تباين ردود الأحزاب التونسية بشأن التعديل في حكومة الشاهد

06 نوفمبر 2018
الرئاسة التونسية أعلنت رفض التعديل رسمياً (Getty)
+ الخط -


تباينت ردود الأحزاب التونسية بعد التعديل الوزاري الواسع الذي أعلن عنه مساء أمس رئيس الحكومة يوسف الشاهد وهو تعديل شمل 13 وزارة و5 كتاب دولة، وفي خطوة وصفت بالجريئة.

ومن مفاجآت التعديل الوزاري الحالي تعيين رجل الأعمال التونسي ذي الديانة اليهودية روني الطرابلسي على رأس وزارة السياحة ليكون ثالث تونسي من الديانة اليهودية يعين في الحكومة التونسية منذ الاستقلال.

وفيما رحبت بعض الأحزاب بالتعديل الوزاري وبالأسماء الجديدة التي تم اختيارها، سارعت الرئاسة التونسية إلى نفي استشارة السبسي في هذا التعديل حيث أكدت الناطقة الرسمية باسم رئاسة الجمهورية سعيدة قراش، أن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي غير موافق عن التعديل الوزاري وأنه لم يتم التشاور معه بل تم إعلامه به في ساعة متأخرة، واصفة هذا التعديل بـ"المتسرع وسياسة الأمر الواقع".

وأكّد المتحدث باسم حركة النهضة عماد الخميري في تصريح لـ"العربي الجديد" أن هذا التعديل مهم ويندرج في إطار الصلاحيات الممنوحة لرئيس الحكومة وكان بالتشاور مع المكونات الفاعلة في الساحة السياسية، مبيناً أن "التعديل شمل الحقائب الوزارية وكتابات الدولة، على أمل أن يحمل نفساً جديداً للحكومة ويحسن أداءها، ويساعدها في معالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وفي الاستجابة لتطلعات التونسيين والحد من التهميش، ويخدم التنمية والاستقرار".

وأوضح الخميري أن "التعديل الوزاري كان على أساس قاعدة سياسية واسعة، وشمل ائتلافا وطنيا وقوى سياسة مهمة مثل حركة مشروع تونس، إلى جانب تضمنه لحزب المبادرة وانضمام شخصية وازنة مثل السيد كمال مرجان وأيضا مستقلين مثل حافظ محفوظ الذي سبق أن منح جائزة نوبل للسلام مع الرباعي الراعي للحوار"، مشيرا إلى أن الأهم ليس حجم تمثيلية الأحزاب في التركيبة الحالية بل الكفاءة والنزاهة والتي تم اعتمادها في هذا التحوير.

وأشار إلى أن النهضة حافظت على نفس حجمها في التعديل الوزاري، وأن الادعاء أن الحكومة هي حكومة النهضة ادعاء مغلوط ولا يستند إلى أرقام موضوعية ومعطيات دقيقة، موضحاً أن وزراء نداء تونس هم الذين يمثلون الأغلبية في الحكومة الحالية.

وقال إن هذا التحوير لم يفاجئهم واختيار تونسي يهودي على رأس وزارة السياحة يبقى من الخيارات التي تندرج في إطار الصلاحيات الممنوحة دستورياً لرئيس الحكومة، مؤكدا أنّ النهضة ستمنح ثقتها للحكومة الحالية.

وقال الناطق الرسمي باسم حركة مشروع تونس، حسونة الناصفي في تصريح لـ"العربي الجديد" إنّ "التعديل جوهري وشمل تقريبا 50 بالمائة من التركيبة الحكومية"، مبينا أنه تضمن عديد الرسائل أهمها أن بعض عناوين الفشل في التركيبة السابقة تم التخلي عنهم وتغييرهم وذلك بعد استشارة الفاعلين السياسيين.

وأكد أن حركة مشروع تونس "حضرت تقريباً في المشاورات التي أجراها رئيس الحكومة وطلبت تغيير بعض الوزراء ورئيس الحكومة استجاب لهذا المطلب"، مشيرا إلى أن "التحدي الأكبر يبقى برنامج الحكومة، إذ إن الحكومة الحالية لديها سنة واحدة للعمل وبالتالي عليها التركيز على الإصلاحات التي يمكنها تنفيذها في الفترة المتبقية، وهذا الأمر أهم من الأسماء، والأهم مدى قدرة الحكومة على توفير الاستقرار السياسي والرفع من نسق النمو".

