الاتصالات المصرية قبل تهدئة العصر: سلبية كوشنر وتعنت إسرائيل

14 نوفمبر 2018
خلال تشييع محمد عودة في بيت لاهيا أمس (الأناضول)
+ الخط -
حالة من الحذر ظلت تفرض سيطرتها على المشهد في قطاع غزة، في أعقاب التصعيد الأخير، رغم إعلان فصائل القطاع عن التوصل إلى هدنة بوساطة مصرية ومشاركة وسيط نرويجي. وفي الوقت الذي أكّدت فيه مصادر مصرية أنّ الاتصالات التي أجراها جهاز الاستخبارات العامة المصري في هذا الشأن، ساهمت في التوصل إلى التهدئة، عصر الثلاثاء، بعدما فشلت أولى محاولات القاهرة في دفع الجانب الإسرائيلي إلى الردّ على تلك الاتصالات، فقد سربت المصادر المصرية أنّ اللواء أيمن بديع، نائب رئيس جهاز الاستخبارات عباس كمال، سيتوجّه على رأس وفد أمني إلى تل أبيب، اليوم، بتكليف من كامل، للحفاظ على التهدئة المعلنة عصراً.

وأوضحت المصادر، التي تحدّثت لـ"العربي الجديد"، أنّ "الجانب الإسرائيلي لم يبلغ القاهرة برفض جهود الوساطة، أو إلغاء مشاورات الهدنة طويلة الأمد، ولكنه ظل يرفض، حتى العصر، الرد حتى لا يُلزِم نفسه باتفاقات أمام الوسيط المصري"، وذلك قبل أن تعلن فصائل القطاع التوصل إلى التهدئة بوساطة مصرية. وأضافت المصادر المصرية: "هم (في إشارة لحكومة الاحتلال) لديهم خطة تجاه القطاع حالياً، للتعامل مع تداعيات العملية الأخيرة، ويريدون الانتهاء منها تماماً قبل معاودة اتصالات الوسطاء".

وشدّدت المصادر على أنّ "تل أبيب لم تكن لديها نية للتصعيد في الوقت الحالي، خصوصاً أنّ اتفاق التهدئة كان على وشك التوقيع"، مستطردةً أنّ "الجيش الإسرائيل كان يعتزم تنفيذ عملية نوعية في قطاع غزة، مساء الأحد، قبل التوقيع على اتفاق التهدئة، ولكن فشل العملية أدى للمشهد الراهن الذي وجدت فيه حماس نفسها مطالَبة بالرد، وتبع ذلك وجود الحكومة الإسرائيلية نفسها ملزَمة أيضاً لأسباب سياسية وداخلية بالردّ على حماس". وكشفت المصادر أنّ "حماس تجاوبت مع اتصالات مصرية، جرت مساء الأحد، لتخفيف حدة التصعيد، لذلك كان ردّ الحركة في بادئ الأمر شكلياً، وجميعه متعلّق بتهديد ووعيد أكثر من كونه رداً عملياً، وذلك لرغبة الأطراف كافة، بما فيها تل أبيب، في عدم اشتعال حرب جديدة في القطاع".

وفي السياق، استبق عضو المكتب السياسي لحركة "حماس"، عزّت الرشق، إعلان حركته بالإضافة إلى بقية الفصائل المسلحة، بالقول إن "حماس" "تجري اتصالات عاجلة مع جهات عدة للجْم العدوان على غزة". وبيّن الرشق في تغريدة له على موقع "تويتر"، أنّ "الاتصالات جرت مع العديد من الدول العربية والإسلامية والغربية والمنظمات الدولية لإدانة ولجم التصعيد الإسرائيلي ووقف عدوانه المتواصل على الشعب في قطاع غزة، واستهدافه المدنيين العزل".

في مقابل ذلك، قال عضو المكتب السياسي للحركة، حسام بدران، إنّه "إذا أراد (رئيس حكومة الاحتلال بنيامين) نتنياهو أن ينهي هذه الجولة من التصعيد، فعليه ببساطة أن يقيل (وزير الأمن الإسرائيلي أفيغدور) ليبرمان، الذي تسبّب بغبائه في بداية الجولة".

من جهتها، قالت المصادر المصرية "إنّ القاهرة متمسّكة بدورها كوسيط لتحقيق التهدئة في المنطقة، خصوصاً أنّ الوقت الراهن لا يحتمل أي هزة جديدة تسمح للمتطرفين لركوب الموجة، لا سيما بعد قطْع القوات المسلحة المصرية شوطاً كبيراً في إنهاء نفوذ تنظيم داعش الإرهابي في سيناء".

ورجّحت المصادر "عزم الحكومة الإسرائيلية على توجيه ضربات نوعية لأهداف نوعية داخل قطاع غزة ذات علاقة بفصائل المقاومة وقادتها السياسيين والعسكريين، من خلال العودة لبنك أهدافها السابق، ولكن من دون الدخول في حرب واسعة مجدداً"، مستدركةً "لكن هذا التوجّه غير مأمون العواقب، وليس مضموناً أن تستجيب فصائل المقاومة للضغوط السياسية المفروضة عليها من أطراف الوساطات، وخصوصاً أنها هي الأخرى خاضعة لضغوط شعبية في القطاع".

وأوضحت المصادر أنّ "إسرائيل تعتزم مستقبلاً توجيه ضربات لأهداف تتعلق بمنازل القيادات الميدانية في القسام، وكذلك المباني الحيوية المتعلّقة بالأعمال العسكرية النوعية لأنشطة المقاومة"، كاشفةً عن "اتصالات رفيعة المستوى جرت بين مسؤول مصري رفيع المستوى يرجح أنه اللواء عباس كامل، وكبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنر، بشأن مطالبته بضرورة التدخّل لمنع الانزلاق لحرب جديدة"، موضحةً أنّ "الرد كان سلبياً". وأرجعت المصادر هذه السلبية إلى أنّ "كوشنر والإدارة الأميركية ربما تقبلوا التبرير الإسرائيلي للتصعيد الأخير، وتفهّموا خطة تل أبيب للتعامل مع الواقعة".

في الإطار ذاته، قال مسؤول بازر في حركة "حماس" في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "حركة المقاومة الإسلامية"، "قادرة مع فصائل المقاومة الأخرى، على تغيير قواعد المواجهة خلال أي حرب مقبلة محتملة، ولذلك أظهرنا خلال الساعات الماضية أسلحة نوعية بعضها يظهر للمرة الأولى على ساحة المواجهات مع الاحتلال، لتدرك حكومته جيداً أنّ المواجهة المقبلة لن تكون كسابقتها".

وتابع القيادي بالقول "إن كنّا نتعاون مع الوسطاء بشأن جهود التهدئة، فذلك لا يعني أنّه عند لحظة فارقة سننحّي ذلك كله جانباً، إذ ستكون خطة الحرب جليّة أمام الجميع، ولكن تلك ستكون اللحظة التي لا خط رجعة بعدها وسيكون على الجميع التعامل مع حرب جديدة"، مضيفاً "كان بإمكان القسام على مدار الساعات الماضية تحقيق خسائر بشرية فادحة في صفوف العدو الإسرائيلي، ولكن ما زال هناك خط رجعة، في ظلّ أنّ الهدف الراهن للمواجهات الجارية ليس بدء حرب جديدة، ولكنه كان الردّ على تهور إسرائيلي غاشم".

المساهمون