ارتياح إسرائيلي لتعيين محمد بن سلمان وليّاً للعهد

22 يونيو 2017
ترامب ومحمد بن سلمان في الرياض (ماندل نغان/فرانس برس)
+ الخط -
يبدو أن دولة الاحتلال الإسرائيلي تلقت نبأ التغييرات في السعودية وتعيين الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد، بوصفه خبراً ساراً، مع ظهور مؤشرات على أنه يسود جو من الارتياح في الأوساط الإسرائيلية لهذه التغييرات. وقد رأى محرر الشؤون العربية في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، تسفي برئيل، في تعليق له أمس الأربعاء، أن التطورات السعودية تمثل "بشرى سارة" لإسرائيل، لافتاً إلى أن خطوة تعيين محمد بن سلمان ولياً للعهد لم تكن سوى مسألة وقت.

وكتب برئيل أن بن سلمان الذي سماه "الولد" الذي سيحتفل في أغسطس/آب بعيد ميلاده الـ32، يقوم فعلاً بدور قيادي في السعودية، وهو صاحب الأمر فيها في كل ما يتعلق بوزارة الخارجية. وأضاف أن التقديرات تشير إلى أن الملك سلمان بن عبد العزيز "المريض أصلاً سيتنازل عن العرش قريباً ويسلمه لولده"، وفق تعبير الصحافي الإسرائيلي. وأضاف أنه "على مر العامين ونصف العام الماضيين، ومنذ تتويج الملك سلمان، تم تدريب وإعداد الأمير محمد بن سلمان لمهام سياسية بانتظار خلافة المنصب الأكبر، كما تم توكيله بمهام أخرى للمبادرة والتخطيط (دون نجاح خاص) في حرب اليمن من خلال توليه وزارة الدفاع".

ولفت برئيل إلى أنه إذا كان محمد بن نايف من تولى خلال العامين الماضيين مسؤولية العلاقات مع الإدارة الأميركية و"وكالة الاستخبارات المركزية" (سي آي إيه)، فقد تم وضعه جانباً خلال وقت قصير، إذ أدركت الإدارة الأميركية من هو بالضبط الشخص القوي في المملكة، وفق قول برئيل. وتابع أن محمد بن سلمان تحوّل إلى الرجل المسؤول عن العلاقات ليست فقط مع الولايات المتحدة وإنما أيضاً مع روسيا ورئيسها، فلاديمير بوتين، إذ التقى ببوتين عدة مرات لتنسيق السياسات والمواقف تجاه الملف السوري وإيران.

ويخلص برئيل إلى أن "محمد بن سلمان هو بمثابة بشرى سارة لكل من إسرائيل والولايات المتحدة بفعل مواقفه القاطعة ضد إيران، وهو ما يجعله شريكاً استراتيجياً مهماً وليس فقط في الحرب ضد إيران، بل إنه يتفق كلياً مع الولايات المتحدة بالحاجة لوقف التأثير والنفوذ الروسيين في المنطقة، وعلى ضرورة إسقاط نظام بشار الأسد والعمل بحزم ضد تنظيم داعش ومنظمات راديكالية أخرى، من الإخوان المسلمين وحتى حزب الله"، بحسب ما كتب المعلق الإسرائيلي.

وقد نقلت وسائل إعلام مختلفة في العامين الماضيين تقارير عن لقاءات بين مسؤولين سعوديين كبار ومسؤولين إسرائيليين. ووفقاً لهذه التقارير، فقد عقد لقاء كهذا في 2015 في مدينة إيلات، ولقاء آخر على هامش القمة العربية الأخيرة في مارس/آذار الماضي في عمان، إلى جانب لقاءات دورية تتم بين ضباط سعوديين وإسرائيليين، ضمن "غرفة الحرب المشتركة للأردن والسعودية والولايات المتحدة".