وبين أن هناك اليوم أزمة سياسية وأخلاقية مع رئاسة الجمهورية بعد إعلانها عدم موافقتها على التعديل الوزاري، وهو ما برز مباشرة إثر تصريحات مستشاري رئيس الجمهورية، مؤكدا أنهم يأملون أن لا يؤثر ذلك على الوضع العام في تونس وألا ينعكس سلبا على البلاد.

وقال الناصفي إن التعديل لم يفاجئهم ولكن "ما فاجئنا هو حجم التعديل، حيث كنا نعتقد أنه سيكون منحصرا في بعض الحقائب الوزارية ولكن بعد المشاورات التي حصلت يبدو أن الشاهد ذهب أبعد مما توقع البعض ليكون تعديلاً جوهريا، لكن التحدي الحقيقي يبقى برنامج عمل الحكومة خصوصا أن الحقائب التي شملها التحوير هي حقائب مهمة وفنية وتقنية".

وأكد أن الحكومة الحالية لديها أغلبية مريحة من خلال الكتل التي تم إشراكها في المشاورات والأحزاب الممثلة في الحكومة، وبالتالي فإن مسألة نيلها ثقة البرلمان تبدو شبه محسومة.

وأفاد الناطق الرسمي باسم نداء تونس، منجي الحرباوي بأنّ التعديل فاجأهم ولم يعلموا به كما لم تتم استشارتهم لا من قريب ولا من بعيد، مضيفا أنهم استغربوا أكثر أن هناك تعديلا وزاريا بهذا العمق والحجم ويتم تجاهل الحزب الأول الفائز في الانتخابات وتجاوز رئيس الجمهورية في هذا التعديل رغم أنه يملك شرعية انتخابية ويعتبر الرئيس المؤسس لنداء تونس، مضيفاً في تصريح لـ"العربي الجديد" أن لديهم تحفظات وانتقادات حول هذا التعديل ويرون أنه انقلاب على الديمقراطية وعلى المسار الديمقراطي ككل وعلى نتائج الانتخابات.

وأكد الحرباوي أنّ المرحلة الحالية هي مرحلة ازمة ولكن تم تأزيمها بهذا الإجراء، موضحاً أن نداء تونس يعتبر أن "الحكومة الحالية هي حكومة النهضة وحكومة راشد الغنوشي المتحكم في المسار".

وقال إن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي قال في تصريح إعلامي إنه ستكون هناك حكومة ائتلاف وطني وجاء التعديل متطابقا مع تلك التصريحات، مضيفاً أن "هذه الحكومة لم تعد تعنيهم لا من قريب ولا من بعيد بتركيبتها وبمن فيها".

وأشار إلى أن الوزراء الذين تم تعيينهم أو الإبقاء عليهم من النداء لا يمثلون الحركة وأن النداء يمثله فقط قراره الرسمي الذي يطالب بتغيير شامل وعميق للحكومة ككل.

بدوره، قال النائب عن الاتحاد الوطني الحر نور الدين مرابط في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "الإشكال لا يكمن في تركيبة الحكومة بل في التحوير الوزاري ككل، فتونس تمر بأزمة سياسية خانقة وكان لا بد أن تركز الأحزاب على الحلول، ولكن يبدو أن رئيس الحكومة والأطراف الداعمة له يريدون المرور بالقوة".

وقال إنه ليس بمقدور رئيس الحكومة ولا الفريق الذي اختاره أن يدخلوا إصلاحات جوهرية بل عمقوا الأزمة أكثر، مبينا أن التخبط سيتواصل وربما يكون أكثر حدّة مستقبلا خاصة في ظل التفرد بالرأي وغياب الحوار والانسجام.

وأضاف "لو كان هناك حوار جدي ومشاورات مع الأحزاب لتغيرت بعض الأسماء التي لا مكان لها في الحكومة ووردت أسماء أخرى، ولكن يبدو أن التعديل ككل كان عملية متسرعة وغير منطقية، ولن تحمل أي إضافة للمشهد السياسي وللأزمة التي تمر بها البلاد".