الاستهداف الأميركي لـ"حماس": انحياز للاحتلال وتصعيد للضغط قبل صفقة القرن

21 فبراير 2018
يجمع أهالي غزة على خطورة صفقة القرن(محمد عبد/فرانس برس)
+ الخط -
وضعت الولايات المتحدة الأميركية نفسها بشكل واضح وفج في مواجهة الفلسطينيين جميعاً، منذ قرار الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، لكنها أضافت بُعداً جديداً خاصة في سلسلة من القرارات والقوانين والتصريحات تستهدف بها حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وأقر مجلس النواب الأميركي مشروع قانون يفرض عقوبات على الحركة بسبب مزاعم "استخدامها المدنيين كدروع بشرية"، وهو قرار يتماشى مع المزاعم الإسرائيلية المتكررة في هذا السياق، إضافة إلى وضع رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، على لوائح "الإرهاب".
وادعى البيت الأبيض أيضاً أنّ حركة "حماس" مسؤولة عن أزمات غزة الإنسانية المتفاقمة، وهو اتهام مشابه للادعاءات الإسرائيلية تماماً، والتي تربط الازدهار بغزة بجمع سلاح الحركة ووقف نشاطها العسكري والتدريبي.
ولا توجد علاقة رسمية ولا غير رسمية بين "حماس" وواشنطن، لكن مسؤولين أميركيين سابقين، ومنهم الرئيس الأسبق جيمي كارتر، التقوا أكثر من مرة قيادات الحركة في كل من الدوحة وغزة، في أوقات سابقة.


ويربط مراقبون بين المزاعم والقوانين التي تستهدف "حماس" وبين صفقة القرن المتوقع إعلانها في الأشهر المقبلة، لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والتي تشير كل مقدماتها إلى تطابق تام بين مضمونها والمواقف الإسرائيلية المتطرفة تجاه القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وعودة اللاجئين والقدس عاصمة له.

وبالنسبة للقيادي في "حماس"، إسماعيل رضوان، فإنّ الاستهداف الأميركي للحركة وقياداتها يأتي في سياق الانحياز الكامل للكيان الصهيوني، وإعطاء الغطاء للجرائم التي يمارسها الاحتلال ضد قيادات وكوادر المقاومة والشعب الفلسطيني.
ويشير رضوان، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنّ ذلك يأتي أيضاً في سياق تنفيذ ما يسمى صفقة القرن التي بدأت باستهداف القدس عبر إعلانها عاصمة للاحتلال ثم استهداف حق العودة من خلال تقليص الدعم المقدم للأونروا، ثم وضع قيادات حماس على لوائح الإرهاب.
ويوضح رضوان أنّ "حماس" هي التي تقف بشكل رئيسي ومركزي ضد صفقة القرن ومشاريع تصفية القضية، لذلك فإن الإدارة الأميركية تحاول استهدافها لأنها هي التي تقف رأس حربة في مقاومة المشروع الصهيو أميركي في المنطقة، معتبراً أنّ استهداف "حماس" جزء من استهداف المقاومة الفلسطينية.
ومواجهة كل ذلك تقتضي الوحدة وترتيب البيت الفلسطيني ووقف التنسيق الأمني مع الاحتلال وإنهاء حقبة أوسلو ووقف الرهان على المفاوضات والحلول التصفوية، والاستمرار في المقاومة بكافة أشكالها، لأن المقاومة حق مشروع للشعب الفلسطيني حتى استعادة أرضه المحتلة، وفق رضوان.
ويقول القيادي في "حماس": "نحن لا نأخذ الشرعية من أميركا التي تمثل رمزاً للإرهاب والعنجهية في المنطقة، وتقف في خندق معاد لشعبنا الفلسطيني وللأمتين العربية والإسلامية، وبإذن الله قادرون على تجاوز هذه الضغوط"، مؤكداً أنّ "هذا الاستهداف لا يؤثر على حماس ولا المقاومة، فمقاومتنا مع الاحتلال على أرض فلسطين ولا تتأثر بهذه القرارات العدوانية المنحازة للاحتلال".
من جهته، يشير أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأمة في غزة، حسام الدجني، إلى أنّ الاستهداف الأميركي المتصاعد لـ"حماس" يأتي في إطار ازدواجية المعايير في التعاطي مع الملف الفلسطيني والانحياز الكامل لإسرائيل.

ويلفت الدجني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ الضغط على "حماس" يحدث بينما يتم إنضاج صفقة القرن التي يريد أن يمررها دونالد ترامب، فالإدارة الأميركية ترى أن الحركة عامل معرقل رئيسي للصفقة، موضحاً أنّ واشنطن تحاول ممارسة ضغوط كبيرة على "حماس" ضمن سياسة العصا والجزرة، والإشارة إلى أنها لن تكون في مواجهة إسرائيل فقط بل ستكون المواجهة مع واشنطن أيضاً. ومن تابع نص قانون مجلس النواب الأميركي الأخير فهو لا يقتصر على مواجهة أميركية حمساوية بل يدعو  ترامب بتكليف مندوبته في الأمم المتحدة نيكي هايلي إلى محاولة تحويله إلى قرار أممي، من أجل أرهبة "حماس" كضغط مباشر على كل من ينتمي للحركة ومن يدعمها سواء دول أو أفراد، وفق الدجني.
ويتوقع أستاذ العلوم السياسية في غزة أنّ "الآتي صعب بالنسبة لحماس، ومواجهة صفقة القرن ينبغي أن لا تقتصر على الحركة، بل تحتاج لموقف جمعي فلسطيني، حتى لا تنفرد أميركا وإسرائيل بالرئيس محمود عباس وحماس كل على حدة".
ويبيّن الدجني أنّ أمام "حماس" خيارات ينبغي أن تلعب وفقها، وعلى رأسها الوحدة الوطنية بشكل مهم، ووحدة الموقف الفلسطيني في مواجهة الإدارة الأميركية والانحياز الأميركي لإسرائيل، وتفعيل شبكة علاقاتها الخارجية وتقوية علاقاتها مع روسيا بالتحديد لتقف معها بمجلس الأمن إنّ ذهب قانون تجريم "حماس" للمجلس.