معارك غوطة دمشق تحتدم: النظام يحشد والمعارضة تتقدم

04 يناير 2018
قوات النظام تتبع سياسة الأرض المحروقة(عبد المنعم عيسى/فرانس برس)
+ الخط -

لم تهدأ وتيرة المعارك بين قوات المعارضة السورية من جهة، وقوات النظام والمليشيات الطائفية من جهة أخرى في مدينة حرستا في الغوطة الشرقية للعاصمة دمشق، إذ لا تزال قوات المعارضة تتقدم في مسعى للسيطرة على مبانٍ ومواقع عسكرية ذات أهمية استراتيجية، فيما تجهد قوات النظام لفك الحصار عن مئات العناصر المحاصرين داخل إدارة المركبات العسكرية، وصد قوات المعارضة عن مواقع أخرى لا تقل أهمية. وبدأت قوات النظام تحشد قواها للتخفيف من تبعات هزيمة مدوية منيت بها في الغوطة الشرقية، في وقت دخل الطيران الروسي في أجواء المعركة مسانداً قوات النظام التي كانت على وشك الانهيار في مواقع تقع على تخوم دمشق الشرقية.

وتواصلت الاشتباكات في محيط إدارة المركبات، إذ واصلت قوات المعارضة تقدمها، وسيطرت على كراج الحجز قرب مبنى محافظة ريف دمشق الاستراتيجي. وأكد الناشط الإعلامي، محمد الغوطاني، أن قوات المعارضة مصرة على السيطرة على المبنى، موضحاً أن له أهمية ربما تفوق أهمية إدارة المركبات نظراً لارتفاعه الذي يسمح لقوات المعارضة بالسيطرة النارية على فرع الاستخبارات الجوية والحيلولة دون تقدم قوات النظام إلى داخل الغوطة الشرقية. وأكد الغوطاني أن قوات النظام تتبع سياسة الأرض المحروقة، خصوصاً في المنطقة التي تفصل مبنى المحافظة عن إدارة المركبات في محاولة لفك الحصار عن الأخيرة، مشيراً إلى أن مقاتلي المعارضة يخوضون معارك شرسة ويحققون تقدماً يزيد من إرباك قوات النظام. ولفت إلى تطور ميداني، أمس الأربعاء، وهو دخول الطيران الروسي في المعارك، إذ نفذ عشرات الغارات الجوية التي استهدفت مواقع قوات المعارضة، إضافة إلى مناطق تضم مدنيين في حرستا. ونقلت وكالة "رويترز" عن "سكان وشهود عيان" أن قوات النظام تحشد ما وصفته بـ"قوات النخبة" استعداداً لهجوم كبير لكسر حصار المعارضة المسلحة لإدارة المركبات العسكرية، مشيرة إلى أنه يُعتقد أن 200 عنصر على الأقل من قوات النظام داخل مباني الإدارة. وكانت مصادر محلية ذكرت، لـ"العربي الجديد"، أن قوات النظام استقدمت تعزيزات تقدر بنحو 500 عنصر من أجل الشروع بمعركة جديدة في مسعى لفك طوق حصار فرضته قوات المعارضة على إدارة المركبات العسكرية منذ عدة أيام. وأكدت المصادر ذاتها تعرض قوات النظام لهزائم متلاحقة منذ يوم الجمعة الماضي، إذ قتل عدد كبير من عناصرها، بالإضافة إلى ضباط وضباط صف، كما أسر عدد آخر عرضت فصائل المعارضة عدداً منهم بمقاطع مصورة بُثت على وسائل التواصل الاجتماعي.

ويدرك النظام أن المدنيين هم نقطة ضعف المعارضة السورية، لذا يضغط عليها من خلال استهدافهم بالقصف المدفعي والجوي، الذي أدى منذ بدء المعارك إلى مقتل وإصابة العشرات، فضلاً عن الدمار الكبير الذي يطاول المنازل والمحال التجارية والمرافق العامة. وأكد أبو عدنان، من مركز الغوطة الإعلامي، أن القصف لم يهدأ على مدن وبلدات الغوطة الشرقية، متسبباً بمقتل وإصابة مدنيين، وحرائق داخل أبنية سكنية. وأشار، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن طيران النظام استهدف، أمس الأربعاء، حرستا ومدْيرة وعربين، مؤكداً مقتل 7 مدنيين وإصابة أكثر من 75 مدنياً، أول من أمس. من جهته، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 46 مدنياً منذ الجمعة الماضي في الغوطة الشرقية، بينهم أطفال ونساء، بالقصف الجوي والمدفعي من قبل قوات النظام. في هذا الوقت، تحاول وسائل إعلام النظام التخفيف من تبعات الهزيمة التي منيت بها قوات النظام في الغوطة الشرقية، في محاولة لتهدئة الشارع الموالي الذي بدأ يطالب بتبيان أسباب الهزيمة. وذكرت صحيفة "الوطن" أن قوات النظام استقدمت تعزيزات إلى المنطقة، وبدأت هجوماً معاكساً بإسناد من سلاحي الجو والمدفعية، زاعمة أن هذه القوات تمكنت من استعادة عدة نقاط.

