"اللجنة الدستورية" المُتعثرة هيمنت على الاجتماعات الدولية بشأن سورية خلال 2018

26 ديسمبر 2018
دي ميستورا لم يحقق خرقاً (كيريل قدريفاتسيف/ فرانس برس)
+ الخط -

كسابقاتها السبع، شهدت سنة 2018، اجتماعات دولية عديدة حول سورية، استحوذت نقاشات "اللجنة الدستورية" على معظمها، إذ بدأت هذه الاجتماعات، بمؤتمر سوتشي في نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، بالاتفاق على تشكيل "اللجنة الدستورية"، التي تعثرت بعد اجتماعاتٍ ولقاءاتٍ عديدة، وانتهت السنة، مع تعثر تشكيلها، وتقديم المبعوث الأممي، ستيفان دي ميستورا، إحاطته حول سورية يوم 20 ديسمبر/ كانون الأول الحالي، لمجلس الأمن الدولي. كما شهدت السنة المُنتهية أربع جولاتٍ في مسار أستانة، وقمة روسية - تركية، أقرت اتفاقاً لوقف إطلاق النار في إدلب، وقمة رباعية استضافتها مدينة إسطنبول.


يوم الثلاثين من يناير/ كانون الثاني الماضي، استضافت مدينة سوتشي الروسية على البحر الأسود، مؤتمراً نظمته روسيا، وعُرف باسم مؤتمر "الحوار الوطني السوري"، حيث حضره دي ميستورا، وقاطعته الدول الغربية عموماً، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، وبريطانيا، وفرنسا.

أرسل النظام وفوداً تضم عشرات الشخصيات الموالية له، للمشاركة في المؤتمر، الذي قاطعته "هيئة المفاوضات" المُعارضة، وكذلك قاطعته غالبية قوى المعارضة السورية، فيما توجه وفدٌ كان يمثل الفصائل العسكرية في اجتماعات أستانة لمدينة سوتشي، لكنه عاد دون أن يشارك في جلسات المؤتمر، معللاً ذلك بأنه لم يتم تحقيق "أي من الوعود التي قُطعت، فلا القصف الوحشي على المدنيين توقف، ولا أعلام النظام على لافتات المؤتمر وشعاره أزيلت، فضلا عن افتقاد أصول اللياقة الدبلوماسية من الدولة المضيفة"، بينما حضرت المؤتمر بعض الشخصيات المحسوبة على المعارضة، كتيار "الغد السوري"، وشخصيات أخرى قدمت من دمشق والقاهرة وموسكو.



وتُعد مسألة إقرار تشكيل "اللجنة الدستورية"، أهم ما خرج به مؤتمر سوتشي، على أن تتكون من النظام والمعارضة، وشخصيات مستقلة، وخبراء، ومن ممثلي المجتمع المدني، والنساء، والقيادات القبلية، إذ تساهم هذه اللجنة الدستورية في التسوية السياسية السورية، برعاية الأمم المتحدة، ووفقاً للقرار الدولي 2254.

تتالت بعد ذلك، لقاءات واجتماعات عديدة، لبحث تشكيل هذه اللجنة، إذ قدم النظام قائمة تضم خمسين اسما لمن سيكونون أعضاء فيها، وكذلك قدمت المعارضة قائمة مماثلة، فيما احتدم الخلاف حول القائمة الثالثة التي من المفروض أن يسميها دي ميستورا، وحول مسائل إجرائية وتنظيمية في تشكيل اللجنة.

وعقدت "المجموعة المصغرة" بشأن سورية، أكثر من اجتماع، خلال سنة 2018، لدفع عملية تشكيل اللجنة الدستورية قدماً، وتضم المجموعة بلداناً غربية وعربية، هي ألمانيا والسعودية ومصر والولايات المتحدة وفرنسا والأردن والمملكة المتحدة.

واستضافت مدينة جنيف السويسرية، اجتماعاً لممثلين عن دول "المجموعة المصغرة" في الرابع عشر من سبتمبر/ أيلول الماضي، لبحث تشكيل اللجنة الدستورية، وتبعه اجتماعٌ لنفس المجموعة، أواخر الشهر ذاته، على مستوى وزراء الخارجية، في نيويورك، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، وأوصى بضرورة تشكيل اللجنة قبل نهاية سنة 2018.

كما عقدت "المجموعة المصغرة" اجتماعاً في واشنطن، بداية ديسمبر/ كانون الأول الحالي، بحضور وفد من "هيئة المفاوضات" السورية، وتم أثناءه بحث آخر المستجدات بشأن تشكيل "اللجنة الدستورية"، التي شهد منتصف الشهر ذاته ما بدا أنه انفراجة بشأن تشكيلها، بعد تعثرها لأكثر من عشرة أشهر.