وأوردت صحيفة "هآرتس" أن "مثل هذه اللقاءات تحتاج لموافقة مباشرة من محمد بن سلمان باعتباره وزير الدفاع السعودي". لكن الصحيفة ذكرت أن ما يبقى غير معروف هو "إلى أي حد يستطيع ويريد بن سلمان دفع العملية السلمية بين إسرائيل والفلسطينيين كجزء من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وهل سيتمكن من إحداث التغيير المطلوب في العلاقات بين إسرائيل والسعودية؟"، وفق تساؤلات "هآرتس".

وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن المغرد السعودي الذي يكنى باسم "المجتهد" نشر هذا الأسبوع في تغريداته على "تويتر"، ما اعتبر أنه كشف للمؤامرة المشتركة لكل من الأمير محمد بن سلمان، وولي العهد الإماراتي محمد بن زايد، لتدبير انقلاب في قطر. وكتب "مجتهد" الذي اتضح أن تغريداته كانت صادقة، ويعتمد في معلوماته على ما يبدو على مصادر داخلية سعودية، أن نية الطرفين كانت على ما يبدو إرسال مقاتلين مرتزقة من شركة "بلاك ووتر" في العراق مع قوات خاصة من الإمارات العربية المتحدة لقلب نظام الحكم في قطر ومن ثم تعيين أحد الموالين من آل ثاني للمملكة السعودية. وكان الاثنان يأملان بإنهاء الأزمة الخليجية بهذه الطريقة، لكن الولايات المتحدة مارست ضغوطاً غير مباشرة لإفشال هذه الخطة. وتقول الصحيفة إنه ليس هناك، لغاية الآن، ما يثبت صحة تغريدات "مجتهد" السعودي، ولا ما إذا كانت هذه التغريدات تستند إلى حقائق صحيحة. لكن ما لا يمكن نفيه هو عمق العلاقة الوثيقة بين وليي العهد السعودي والإماراتي، محمد بن سلمان، ومحمد بن زايد، اللذين أقاما بينهما حلماً شبابياً لتولي مقاليد الحكم مع الاعتقاد أنهما القادران على قيادة أمور المنطقة، وهو جيل يشمل أيضاً أمير قطر تميم بن حمد (37 عاماً)، والجيل الذي وصل للحكم في الخليج أخيراً بعدما سبقه زعماء شباب في دول أخرى مثل المغرب والأردن وسورية.

وفي هذا السياق، ذكرت "هآرتس" أن أول من شعر بالأسلوب "الفظ" للسياسة السعودية الخارجية الجديدة، هم زعماء عرب مختلفون كالرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني عبد الله الثاني، اللذين تعرضا لجملة انتقادات سعودية بسبب مواقفهما وتمت معاقبتهما بفعل هذه المواقف، عبر وقف ضخ النفط السعودي لمصر لنصف عام تقريباً، بعدما أيدت مصر مشروع قرار روسي في المسألة السورية، وعلى ما اعتبرته السعودية تراجعاً مصرياً عن القرار بنقل الجزيرتين تيران وصنافير للسعودية. وتم تجميد المساعدات السعودية للأردن بعدما رفضت السماح لقوات الخليج بالعمل من أراضيها ضد القوات السورية. لكن من تلقى الضربة الأكبر كانت دولة قطر. وفي كل هذه القرارات كان ولي العهد السعودي هو الروح الحية من وراء اتخاذها، وكان كل ما ينقص هو تلقي الموافقة الرسمية لوالده، بحسب ما ذكرت الصحيفة الإسرائيلية.

ورأت "هآرتس" أن القرار الجديد بتعيين محمد بن سلمان ولياً للعهد، مر بدون معارضة ولا يتوقع أن يثير غضباً في المملكة، وقد تم استدعاء من كان يتوقع أن يعارضوا القرار لجلسات مسبقة مع وزير الداخلية الجديد، عبد العزيز بن سعود بن نايف (34 عاماً) والذي ينتظر أن يكون شريكاً لسلمان في الحكم. ولفتت إلى أنه سبق هذا التعيين إعلان الملك السعودي عن إطالة إجازة عيد الفطر، وعن إعادة كافة البدل والزيادات التي خصمت أخيراً من كافة العاملين في سلك الدولة ورجال الجيش.

المساهمون