"هدنة عمّان": أمن "إسرائيل أولاً" وإعادة ترسيم خطوط المواجهة

13 يوليو 2017
نقل النظام وحلفاؤه ثقلهم إلى البادية (فرانس برس)
+ الخط -
فرض اتفاق الهدنة في جنوبي غرب سورية الذي توصلت إليه الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والأردن، في ما بات يُعرف بـ"هدنة عمّان"، والتي دخلت حيز التنفيذ الأحد الماضي، واقعاً جديداً على سير المعارك على الجبهة الجنوبية السورية، بعد أن نقل النظام السوري وحلفاؤه ثقلهم العسكري إلى البادية، في ما يتضح أن "أمن إسرائيل" شكّل المحدد الرئيسي للاتفاق الذي ظل متماسكاً.

الاتفاق في الجنوب الغربي السوري، ضمن حدود محافظات السويداء ودرعا والقنيطرة، إضافة للأرض المحتلة في الجولان السوري، وفيما رُوِّج له أردنياً على اعتباره مقدّمة لوقف إطلاق النار في معظم المناطق السورية، تفهمه الفصائل المقاتلة في الجبهة الجنوبية، خارج حدود مناطق الهدنة، "فرصة للنظام وحلفائه للانقضاض عليها عسكرياً"، إذ تتحدث الفصائل المقاتلة في البادية السورية عن تقدّم غير مسبوق لقوات النظام والمليشيات الموالية له باتجاه البادية، تزامناً مع قصف كثيف من قبل الطيران الروسي.
وحسب الفصائل، فإن قوات النظام والمليشيات تتقدّم من ثلاثة محاور رئيسية هي، شرق السويداء، وتل الأصفر، والثالث أوتوستراد بغداد-دمشق، وتسبق تقدّمها غارات مكثّفة للمقاتلات الروسية، وهي محاور تنشط في التصدي للتقدّم من خلالها "قوات الشهيد أحمد العبدو" و"جيش أسود الشرقية".

ويقول مدير المكتب الإعلامي لـ"أسود الشرقية"، سعد الحاج: "نشهد اليوم أكبر حملة عسكرية من قبل النظام والمليشيات على البادية السورية، الحملة مدعومة بالطيران الروسي ومشاة من مختلف الجنسيات"، مؤكداً في حديث مع "العربي الجديد" أن الحملة أعقبت مباشرة اتفاق التهدئة في الجنوب الغربي الذي جرى التوصل إليه في عمّان.
وأصدر الفصيلان، أمس الأول، بياناً يدحض مبررات الحملة التي تشارك فيها إلى جانب قوات النظام، مليشيات إيرانية وعراقية وجيش التحرير الفلسطيني و"حزب الله"، تحت ادعاء محاربة تنظيم "داعش". وأكد الفصيلان أن "لا وجود لتنظيم داعش في المناطق التي يتقدّم فيها النظام وحلفاؤه منذ منتصف مارس/آذار الماضي"، معلنين أن تلك المناطق محررة بعد طرد التنظيم منها بالقوة.


من جهته، يوضح مسؤول المكتب الإعلامي لـ"قوات أحمد العبدو"، سيف سعيد، أن النظام حاول التقدّم للسيطرة على المناطق المحررة من "داعش" فور تحريرها، لكنه يؤكد لـ"العربي الجديد" أن التصعيد العسكري أخذ شكلاً غير مسبوق في اليومين الأخيرين.
يسهل تلمّس الإحباط وحالة الخذلان التي تشعر بها الفصائل المقاتلة في البادية، ويقول الحاج في هذا السياق: "الجميع يعلم أن المعركة غير متكافئة، تسليحنا وعتادنا بسيط لا يستطيع مقاومة غارات الطيران الروسي"، مضيفاً أنه "لو تم تسليحنا بشكل جيد، وتوفير غطاء جوي، سيكون تحرير البادية والوصول إلى دمشق مسألة وقت". المشكلة التي تعيق إنجاز الأمر يحددها الحاج بـ"التوازنات السياسية بين القوى اللاعبة في المشهد السوري، وعدم وجود قرار دولي بالحسم".
وفيما التزمت الفصائل المنضوية تحت لواء الجبهة الجنوبية الصمت تجاه "هدنة عمّان"، يقول الحاج إن "الاتفاق الأميركي الروسي الأردني قوّض كل مساعي الوصول لحل للقضية السورية"، لكنه يراهن على عدم صمودها طويلاً بقوله "ليس لدى نظام الأسد والمتحالفين معه".
وطالب "أسود الشرقية والعبدو" في بيانهما الفصائل المشاركة في جنيف 7 رفض أي هدنة لا تشمل كافة المناطق، محذرين من الآثار الوخيمة لقبول هدنة في مناطق من دون أخرى.

وفيما تبدّت المخاطر العسكرية المترتبة على الاتفاق في البادية، بشكل أوضح، يحط الجدل بمدى الاستفادة الأردنية من الاتفاق. ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي، عامر سبايلة، أن أولوية الاتفاق تمثّلت بحفظ أمن إسرائيل، قائلاً: "من الأولويات المتفق عليها بين أميركا وروسيا حفظ أمن إسرائيل".
وعلى الرغم من أن الاتفاق خرج بصيغة توافق ثلاثي، أميركي-روسي-أردني، إلا أن إسرائيل كانت حاضرة في تفاصيل المباحثات التي قادت إلى التوصل للاتفاق، وهو ما تحدثت عنه تقارير إسرائيلية.

وفيما يحتفي الأردن بالاتفاق الذي يضمن له ابتعاد المليشيات عن حدوده الشمالية الغربية، يجد نفسه أمام احتمالية اقتراب تلك المليشيات من حدوده مع سورية في الشمال الشرقي. ويرى سبايلة في حديث مع "العربي الجديد" أن الاتفاق يتيح الفرصة لقوات النظام وحلفائه بفتح جبهة عسكرية أقوى في البادية السورية، المتاخمة للحدود الأردنية في الشمال الشرقي، وبالتالي يقلل من استفادة الأردن النسبية من اتفاق الهدنة، مقارنة بالاستفادة المحققة لإسرائيل، في ظل تخوّف الأردن من اقتراب المليشيات على طول حدوده مع سورية والبالغة 370 كيلومتراً.