وأعلن مكتب المبعوث الأممي، دي ميستورا، عن لقاءٍ مع "مسؤولين رفيعي المستوى"، من الدول الضامنة في أستانة، يوم الثامن عشر من ديسمبر/ كانون الأول، وهو الاجتماع الذي عُقد لاحقاً بعد تصريحات روسية وتركية، أوحت بأنه سيتم فيه إعلان تشكيل اللجنة.

والتقى يوم الثامن عشر من ديسمبر/ كانون الأول في جنيف، وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران، ليخرجوا ببيان ختامي تلاه وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، وقال فيه: "اتفقت الأطراف على اتخاذ إجراءات رامية لعقد الجلسة الأولى للجنة الدستورية أوائل العام المقبل في جنيف".

وبعباراتٍ دبلوماسية، أوحت كلمة لافروف بأن نتائج القمة الوزارية خرجت بـ"نتائج إيجابية"، وتم إبلاغ دي ميستورا بفحوى المشاورات، التي تواصل مساعيها لـ"الإسهام في إطلاق عمل اللجنة الدستورية بما في ذلك عن طريق صياغة مبادئ إدارية عامة من خلال التنسيق مع الأطراف السورية والمبعوث الأممي الخاص إلى سورية، وتحديد القواعد الإجرائية التي ستضمن العمل الفعال والثابت" حيال اللجنة الدستورية.

التقى لاحقاً الوزراء الثلاثة بعد قمتهم الوزارية، بـ دي ميستورا، ضمن لقاءٍ رباعي، خرج بعده دي ميستورا للقول إنه "ينبغي بذل مزيد من الجهد وعلينا قطع ميل إضافي بخطوات ماراثونية في سبيل تشكيل لجنة دستورية شاملة وموثوق فيها ومتوازنة". وبذلك انتهى اللقاء الرباعي، بعدم إعلان اللجنة الدستورية، قبل أن يقدم لاحقاً المبعوث الأممي، إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن، قبل أن يسلم مهامه، للمبعوث الأممي الجديد، غير بيدرسون.

وفي سياق اللقاءات والاجتماعات الدولية المُخصصة لسورية، خلال سنة 2018، تعتبر القمة التركية - الروسية، يوم السابع عشر من سبتمبر/ أيلول، أحد أهم اللقاءات الدولية، إذ أتت بعد قمة إيرانية - تركية - روسية في طهران، حول إدلب، التي كان النظام يحشد عسكرياً لبدء هجومٍ كبير فيها.

ففي القمة التركية - الروسية في سوتشي، تم الاتفاق على وقف إطلاق النار في إدلب، وهي آخر مناطق توجد فيها المعارضة بعموم سورية، حيث أقر الاتفاق، إنشاء منطقة عازلة، بعرض يتراوح بين 15 و20 كيلومتراً، تكون خالية من التنظيمات الإرهابية والسلاح الثقيل، وبفتح الطرقات الدولية المارة في إدلب.

وجاءت القمة الرباعية التركية - الروسية - الألمانية - الفرنسية في إسطنبول، يوم السابع والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والتي عززت بدورها اتفاق إدلب، ودعا بيانها الختامي للإسراع في إنجاز حل سياسي في سورية، وضرورة تشكيل اللجنة الدستورية، قبل نهاية سنة 2018.



أما في ما يتعلق باجتماعات مسار أستانة، فقد شهدت السنة المُنتهية، ثلاث جولات في العاصمة الكازاخستانية، وواحدة في مدينة سوتشي الروسية.

فقد عقدت الجولة التاسعة من مسار أستانة في 14 مايو/ أيار الماضي، ولم تحمل نتائج مهمة عن سابقاتها، وخُصص جانب من اجتماعاتها لبحث ملف المعتقلين، ومتابعة تشكيل مجموعتي عمل بخصوص ملف المعتقلين وإزالة الألغام، التي كان قد تم الاتفاق عليها في الجولة الثامنة نهاية سنة 2017.

وعُقدت اجتماعات الجولة العاشرة من مسار أستانة الخاص بسورية في 30 يوليو/ تموز الماضي، ولكن هذه المرة في مدينة سوتشي الروسية على البحر الأسود، وناقش المجتمعون التطورات على الأرض، وتهيئة الظروف لتسهيل بدء عمل اللجنة الدستورية، إضافة إلى تهيئة الظروف اللازمة للعودة الآمنة والطوعية للاجئين السوريين إلى بلدهم.



أما الجولة الحادية عشرة من أستانة، فقد كان متوقعاً أن تتمخض عن تقدم بما يتعلق بتشكيل اللجنة الدستورية، وقد عقدت في العاصمة الكازاخستانية بحضور دي ميستورا، يومي الثامن والعشرين والتاسع والعشرين من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، ولكنها انتهت دون نتائج تذكر.

وبقيت مسألة اللجنة الدستورية متعثرة، ورُحل الملف إلى سنة 2019، حيث من المتوقع أن يكون أهم الملفات التي سيبدأ بالعمل عليها المبعوث الأممي الجديد، غير بيدرسون.

المساهمون