4 تعهدات مصرية مقابل عودة السفير الإيطالي للقاهرة

06 سبتمبر 2017
ربط ألفانو إعادة السفير بالتحقيق في قضية ريجيني (Getty)
+ الخط -
كشف مصدر دبلوماسي مصري كواليس الاتفاق على تفعيل قرار الحكومة الإيطالية بعودة سفيرها إلى القاهرة منتصف شهر سبتمبر/ أيلول الحالي. وأوضح المصدر المصري لـ"العربي الجديد"، أن "الخطوات التي طلبها الوسيطان الإيطاليان، نائب رئيس مجلس الشيوخ، ماوريتسيو غاسباري، ورئيس لجنة الدفاع في المجلس، نيكولا لاتوري، خلال لقائهما الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، كانت تتضمن أن يلتزم السيسي الحياد في الأزمة المتصاعدة بين إيطاليا وقائد قوات برلمان طبرق في ليبيا خليفة حفتر، وأن يسعى لتقريب وجهات النظر بين الطرفين ويكبح جماح حفتر إعلامياً وسياسياً. وهو ما فعله السيسي بالفعل في الأزمة الأخيرة بوقف التصعيد الإعلامي لحفتر ضد إيطاليا ومحاولة التقريب بين وجهتي النظر الفرنسية والإيطالية بشأن حكومة الوفاق الليبية. بل إن صهر السيسي، الفريق محمود حجازي، المكلف مصرياً بإدارة الملف الليبي، أبلغ حفتر بأن إيطاليا في حاجة لمزيد من الطمأنة بأن مركزها الإقليمي لن يتأثر، على الرغم من عدم ارتياح القاهرة لتحركات روما الأخيرة في المياه الإقليمية الليبية، وهو شعور لم تُعلن عنه القاهرة رسمياً أيضاً.

الخطوة الثانية التي طلبها المسؤولان الإيطاليان، هي إرسال وفود شعبية ورسمية إلى روما لتسويق ضرورة قرار عودة السفير كعامل أساسي لتطوير العلاقات بين البلدين اقتصادياً واستراتيجياً وأمنياً، وكذلك ليكون السفير العائد عيناً للحكومة الإيطالية على مجريات التحقيق في قضية مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني. وهذا ما فعله السيسي بإرسال نقيب الصحافيين رئيس مجلس إدارة وتحرير مؤسسة "الأهرام" الصحافية، عبد المحسن سلامة، على رأس وفد "سري" لمقابلة عدد من النواب والإعلاميين الإيطاليين والترويج لتلك الرؤية. ولم يتم الكشف عن ذلك إلا في مقال كتبه سلامة بعد عودته إلى مصر ونشره في 7 أغسطس/ آب الماضي.

أما الخطوة الثالثة، فهي دعم الموقف الاقتصادي للشركات الإيطالية العاملة في مصر، لا سيما عملاق الطاقة "إيني"، وإرساء بعض التعهدات الحكومية الكبرى في مجالات الكهرباء والنقل والنظافة العامة على الشركات الإيطالية، وهو ما تعهّد السيسي باستمراره أيضاً واعتبره أمراً متحققاً بالفعل.


بينما الخطوة الرابعة، وهي الأكثر أهمية، والتي اعتُبرت بحسب مفاوضات الطرفين، ساعة الصفر لإعلان قرار عودة السفير، فتتمثل في إرسال كل أوراق التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة المصرية في قضية مقتل ريجيني، مفرغة ومترجمة إلى الإيطالية، إلى المدعي العام في روما. وعلى رأس تلك الأوراق التحقيقات التي أجرتها النيابة مع ضباط الشرطة الذين قتلوا العصابة المزعوم اتهامها بقتل ريجيني، ووضعها بالكامل تحت تصرف إيطاليا لتكوين صورة كاملة عن مجريات التحقيق في مصر.

وأعلن وزير الخارجية الإيطالي، أنجيلينو ألفانو، الإثنين الماضي، عن عودة سفير بلاده لدى مصر، جيامباولو كانتيني، إلى منصبه في القاهرة في 14 سبتمبر/ أيلول الحالي، ومباشرة السفير المصري، هشام بدر، مهامه في روما في اليوم ذاته، بعد مرور سبعة عشر شهراً على استدعاء إيطاليا لسفيرها للتشاور بشأن قضية مقتل ريجيني.
وكانت الخارجية الإيطالية قد استدعت سفيرها إلى روما في الثامن من إبريل/ نيسان 2016، لوضع تقييم عاجل للتحركات الأكثر ملاءمة لتجديد جهود الوصول إلى الحقيقة بشأن اغتيال الباحث الإيطالي، الذي تُشير تقارير حقوقية إلى ضلوع أجهزة الأمن المصرية في تصفيته، بعد اختطافه في 25 يناير/ كانون الثاني من العام الماضي.

ونقلت وكالة أنباء "آكي" الإيطالية عن ألفانو قوله: "من الصعب ألا يكون لإيطاليا ومصر حوار سياسي ودبلوماسي رفيع المستوى"، عازياً قرار بلاده بشأن إعادة سفيرها إلى القاهرة بهدف "تعزيز الالتزام السياسي والأخلاقي للحكومة الإيطالية، بغية السعي نحو الحقيقة وكشف ملابسات قضية مقتل ريجيني".
وأفاد ألفانو، في جلسة إحاطة أمام لجنتي الشؤون الخارجية لمجلسي البرلمان الإيطالي، بعقد اجتماع جديد بين المحققين في البلدين في وقت لاحق من الشهر الحالي، مضيفاً أن النيابة العامة في كل من إيطاليا ومصر أكدتا استمرار التحقيق والتعاون حتى التوصل إلى حقيقة الظروف التي أدت إلى اختطاف وتعذيب وموت ريجيني. وشدد ألفانو على دعم حكومته، عبر خطوات سياسية ودبلوماسية، لأنشطة التحقيق التي أشرف على تنسيقها مكتب المدعي العام في روما مع السلطات المصرية، مشيراً إلى طلبه من نظيره المصري، سامح شكري، في مارس/ آذار الماضي، إرسال الملفات القضائية المتعلقة بالقضية إلى مكتب روما، بطريقة واضحة لا لبس فيها.