مليشيات عراقية توسع أدوارها: مواجهة إسرائيل في سورية ولبنان

15 فبراير 2018
ترفض مليشيات عدة تسليم سلاحها الثقيل (Getty)
+ الخط -


تتواصل ردود الفعل داخل العراق حيال الاعتداء الذي نفذته مقاتلات تابعة للاحتلال الإسرائيلي على الأراضي السورية يوم السبت الماضي، إذ تؤكد أوساط من داخل مليشيات "الحشد الشعبي" أن الاعتداء عزز موقف الفريق المعارض داخل البيت الشيعي لطروحات حل "الحشد" أو سحب سلاحها الثقيل، بينما يكشف قيادي بارز في أحد الفصائل المسلحة الممولة إيرانياً في العراق عن قرار مسبق تم التوافق عليه بالتدخّل في سورية ولبنان، في حال اندلعت أي مواجهة مع "قوات الكيان الصهيوني".

وقالت مصادر مقربة من "التحالف الوطني" الحاكم في العراق لـ"العربي الجديد"، إن الأحداث السورية يوم السبت وإسقاط الطائرة الإسرائيلية، عززت موقف الداعين إلى الإبقاء على سلاح "الحشد" الثقيل وعدم المساس به أو التفكير بحله. وذكر قيادي بارز في التحالف لـ"العربي الجديد"، أن "هناك ما لا يقل عن عشرة فصائل مسلحة تفكر في الخروج من عباءة الحشد وتلتزم تسمية المقاومة الإسلامية في حال ضُغط عليها لتسليم سلاحها من قبل الدولة"، مشيراً إلى أن هذه "الفصائل المسلحة لن تكون خاضعة لأي فتوى من المرجع علي السيستاني حيال الحشد كونها تأسست قبل فتواه، مثل مليشيا العصائب وحزب الله العراقي وبدر ولواء اليوم الموعود التابع لمقتدى الصدر، كما أن هناك فصائل مرتبطة بمكتب المرشد الإيراني علي خامنئي لن تكون ضمن نطاق أي فتوى تصدرها المرجعية"، معتبراً أن تلك المليشيات "باتت جزءاً من محور المقاومة مع حزب الله في لبنان والجيش السوري"، في إشارة إلى قوات نظام بشار الأسد.

من جهته، قال الشيخ علي الساعدي، العضو البارز في مليشيا "الإمام علي" العراقية التي تمتلك مسلحين في سورية وتقدّم المساعدة لقوات بشار الأسد، إن عدة فصائل جهادية عراقية ستشارك في أي مواجهة بين "حزب الله" اللبناني وإسرائيل، أو مع النظام في سورية، لافتاً إلى أن هذه الفصائل "تمتلك مكاتب تمثيل لها في دمشق، وهي بطبيعة الحال صارت جزءاً رئيساً من محور المقاومة غير مرتبطة بالملف العراقي بل بملف الصراع مع الكيان الصهيوني".
وأوضح الساعدي لـ"العربي الجديد"، أن "فصائل مهمة مثل العصائب والخراساني وحزب الله والنجباء والإمام علي وفاطميون والبدلاء والسيدة زينب، ووحدات قتالية أخرى، ستتدخل في حال شنت إسرائيل هجوماً على حزب الله في لبنان أو على سورية"، مضيفاً أن "تلك الفصائل متوافقة على هذا القرار بما يتعلق بالاشتراك بأي مواجهة مع إسرائيل سواء كان ذلك في سورية أو الجنوب اللبناني". ووفقاً للساعدي، عضو مليشيا "الإمام علي" التي تتلقى دعماً إيرانياً وتضم مستشارين من الحرس الثوري الإيراني، فإن "فصائل المقاومة الإسلامية العراقية ستكون الجهد البشري الأهم في أي مواجهة".


أما القيادي في تحالف "دولة القانون" الذي يتزعمه نوري المالكي، النائب أحمد سالم، فقال لـ"العربي الجديد"، إن "إسقاط الطائرة الصهيونية رسالة بأن الأمور لم تعد كما كانت، وأن المعادلة تغيّرت الآن وعلى إسرائيل أن تعلم أنه إذا تعرضت لسورية ولبنان مرة أخرى فسيكون ذلك اعتداء على محور المقاومة الذي بات يشمل العراق"، مؤكداً أن "فصائل عراقية سيكون لها موقف واضح بالدفاع عن حزب الله والجمهورية العربية السورية في أي مواجهة مع إسرائيل".

