اجتماع البشير والسيسي: قضية خاشقجي والتقارب المصري التركي

08 نوفمبر 2018
السيسي والبشير لمنع أزمة سعودية ـ تركية(أشرف الشاذلي/فرانس برس)
+ الخط -



كشفت مصادر دبلوماسية مصرية، لـ"العربي الجديد"، أن اللقاء الذي عقده الرئيسان، المصري عبد الفتاح السيسي، والسوداني عمر البشير في مدينة شرم الشيخ جنوبي سيناء، يوم الثلاثاء الماضي، ناقش بشكل أساسي قضية اغتيال الصحافي، الكاتب السعودي جمال خاشقجي، في إطار وساطة مركبة مصرية ـ سودانية، للتقريب بين وجهتي النظر بين تركيا والسعودية في هذا الملف، لمنع حصول أزمة على خلفية سعي الرياض إلى تفادي كشف حقيقة من أصدر أمر الإعدام.

وأثار هذا اللقاء المفاجئ تساؤلات عديدة حول أسبابه، خصوصاً أن الطرفين كانا قد التقيا منذ أسبوعين في الخرطوم، في ختام اجتماعات اللجنة العليا المشتركة بين البلدين، ووقعا عدداً من الاتفاقيات الثنائية، أبرزها رفع القيود على الصادرات المصرية الزراعية إلى السودان. وأضافت المصادر أن "اللقاء ناقش ملفاً آخر هو فرص التقارب بين تركيا ومصر على الصعيد التجاري والصناعي والأمني، فالسيسي كان قد طلب من البشير استطلاع آفاق تحقق هذا التقارب في المدى القريب، في وقت يحاول فيه تجاوز آثار الماضي، والمضي قدماً في خطة يباشرها جهاز المخابرات العامة رأساً لإحياء وتطوير التعاون التجاري بين البلدين، في محاولة لتحييد الملف الاقتصادي، بعيداً عن الخلافات السياسية، في وقت يشهد تطوراً ملموساً في العلاقات التركية السودانية".

وكشفت المصادر أنه "بما يتعلق بالملف الأول، الخاص بخاشقجي، فقد تبادل البشير مع السيسي معلومات حصل عليها من الجانب التركي، بشأن مدى ضلوع ولي العهد محمد بن سلمان في قتل خاشقجي. كما تحدث الطرفان عن محاولات بن سلمان للتنصل من المسؤولية، ومدى إمكانية ذلك في مواجهة المحاولات التركية لتضييق الخناق عليه وتحقيق انتصار استراتيجي بإبعاده عن ولاية العهد".

وأوضحت المصادر أن "السيسي ذكر للبشير أنه أدلى ببعض النصائح لبن سلمان فيما يتعلق بالتعامل مع الضغوط الغربية، والخطوات القانونية الواجب اتخاذها داخل السعودية للتحقيق والمحاسبة دون تكبد خسائر سياسية، فعلى الرغم من أن السيسي له خلافاته مع بن سلمان، ولا يجد غضاضة في رحيله، إلا أنه تواصل مع دوائر أميركية وغربية عديدة للتأكيد على ضرورة بقائه في منصبه، تلبية لطلب من العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز، الذي اتصل بالسيسي أكثر من مرة خلال الأسبوعين الأخيرين".



وتابعت المصادر "بما يتعلق بالملف الثاني الخاص بالتقارب المصري التركي، فيبدو أن أنقرة ما زالت لديها موانع من تسريع وتيرة التفاهم مع السيسي، لا سيما بعد إعلانه تشكيل تحالف اقتصادي في مجال الغاز الطبيعي والمستخرجات الهيدروكربونية مع قبرص واليونان الشهر الماضي، في ظلّ استمرار عدم اعتراف تركيا بالاتفاق المبرم بين مصر وقبرص عام 2013 بترسيم الحدود البحرية بين البلدين وتقاسم مكامن الهيدروكربون، للاستفادة من المصادر الطبيعية في المنطقة الاقتصادية الخالصة للبلدين في شرق البحر المتوسط".

وتنوي تركيا اتخاذ خطوات قانونية دولية لإبطال الاتفاقية، بدعوى انتهاكها الجرف القاري والمياه الإقليمية التركية عند خطَّي طول محددين، بمناسبة بدء قبرص أنشطة بحثية للتنقيب عن الغاز الطبيعي في المنطقة الاقتصادية الخاصة بها وفق الاتفاقية، والتي تعتبرها تركيا جزءاً من المياه الإقليمية المتنازع عليها، والمناطق المتداخلة بينها وبين اليونان.

وعلى الرغم من التوتر، ترعى أجهزة المخابرات بمصر وتركيا تسارعاً في وتيرة التنسيق بين رجال الأعمال من البلدين، لتطوير التعاون الاقتصادي، انطلاقاً من المؤتمر الاقتصادي التركي المصري المشترك، الذي نظّمته الجمعية المشتركة لرجال الأعمال في اسطنبول نهاية العام الماضي بعنوان "هيا نصنع معاً".

وسبق أن قال مصدران تركيان متداخلان في هذه التحركات لـ"العربي الجديد" إن "الإجراءات التي اتخذتها جمعيات رجال الأعمال في مصر وتركيا أخيراً ليست منفصلة عن الواقع السياسي بين البلدين، فهناك موافقة ودعم صريح من المخابرات المصرية وكذلك الأجهزة الأمنية التركية لهذا التقارب الاقتصادي، رغم التوتر الذي يسود الملفات السياسية الأخرى".



المساهمون