القنبلة الهيدروجينية... عندما يصبح النووي سلاحاً بدائياً

05 سبتمبر 2017
كوريون شماليون سعداء بالتجربة (كيم وون- جين/فرانس برس)
+ الخط -
لم تكن تجربة القنبلة الهيدروجينية التي أجرتها كوريا الشمالية، يوم الأحد، عادية، فهي عدا عن كونها المرة الثانية التي تجريها بيونغ يانغ، بعد تجربة 6 يناير/ كانون الثاني 2016، إلا أنها باتت أكثر خطورة. ففي المرة الأولى، شكّك الخبراء في قيام النظام الكوري الشمالي بتجربة قنبلة هيدروجينية، معللين ذلك بقوة القنبلة وحجم انفجارها، فضلاً عن الهزة الأرضية التي تلتها. غير أنه في الاختبار الأخير، صار الأمر أكثر تعقيداً، مع اعتراف دول العالم، حتى الصين وروسيا، بأن بيونغ يانغ قامت بتجربة قنبلة "قوية". 

وكشفت حكومة كوريا الجنوبية أن قوة التفجير بلغت 100 كيلوطن، أي نحو 100 ألف طن (الكيلوطن الواحد يساوي ألف طن)، بينما ذكر مركز "نورسار" للزلازل النروجي، أن قوة التفجير بلغت 120 كيلوطناً، مترافقة مع هزة أرضية بلغت 5.8 على مقياس ريختر. أما "المعهد الاتحادي لعلوم الأرض والموارد الطبيعية" الألماني، فذكر أن "قوة التفجير وصلت لبضع مئات من الكيلوطن، مع هزة أرضية بلغت 6.1"، وهو الأمر الذي اتفقت معه "الوكالة اليابانية للزلازل". أما "الماسح الجيولوجي الأميركي"، فاعتبر أن "قوة الهزة بلغت 6.3 على مقياس ريختر"، وهو ما أعلنه الصينيون أيضاً. أما الروس فسجلوا زلزالاً بقوة 6.4 في هذه التجربة.

ما الفرق بين القنبلة النووية والقنبلة الهيدروجينية؟ إن القنبلة الهيدروجينية مصطلح شائع أساساً لقنبلة نووية حرارية تنفجر على مرحلتين، وهي تستخدم قنبلة نووية أولية لتحريك انفجار آخر أكبر بكثير. المرحلة الأولى تقوم على الانشطار النووي وانقسام الذرات، في حين تعتمد في المرحلة الثانية على الاندماج النووي لإحداث تفجير أقوى مما تحدثه القنابل النووية التقليدية.

وبمجرد بدء الاندماج النووي، تنشأ النيوترونات السريعة التي تسبب مرة أخرى الانشطار النووي من اليورانيوم داخل القنبلة، ما يحدث انفجارات مضاعفة وزيادة كبيرة في قوتها التفجيرية. أما القنبلة النووية فتستخدم الانشطار النووي فقط، وتقسيم البلوتونيوم أو اليورانيوم إلى ذرات أصغر في سلسلة من التفاعلات التي تطلق كميات هائلة من الطاقة.

وبصورة أوضح، فإن للقنبلة الهيدروجينية قدرة تدميرية أكبر بكثير من القنبلتين النوويتين اللتين ألقيتا على مدينتي هيروشيما (6 أغسطس/ آب 1945)، وناغازاكي (9 أغسطس 1945) في اليابان في الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945). ويقدر البعض أن القوة التدميرية للقنبلة التي فجرتها كوريا الشمالية، فجر الأحد، أكبر بثمانين مرة مما شهده العالم في كارثة اليابان. مع العلم أن تأثير القنبلة النووية الإشعاعي يستمرّ لسنوات عديدة، أما نظيرتها الهيدروجينية فتدمّر كل شيء في ثوان معدودة ولا تأثير إشعاعي ممتد لها، وهو ما يفسر الإعلان الصيني حول عدم رصد أي إشعاعات نووية رغم أن التفجيرات حصلت في منطقة تبعد نحو 130 كيلومتراً فقط من الحدود الصينية.



وكانت الولايات المتحدة قامت في 1 نوفمبر/ تشرين الثاني 1952 بتجربة أول قنبلة هيدروجينية بعد الحرب العالمية الثانية، دُعيت القنبلة بـ"إيفي مايك"، وتمّ تفجيرها بالقرب من موقع إينويتاك في المحيط الهادئ. أنتجت القنبلة طاقة تعادل عشرة ميغاطن من مادة "تي إن تي"، أي أكبر 1000 مرة من القنبلة التي ألقيت على هيروشيما.

وبعد أقلّ من عام على التجربة الأميركية، قام الاتحاد السوفييتي السابق بتفجير أول قنبلة هيدروجينية له، وأطلق بذلك سباق إنتاج المزيد من "القنابل الخارقة". وسبق للسوفييت أن أنتجوا وفجّروا في 30 أكتوبر/ تشرين الأول 1961 أكبر وأقوى قنبلة هيدروجينية عرفها الإنسان، منتجة طاقة تعادل 50 ميغاطن من مادة "تي إن تي". حملت هذه القنبلة اسم "القيصر"، وتمّ تفجيرها في منطقة سوخوي نوس، المطلّة على بحر بارنتس في الشمال الروسي.

تمتلك القنبلة الهيدروجينية حالياً، إلى جانب الولايات المتحدة وروسيا، كل من بريطانيا وفرنسا والصين، فيما أشارت تقارير إلى أن إسرائيل والهند وباكستان تمتلك تقنيات إنتاج قنابل هيدروجينية بجانب كوريا الشمالية. ووفقاً لجمعية ضبط الأسلحة، فإن الولايات المتحدة تمتلك 6800 رأس نووي، في مقابل ما يقرب من سبعة آلاف في روسيا. أما بريطانيا فلديها حوالي 120 رأساً نووياً، مقابل 300 لفرنسا و270 للصين، وما يقرب من 120 في باكستان وفي الهند، ويعتقد بأن إسرائيل تمتلك ثمانين رأساً نووياً. ويعود الفضل في تصنيع القنبلة الهيدروجينية إلى العالم الإيطالي ـ الأميركي، إنريكو فيرمي، الذي اخترعها حين كان في الولايات المتحدة.