إلى ذلك، أكدت هذه الوسائل أن قوات النظام ومليشيات تتبع لها سيطرت على أعلى قمة في مرتفعات التلول الحمر بالقرب من بلدة بيت جن في ريف دمشق الجنوبي الغربي، مشيرة إلى أنها ثبتت نقاطها في عموم هذه التلول الاستراتيجية الواقعة شرق بلدة حضر. وزعمت هذه الوسائل أن قوات النظام أفشلت مخططاً إسرائيلياً لإقامة "منطقة عازلة" في تلك المنطقة التي لا تبعد كثيراً عن الجولان المحتل، مشيرة إلى أن قوات النظام "أقفلت ملف الغوطة الغربية للعاصمة دمشق". وكانت المعارضة أبرمت اتفاقاً مع النظام خرج بموجبه عناصرها من تلك المنطقة مع عائلاتهم إلى ريفي درعا، جنوب سورية، وإدلب، شمال غربي البلاد.
وأقرت روسيا بسقوط مروحية ومقتل طياريها، وذلك بعد 4 أيام من الحادثة التي وقعت في 31 ديسمبر/ كانون الأول الماضي. وذكرت وزارة الدفاع الروسية أن المروحية، وهي من نوع "مي 24"، سقطت نتيجة "عطل فني"، الأحد الماضي، ما أدى لمقتل طياريها الروسيين. وكان ناشطون سوريون في ريف حماة تحدثوا، الأحد الماضي، عن سقوط مروحية روسية جنوبي المحافظة، على بعد نحو 15 كيلومتراً شمال مدينة الرستن الواقعة في ريف حمص الشمالي، وذلك عقب إقلاعها من مطار حماة العسكري، مشيرين إلى أن المروحية شوهدت تسقط في منطقة مدرسة المجنزرات التابعة للنظام السوري. ووفق أرقام رسمية لوزارة الدفاع في موسكو، فإن 39 عسكرياً روسياً، بينهم ضباط، قتلوا في سورية خلال السنتين الماضيتين، فضلاً عن سقوط طائرتين حربيتين، إضافة لأربع مروحيات قتالية، تضاف إليها المروحية التي أقرت موسكو، أمس، بسقوطها ومقتل طاقمها.

وتعرضت قرى وبلدات في ريف إدلب لحملة قصف مكثف من قبل الطيران الحربي الروسي ومقاتلات النظام، شملت خصوصاً الأطراف الشمالية الغربية لمدينة معرة النعمان والأطراف الغربية لمدينة سراقب وأطراف النيرب وجرجناز وحرش بينين وتل مرديخ ومعرشورين. كما طاول القصف الجوي والمدفعي مناطق في مدينة أريحا وبلدة أورم الجوز في القطاع الجنوبي من ريف إدلب، في حين قصفت قوات النظام قرية الزكاة وبلدة اللطامنة الواقعتين في الريف الحموي الشمالي المحاذي لريف إدلب الجنوبي. وتأتي حملة القصف بالتزامن مع استمرار الاشتباكات بين قوات النظام وفصائل المعارضة في محيط قريتي الزرزور وشم الهوى في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، في محاولة من الفصائل لاستعادة السيطرة على المنطقة، فيما تسعى قوات النظام إلى تحقيق مزيد من التقدم، وسط أنباء عن تمكن الفصائل من معاودة الدخول إلى قرية أم الخلاخيل التي سيطرت عليها قوات النظام قبل ساعات. وتحاول قوات النظام والمليشيات المساندة لها، بقيادة العميد في قوات النظام سهيل الحسن، التوغل في ريف إدلب الجنوبي. وتمكنت، في الأيام الأخيرة، من السيطرة على المزيد من القرى، ليبلغ مجموع ما سيطرت عليه منذ انطلاق هجومها، في 22 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، 65 بلدة وقرية ومنطقة، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

المساهمون