إلا أن عضو البرلمان العراقي عن التحالف الحاكم أحمد البدري، اعتبر في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "الحشد الشعبي باتت هيئة تابعة للحكومة ولا تتحرك إلا من خلال المنظومة الحكومية العراقية"، موضحاً أن "من يحدد مثل هذه الأمور هو رئيس الحكومة وليس قيادات الحشد". غير أن القيادي في مليشيا "الخراساني" وائل عباس، اعتبر أن مثل هذه الأمور لا تحتاج إلى موافقة من الحكومة والقرار قد اتخذ مسبقاً. وأضاف عباس في تصريح لـ"العربي الجديد": "أي مواجهة جديدة اعتباراً من الآن وصاعداً في سورية أو جنوب لبنان سيكون هناك صوت شيعي عراقي بالتأكيد من دون الحاجة لموافقة من أحد ولا حتى من حكومة سعد الحريري التي اعترضت أخيراً على دخول أحد قيادات المقاومة الإسلامية" في إشارة إلى زيارة زعيم مليشيا "العصائب" قيس الخزعلي إلى جنوب لبنان نهاية العام الماضي، موضحاً أن "سرايا الخراساني باتت تمتلك صواريخ ذات مدى جيد تصل إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة".

ومما يميز تلك الفصائل المذكورة في العراق، أنها كلها من التي يتحاشى رئيس الوزراء حيدر العبادي الاصطدام بها، على الرغم من رفضها مرات عدة قرارات أصدرها، من بينها سحب المليشيات لمخازن السلاح الموجودة داخل الأحياء السكنية في بغداد ومدن جنوب العراق، والسماح لسكان جرف الصخر شمال بابل بالعودة إلى منازلهم، وملف سرقة مصفى بيجي النفطي شمال بغداد، وحادثة الاعتداء على قوات الجيش في شارع فلسطين العام الماضي، ورفض إحدى هذه المليشيات تسليم عناصرها المتورطين بقتل ضابط وثلاثة جنود في الجيش العراقي.

ورأى الخبير في شؤون الجماعات الشيعية المسلحة محمد زهير الفتلاوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن فصائل معروفة باتت خارج سلطة المرجع علي السيستاني والحكومة العراقية، بمعنى آخر فإنها مرتبطة بإيران التي اختارت أن تحوّلها من مليشيات محلية إلى إقليمية. وأضاف أن "فصائل مثل حزب الله والخراساني والعصائب والنجباء والبدلاء والإمام علي ولواء المؤمل وثأر الله وفصائل أخرى تقاتل في سورية والعراق في وقت واحد وتتلقى مرتباتها ونفقاتها من قبل إيران، باتت ذات طابع إقليمي وترتبط بالقرار الإيراني لا العراقي"، معتبراً أن "مسألة سحب سلاحها باتت فوق صلاحيات أو قدرات رئيس الوزراء حيدر العبادي وترتبط مع الموقف العام لإيران، لكن تبقى مواقعها أو نقاط ارتكازها عراقية". وأضاف: "بمعنى آخر قررت إيران رفد الأسد وحزب الله بقوات جديدة عددها جيد وتجهيزها وتدريبها ممتاز، وستزج بهم كورقة جديدة في أي مواجهة بين حزب الله وإسرائيل أو مع النظام في سورية"، معرباً عن اعتقاده بأن "الهدف الأول من تأهيل تلك الفصائل وزجها ضمن ما يعرف بخط المقاومة، ليس نظام الأسد بل حزب الله".

وكان الأمين العام لـ"حزب الله" اللبناني حسن نصرالله، قد أشار في كلمه له خلال شهر يونيو/حزيران 2017، إلى أنه في حال شن حرب إسرائيلية على سورية أو على لبنان فإن القتال لن يبقى لبنانياً-إسرائيلياً أو سورياً-إسرائيلياً، مضيفاً: "لا نقول أن هناك دولاً قد تدخل بشكل مباشر، ولكن قد تفتح الأجواء لعشرات الآلاف من المقاتلين من العراق ومن اليمن وأفغانستان وباكستان، معتبراً أن الحرب إذا ما اندلعت لن تكون على شاكلة حرب عام 2006.