استطلاع: 80% من الفرنسيين مستعدون لتحمل الإجراءات البوليسية المستمرة

26 يونيو 2017
87 % من الفرنسيين يثقون بقوات الأمن (Getty)
+ الخط -



في استطلاع جديد للرأي نشره موقع أتلانتيكو الإخباري اليميني، اليوم الإثنين، بالتزامن مع تصميم حكومة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سنّ قانون جديد لمكافحة الإرهاب، يعتبره منتقدوه، من أحزاب يسارية ورجال قانون وجمعيات حقوق الإنسان وأيضاً من قبل "المدافع عن الحقوق"، توجُّهاً نحو "نوع من الدولة التسلطية"، ويصرون على ضرورة إفشاله؛ يكشف عن أن المجتمع الفرنسي يتجه، فعلاً، نحو التشدد والمحافظَة.

وكشف هذا الاستطلاع الجديد للرأي، الذي أثار ابتهاج المواقع اليمينية الفرنسية، عن أن نحو 80 في المائة من الفرنسيين مستعدّون لتحمّل إجراءات أخرى من المراقبة البوليسية المستمرة، ومستعدون، أيضاً، لتقبّل الحدّ من حرياتهم الفردية. كما يتوقع 75 في المائة من الفرنسيين حدوث عمليات انتقامية غير منضبطة في حال حدوث اعتداءات.

وبسبب الحشد الإعلامي لليمين المتطرف وأجنحة من اليمين الكلاسيكي وبعض اتجاهات الاشتراكيين، يرى 63 في المائة أن الأشخاص الذين تعتبرهم السلطات يمثلون بعض الخطر، والواردين في قائمة (س)، يجب وضعهم في السجون، بشكل تلقائي، حتى وإن لم يرتكبوا أي عنف. وليس ثمة شك في أن التهديدات الإرهابية المستمرة التي تتعرض لها فرنسا، إضافة إلى بعض الاعتداءات، ساهمت في هذه النتائج المثيرة للقلق.


وفي فبراير/شباط الماضي، كان 35 في المائة من الفرنسيين، فقط، يرون أن التهديد الإرهابي عالٍ جدّاً. ولكن مقتل الشرطي في جادة شانزلزيه، رفع مستويات القلق إلى 51 في المائة، في أبريل/نيسان الماضي.

وفي الأيام الأخيرة ارتفعت النسبة إلى 59 في المائة، وهو ارتفاعٌ ليست غريبةً عنه الهجماتُ الإرهابية التي تعرضت لها بريطانيا العظمى، أخيراً. ثم تعرضت، بعدها، فرنسا لاعتداءين اثنين، اعتداء المطرقة في ساحة نوتردام ثم الاعتداء الفاشل في شانزلزيه، والذي تسبب في مقتل المُهاجِم، وحده. وساهمت هذه الهجمات في رفع درجة قلق الفرنسيين، بشكل يقترب من مستوى فترة يوليو/تموز 2016، بعد اعتداء مدينة نيس الإرهابي الدامي.

وبقدر ما يزداد القلق من المستقبل القاتم، بقدر ما تزداد صورة قوات الأمن تحسناً لدى الرأي العام الفرنسي، حيث أن 87 في المائة من الفرنسيين أعلنوا عن ثقتهم في قوات الأمن (وهو رقم يقترب من مستوى 2015، بعد الاعتداء على صحيفة "شارلي إيبدو"، بينما أعلن 38 في المائة عن "ثقة كاملة" في قوات الأمن.

وتجدر الإشارة إلى أن شعبية الشرطة تدحرجت بعد اعتداء نيس إلى 22 في المائة، وهو ما اعْتُبِر انتقاداً لفشل قوات الأمن في توفير الأمن. ولا شك في أن الاعتداءات التي تستهدف أفرادَ الشرطة بشكل مباشر كشفت عن أن رجال الأمن يدفعون كل ما يملكون من أجل توفير الأمن والأمان. وبالتالي فإن هذه الشعبية المستعادة هي نوعٌ من الوفاء الكبير للتضحيات الجسيمة.

ولم تنعكس هذه الثقة من الفرنسيين لقوات الأمن، بشكل تلقائي، على الحكومة، إذ لا يثق فيها سوى 58 في المائة من الفرنسيين. وهو ما يذهب بنا إلى الفترات التي كانت ترتفع فيها شعبية الرئيس السابق، فرانسوا هولاند، عقب الاعتداءات، ثم سرعان ما تذوب وتذوي، بعد مرور قليل من الوقت.

ولكن هذه النسبة، 58 في المائة، تعكس، أيضاً، نسبة مُرضِية بالنسبة للرئيس الجديد إيمانويل ماكرون وحكومته، التي تعهدت بمواصلة مكافحة الإرهاب، باعتبارها أولوية الأولويات، وتمديد حالة الطوارئ، وأيضاً سنّ قانون جديد لمكافحة الإرهاب، يعتبره البعض، قاسياً وقد يشهد انتهاكاً للحريات الفردية.

وفي ما يخص احتمال حدوث أعمال انتقامية بعد الاعتداءات، فإن ثلاثة أرباع الفرنسيين، وهو نفس الرقم الذي تم التعبير عنه في يوليو/تموز 2016، بعد اعتداء مدينة نيس، يعتقدون أنه مُحتَمَل.

ولكن لحسن حظ المجتمع الفرنسي، أنه لم يحدث شيء ذو أهمية ويستحق القلق، وهو ما تحاول السلطات الفرنسية أن تؤكد عليه، رغم تأكيد منظمات حقوقية وإنسانية على ارتفاع مثير للقلق في نسبة الاعتداءات التي تعرض لها مسلمون في فرنسا.

إذن ثمة قلق مزدوجٌ، في فرنسا، حسب هذا الاستطلاع، من الإرهاب الأعمى وأيضاً قلق من الردود الانتقامية.

ويبدو أن الصرامة التي تريد بها السلطات الفرنسية أن تسرّع سنّ القانون الجديد، ومحاولة تفادي أي اعتراض من المجلس الدستوري أو من منظمات أوروبية، هي في جزء منها من أجل الحفاظ على هيبة الدولة، حتى ولو أن الحريات الفردية يمكن أن تُصابَ بانتكاسة. المهم أن تجد القوانين ارتياحاً شعبياً واحتضاناً جماهيرياً.​