صواريخ إيران على شرق سورية تقلق إسرائيل

21 يونيو 2017
يمكن لإيران إصابة أهداف داخل إسرائيل (عطا كيناري/فرانس برس)
+ الخط -

أبدت محافل التقدير الاستراتيجي وكبار المعلقين الإسرائيليين اهتماماً واسعاً باستقراء دلالات وتداعيات إطلاق إيران، للمرة الأولى في تاريخها، صواريخ باليستية على أهداف خارج حدودها. وقد رأت وسائل الإعلام الإسرائيلية في إطلاق إيران صواريخ على أهداف تابعة لتنظيم "داعش" في محيط مدينة دير الزور السورية "حدثاً استثنائياً" يفرض على صناع القرار في تل أبيب دراسة دلالاته. وربط المعلقون الإسرائيليون بين هذا التطور وقيام الولايات المتحدة بإسقاط طائرة حربية تابعة لنظام بشار الأسد قرب الرقة.

ورأى المعلق العسكري، رون بن يشاي، أن الخطوة التي أقدمت عليها إيران تمنحها "مكانة قوة إقليمية عظمى، قادرة على إطلاق الصواريخ الباليستية من على مسافة أكثر من 600 كيلومتر". ونوه بن يشاي، في مقال نشره موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت"، إلى أن إيران "أثبتت أن لديها قدرات تمكنها من المس بأهداف في عقر دار العدو". وشدد على أنه يتوجب على إسرائيل أن تشعر بـ"القلق والخوف" من دلالات الخطوة الإيرانية. وأضاف "إذا تبين أن الصواريخ الإيرانية قد أصابت أهدافها بدقة، فإن هذا يدلل على أنه بإمكان إيران المس بإسرائيل، من دون الاعتماد على حزب الله كذراع لها". وتابع إن "كانت الصواريخ الإيرانية، التي أطلقت من غرب وشمال غرب إيران، قد أصابت بدقة أهدافاً تقع شرق سورية، فإنها بكل تأكيد يمكن أن تصيب أهدافاً داخل إسرائيل". ورأى أن إطلاق الصواريخ يحمل في طياته مؤشراً على عزم إيران "تصعيد تدخلها في سورية، إلى جانب أنه يدلل على سعي النظام الإيراني لتحسين صورته في أعقاب الضربة التي وجهت له في أعقاب الهجمات التي نفذها داعش في قلب طهران". وحسب بن يشاي فإن إطلاق الصواريخ يعزز مكانة نظام الأسد في المواجهة ضد معارضيه، من خلال التدليل على المسافة التي يمكن أن تقطعها إيران في استهدافهم، منوهاً إلى أن النظام، بمساعدة الروس والإيرانيين، يحاول إعادة احتلال دير الزور. واعتبر أن الخطوة الإيرانية تحمل رسالة "ردع" واضحة أيضاً للدول الخليجية، مشيراً إلى أن طهران تريد أن تقول إنه باستثناء روسيا والولايات المتحدة لم يتمكن أي طرف دولي، أو إقليمي، من استخدام الصواريخ الباليستية في ضرب أهداف داخل سورية. وأعاد للأذهان حقيقة أن إيران تملك صواريخ "شهاب"، التي يتراوح مداها بين 1400 و2000 كيلومتر.

من ناحيته، قال الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان)، الجنرال عاموس يادلين، إنه "مفاجأ" من النخب الإسرائيلية التي "شعرت بالصدمة بعدما تبين أن إيران تملك صواريخ باليستية، وقادرة على استخدامها". وفي سلسلة تغريدات، نشرها على حسابه على "تويتر" أول من أمس، لفت يادلين، الذي يرأس حالياً "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي، الأنظار إلى أن كل عمل تقوم به إيران في المنطقة يحمل رسائل ضمنية لإسرائيل، مشدداً على أن إطلاق الصواريخ يعد مثالاً على هذه الرسائل، على الرغم من أن طهران اعتبرت هذا الإجراء رداً على العمليات التي نفذها "داعش" في قلب طهران أخيراً. ويستدرك يادلين بأن التطور الذي قد يتجاوز في أهميته إطلاق الصواريخ الإيرانية على شرق سورية هو التحول الذي طرأ على طابع التدخل الأميركي في الأزمة السورية، والذي تمثل في استهداف قوات نظام الأسد والمليشيات المساندة لها. وعد يادلين قيام الطيران الأميركي بإسقاط طائرة حربية لنظام الأسد بأنه "تطور يؤسس لمرحلة جديدة في الصراع في سورية". ولم يستبعد أن يتوجه الأميركيون أيضاً، في وقت لاحق، إلى "معالجة" القوات الروسية العاملة في سورية وعدم الاكتفاء باستهداف قوات الأسد.

أما المعلق العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هارئيل، فيرى أن سورية باتت ساحة تنافس رئيسة بين القوى الإقليمية والعالمية، التي تتصارع بين بعضها البعض على المكانة والتأثير والردع. ونوه هارئيل، في مقال نشرته صحيفة "هآرتس"، إلى أن إيران تريد، من خلال إطلاق الصواريخ، إرسال رسالة مفادها بأنها جادة في زيادة مستوى المغامرة والرهان في سورية، معتبراً أن طهران معنية، في الوقت الحالي، بضمان التواصل الإقليمي لمناطق نفوذها، التي باتت تمتد من العراق إلى سورية وصولاً للبنان. وبخلاف قراءة يادلين لدلالات إسقاط الأميركيين الطائرة التابعة لنظام الأسد، فإن هارئيل يرى أن كل الدلائل تشير إلى أن إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، "تتصرف في سورية من دون تخطيط محكم وبلا بذل قدر من التفكير". ونوه إلى أن كل ما يعني ترامب هو التدليل على أنه "يعمل أكثر مما عملت إدارة (باراك) أوباما"، من دون أن يكون الفعل الأميركي ضمن سياسة واضحة.

المساهمون