فصل من "حرب اللوبيات" السعودية في واشنطن بين بن نايف وبن سلمان

04 اغسطس 2017
الرجلان عملا مع شركات ضغط مختلفة (فايز نورالدين/فرانس برس)
+ الخط -
كشفت مجلّة "بوليتيكو" الأميركية، في تقرير لها أمس الخميس، أن العقد الذي وقّعه وليّ العهد السعودي السابق، محمد بن نايف بن عبد العزيز، مع شركة "Sonoran Policy Group"، وهي إحدى جماعات الضغط القريبة من فريق الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أُلغي في اليوم الذي تمّت فيه الإطاحة ببن نايف لصالح وليّ العهد الجديد، محمد بن سلمان.

ويورد معدّ التقرير أنّ العقد الذي وقّعته وزارة الداخليّة السعودية في مايو/أيار، حينما كان يديرها بن نايف، مع الشركة المشار إليها اختصارًا باسم (SPG)، وبلغت فيمته 5.4 ملايين دولار؛ كان الخطوة الأخيرة لبن نايف في خضمّ الصراع على السلطة مع ولي وليّ العهد السابق، بن سلمان.

العقد المبرم مع الشركة القريبة من دوائر ترامب، والذي كان موجّهًا للحفاظ على المصالح السعوديّة لدى الإدارة الأميركية الجديدة، انتهى في الـ21 من يونيو/حزيران الماضي، أي في اليوم الذي تمت فيه الإطاحة ببن نايف، وبعد مرور 38 يومًا فقط على توقيعه. ولأن العقد ينصّ على دفع مبلغ 5.4 ملايين دولار مقدّمًا، بحسب التقرير؛ فإن الشركة احتفظت بالأموال دون أن تضطر لتقديم خدماتها نظير ذلك.

ورغم أن التقرير لم يشر إلى الجهة المسؤولة عن إلغاء العقد، فإن البيان الذي أصدرته الشركة تعقيبًا على ذلك، وأكّدت فيه أنها "كانت متحمّسة للعمل مع وزارة الداخلية السعودية للمساعدة في مكافحة التطرّف العنيف"، يوحي بأن القرار اتّخذ من طرف الرياض، وتحديدًا المسؤولين المعيّنين حديثًا هناك.


وثمّة في البيان ذاته ما يؤكّد ذلك أيضًا، فقد ذكرت الشركة أن العقد "تم اقتطاعه نظرًا للظروف الداخلية في المملكة، وتبعًا لذلك، لم تتمكّن (SPG) من تنفيذ خدماتها الإستراتيجية الفريدة، بما يتضمّن اتّصالاتها الخلاقة في الغرف المغلقة، وبناء العلامات التجارية، والتسويق، وعروض العلاقات العامّة بالنيابة عنهم". وتضيف الشركة في بيانها: "نتطلع إلى العمل مجدّدًا مع حليفنا الحيوي في المملكة العربية السعودية".

وبحسب تقرير آخر، نشره موقع قناة "سي إن إن" الأميركية مطلع يوليو/تموز الماضي، فإن المسؤولين في المملكة تعاقدوا مع ثلاث شركات ضغط منذ لحظة إعلان ترامب عن أنّ أولى زياراته الخارجيّة ستكون إلى السعودية، وهي تضاف إلى ثلاث شركات أخرى تعاقدت معها دوائر سياسية في المملكة منذ فوز ترامب في انتخابات الرئاسة.

ويفصّل تقرير "سي إن إن" أن الداخلية السعودية تعقادت مع (ٍٍSPG) بعد يوم واحد فقط من الإعلان عن زيارة ترامب إلى السعودية، بوصفها "مستشارًا في الشؤون الحكومية والقطاع التجاري". وخلال الفترة التي سبقت هذا التاريخ، ظلّ عمل الشركة يرتكز على التعاقد مع عملاء محلّلين صغار، وكان سجلّها خاليًا من تمثيل حكومات خارجيّة، حتى ديسمبر/كانون الأول الماضي، أي بعد الإعلان عن ترامب، الذي تربطه علاقات وثيقة بالشركة، رئيسًا جديدًا للولايات المتّحدة.

وقبل ذلك، وتحديدًا في مايو/أيار الفائت، كانت "بوليتيكو" قد نشرت تقريرًا موسّعًا تحت عنوان "ترامب ينخرط في لعبة العروش السعودية"، تناولت فيه "حرب اللوبيات" بين أذرع الأسرة السعودية الحاكمة في واشنطن، مشيرة، في هذا السياق، إلى أنّ العقد الذي أبرمه بن نايف مع شركة (ٍSPG) هو بمثابة العقد الأوّل من نوعه الذي تحظى فيه وزارة داخلية بشركة ضغط، خلال السنوات الأخيرة.

وتتابع المجلة، في التقرير المذكور، أن للصراع "الصامت" على السلطة بين بن سلمان وبن نايف صدى في واشنطن أيضًا، حيث يصارع ترامب "فنون الدبلوماسيّة"، وحيث كان ينظر إلى أمراء المملكة الغنية بالنفط، منذ وقت طويل، على أنّهم حليف مهم، وغير مستقرّ في بعض الأحيان، في مكافحة التطرّف.

وفي مقابل جهود بن نايف، نشط حلفاء بن سلمان في العمل مع شركات ضغط أكثر عراقة ورسوخًا من (ٍSPG)؛ الشركة حديثة العهد بالسياسات الخارجيّة، ومن ضمن تلك الشركات "Podesta group" و"PGR". ورغم عدم استجابة ممثلي الشركتين لطلبات المجلّة بالتعليق، فإن إيداعات وزارة العدل الأميركية، في ذلك الحين، تكشف أن هيئة سعوديّة تسمّى "مركز الدراسات والشؤون الإعلامية" في الديوان الملكي السعودي، تنفق ما مجموعة 2.2 مليون دولار سنويًّا للإبقاء على الشركتين، علمًا أن ثمّة أكثر من عشر شركات في واشنطن ما زالت تعمل مع مختلف الهيئات السعودية خلال الأشهر الأخيرة، ما يجعل المملكة إحدى أكثر الحكومات الأجنبية ضخًّا للأموال في الشارع الشهير باسم "كي ستريت" في واشنطن، حيث تنشط شركات الضغط ومؤسسات صناعة القرار.

(العربي الجديد)