البرلمان البريطاني يمرّر مشروع قانون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي

12 سبتمبر 2017
ماي وصفت القرار بـ"التاريخي" (كارل كورت/Getty)
+ الخط -
تمكنت حكومة تيريزا ماي المحافظة من تمرير قانون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، اليوم الثلاثاء، بأغلبية 326 صوتاً لصالح القانون، مقابل 290 ضده. وكان مشروع القانون قد طُرح أمام مجلس العموم مع افتتاح جلساته بعد عطلته الصيفية، وجرى التصويت عليه في ساعة متأخرة من مساء أمس.

ورغم الجدل الذي دار في الأيام الماضية والانتقادات التي نالها مشروع القانون من أحزاب المعارضة ومن "متمردي" المحافظين، فإن التصويت شهد التزام جميع نواب الحزب الحاكم لصالح المشروع، بينما صوت سبعة نواب عماليون لصالحه أيضاً، في تمرد على رغبة قيادة الحزب التي طلبت من جميع برلمانييها الالتزام بمعارضة مشروع القانون.

ووصفت رئيسة الوزراء التصويت بأنه "قرار تاريخي سيدعم إرادة الشعب البريطاني. وعلى الرغم من حاجتنا لعمل المزيد، فإن هذا القرار يعني أنه بإمكاننا التقدم في المفاوضات بخطى ثابتة وعلى أسس صلبة. ونستمر بتشجيع البرلمانيين من كافة أرجاء المملكة المتحدة على العمل سوية لدعم هذا التشريع شديد الأهمية".

وبينما علّق المتحدث بشؤون "بريكست" عن حزب "الأحرار الديمقراطيين"، توم بريك، أن هذا اليوم "يوم أسود لأم البرلمانات"، عبّر وزير "بريكست" في حكومة الظل العمالية، السير كير سترامر، عن إحباطه الشديد من نتيجة هذا التصويت، قائلاً إن "مشروع القانون هذا صفعة للديمقراطية البرلمانية، وتفرد جلي بالسلطة من قبل وزراء الحكومة. إن هذا القانون لا يحمي الحقوق، ويُسكت البرلمان في ما يتعلق بالقرارات الرئيسية ويُقوض من اتفاقية تفويض السلطات".


ولكن سترامر وعد بأن يستمر "حزب العمال" في تحدي مشروع القانون، بعد تحويله للنقاش على مستوى اللجان، ومحاولة إدخال التعديلات على نواحيه الأسوأ، وذلك رغم أن عيوب القانون "جوهرية جداً" ويصعب جداً تعديله "ليكون ملائماً".

وصرح النائب المحافظ جون بنروزن، أن "المسودة الحالية لمشروع الانسحاب تمنح الحكومة الكثير من الصلاحيات كي نستطيع تحقيق بريكست، وهو أمر ضروري، ولكنها أيضاً تكبح دور البرلمان". وأضاف "إذا كان الهدف من بريكست استعادة التحكم بقوانيننا، فمن الصعب المجادلة بأن هذا العدد القليل من التغييرات الهامة والضرورية سيتجاوز البرلمان ببساطة من دون نقاش شامل".

وصوّت البرلمان بعد ذلك على مشروع الحكومة الخاص بالمرحلة التالية لتمرير القانون، حيث سيُحول إلى لجان فرعية تقوم بتفحص فقراته وإضافة التعديلات اللازمة عليه. وسيُمنح أعضاء البرلمان مهلة 64 ساعة من النقاش تمتد على ثمانية أيام على مستوى اللجان، يمكن لهم حينها التدقيق بكافة تفاصيله.

إلا أن للقانون المطروح أهمية كبرى دفعت بعض المنتقدين إلى المطالبة بفترة نقاش أطول، ضاربين مَثل التشريعات الرئيسية السابقة ذات الصلة بالعلاقة مع الاتحاد الأوروبي، والتي نالت أكثر من 20 يوماً من التدقيق على مستوى اللجان.

وحاول وزير العدل الحالي، ديفيد ليدينغتون، تطمين أعضاء حزبه المعارضين للسلطات الواسعة التي يمنحها القانون للحكومة، حيث أكّد وجود ضوابط في المشروع لهذه الصلاحيات. كما وعد بتمديد الوقت المتاح لمناقشة مشروع القانون على مستوى اللجان لأكثر من ثمانية أيام، إذا اضطر الأمر.

وفور تمرير المشروع إلى اللجان، عادت الأصوات المحافظة لانتقاد القانون، حيث جرى طرح 136 تعديلاً وإضافة 29 فقرة جديدة، قُدمت بمجملها إلى مكتب رئيسة الوزراء. وقدّم 12 من برلمانيي الحزب مجموعة تعديلات كبرى على مشروع القانون، تشمل المطالبة بأن يقوم البرلمان بتمرير قانون ضامن لصفقة الانسحاب النهائية، بدلاً من مقترح الوزراء بالتصويت "بالقبول أو الرفض" لهذه الصفقة.

كما أضافوا تعديلات على ما يُعرف بصلاحيات هنري الثامن المثيرة للجدل، والتي تسمح للوزراء بتجاوز البرلمان، إضافة إلى حماية الحقوق التي يُتوقع أن يقوم الوزراء بإهمالها. وهدد هؤلاء النواب بالتمرد في حال عدم قبول تعديلاتهم، وهو ما يعني فقدان تيريزا ماي للأغلبية التي حققتها في التصويت الأولي.

وبالإضافة إلى منح الحكومة صلاحيات هنري الثامن التنفيذية الواسعة، ينص المشروع أيضاً على إلغاء قانون المجتمعات الأوروبي، وهو ما سيُعيد كافة السلطات إلى المؤسسات البريطانية يوم سريان بريكست في مارس/آذار 2019. كما سيجعل من كافة القوانين الأوروبية قوانين بريطانية في ذلك اليوم، ما سيمنع حالة الفوضى القانونية التي ستنجم عن مغادرة الاتحاد الأوروبي.