحث السعودي في جامعة "إكستر"، لـ"واشنطن بوست"، إنّ "حكومة اليمن المنفية تتشاطر بعض اللوم على العنف في عدن، وينبغي أن تقدّم استقالتها إذا كانت غير قادرة على إدارة المعركة ضد الحوثيين، وتقديم الخدمات للمواطنين في نفس الوقت".

وتابع أنّ "السلطات تلقّت مليارات عدة من الدولارات كمساعدات من التحالف الذي تقوده السعودية... أين ذهبت الأموال؟"، مضيفاً أنّ "التحالف كان بحاجة لأن يضغط أكثر على الحكومة لتنفيذ وعودها للشعب".

أما بالنسبة إلى الجنوبيين وآمالهم في الانفصال، فقال الغنام إنّ "عليهم الانتظار حتى تصبح الأمور واضحة"، كاشفاً أنّه "على الرغم من المقاربة المتعارضة بينهما حيال الجنوب، فإنّ الإمارات والسعودية اتفقتا على ضرورة القضاء على أيّ تحركات نحو الانفصال".

وأضاف الغنام "لا يمكنك بدء حرب أخرى في الجنوب. إنّ هذا الأمر سيكون مناقضاً للتحالف العربي"، خاتماً بالقول إنّه "من خلال اللجوء إلى العنف، كانت القوات الموالية للانفصال، عن علم أو بدون علم، تخدم الحوثيين".

المساهمون