معاناة أهالي سيناء المهجّرين: تضييقات أمنية واعتقالات على الهوية

15 ابريل 2017
انتقادات لتباين تعامل السلطات مع ملف مهجري سيناء(العربي الجديد)
+ الخط -
تلاحق المعاناة والانتهاكات أهالي سيناء المهجّرين أينما ذهبوا، إذ يتعرضون لملاحقات أمنية شديدة في المحافظات التي فرّوا إليها من جحيم الأوضاع في مدنهم وقراهم الأصلية، وتحديداً في الإسماعيلية.

وقررت أعداد كبيرة من الأسر مغادرة سيناء، تحت وطأة القصف الجوي والمدفعي الشديد من قبل قوات الجيش المصري، وحملات الاعتقالات العشوائية والتصفيات الجسدية، وانعدام سبل العيش الكريم، واتجه أغلبهم إلى محافظة الإسماعيلية.
ولم يتمكن أهالي سيناء الذين فرّوا من الصراعات المسلحة بين الجيش والشرطة من ناحية، وتنظيم "ولاية سيناء" الذي أعلن، قبل حوالى عامين، مبايعته لما يعرف بتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، من العيش بشكل أكثر استقراراً وهدوءاً، في ظل الملاحقات الأمنية والاعتقال على الهوية.
وقررت عدة أسر، أخيراً، العودة إلى منازلها في سيناء، لكن مع القبول بالعيش في المناطق، التي تعتبر تحت سيطرة تنظيم "ولاية سيناء" في مدينتي الشيخ زويد ورفح.



وكشفت مصادر قبلية عن عودة أسر كانت قد خرجت من سيناء إلى الإسماعيلية هرباً من الانتهاكات والتضييقات هناك. وقالت المصادر القبلية، في حديث مع "العربي الجديد"، إن الأسر التي خرجت من سيناء تواجه اضطهاداً غير مبرر من قبل قوات الأمن المصرية في محافظة الإسماعيلية، واعتقالات ممنهجة وعشوائية ضد كل من يثبت أنه من سيناء.

وأضافت المصادر أن المحصلة كانت قرار بعض الأسر العودة إلى سيناء مرة أخرى، و"هذه المرة الارتماء في أحضان تنظيم ولاية سيناء"، بحسب تعبيرها. وتابعت أن هؤلاء الأهالي لم يجدوا أمامهم سوى العيش في المناطق التي تعتبر في نفوذ التنظيم المسلح، وباتوا مضطرين للتعايش مع هذا الوضع، باعتباره الحل الأخير لديهم. وأشارت إلى أن الأهالي لم يجدوا من يرفع عن معاناتهم وسط تضييقات من قبل الأجهزة الأمنية، منتقدة الفكرة التي تصدرها الأجهزة المصرية بأن كل سيناوي إرهابي، وهو ما يجعل أهالي سيناء يعيشون في انفصال عن الوطن.
ووفقاً للمصادر نفسها، فإن هذه الأسر التي قررت العودة إلى سيناء، اضطرت للقبول بشروط التنظيم في الإقامة والاحتكام للقواعد التي وضعها، و"هو أمر أكثر أماناً بالنسبة لها"، على حد وصفها.

وانتقدت المصادر تفرقة الدولة في التعامل بين الأسر المسيحية التي نزحت من سيناء بعد استهداف العناصر المسلحة لها والعمل على توفير سبل العيش لأفرادها، وبين طريقة التعامل مع غيرهم الذين يواجهون انتهاكات وملاحقات أمنية.
من جهته، قال أحد أهالي سيناء وهو مقيم في العاصمة المصرية القاهرة، إنه تعرض لاعتقال مرتين منذ 2013، بخلاف نظرات الريبة والشك من قبل قوات الأمن حال معرفة أنه من سيناء. وأضاف في حديثه مع "العربي الجديد"، أنه اضطر إلى شراء شقة في القاهرة على الرغم من أنه كان يسكن بالإيجار، لتغيير عنوان محل الإقامة بدلاً من سيناء إلى القاهرة، للتخفيف من وطأة التضييقات عليه من قبل الأمن. وتابع أنه في المرتين تعرض لاعتداء لفظي وجسدي عليه، وكأنه هارب من تنفيذ عقوبة، وظل أياماً عدة معتقلاً لحين الانتهاء من أعمال الفحص الأمني. وأشار إلى أنه في كل مرة كان يتوقع ألا يخرج نهائياً وتلفق له اتهامات بالتخطيط لعمليات إرهابية وغيرها من تلك الانتهاكات، ولكن تمكن من الخروج بفضل عدد من أقاربه في القاهرة. وتساءل: "أهالي سيناء يروحوا فين؟ يتم تهجيرهم من منازلهم وانتهاكات شديدة وقصف عشوائي، وفي الوقت نفسه لا يسمح لهم بالعيش بسلام في المحافظات الأخرى".
وشدد على أنه في الفترة قبل تغيير محل الإقامة كان قليل التحرك وأغلب الوقت في المنزل لا يتحرك وتحديداً مساء، هذا بخلاف معاناة البحث عن شقة للإيجار، فأغلب مالكي العقارات حينما يعلم بأنه من سيناء يرفض بشكل قطعي.

من جهته، قال الخبير الأمني، العميد محمود قطري، إن التعامل مع ملف الأسر النازحة من سيناء يواجه أخطاء كبيرة مثلما يحدث مع ملف مواجهة الإرهاب. وأضاف قطري، لـ"العربي الجديد"، أن ملاحقة الأسر النازحة من سيناء والاعتقالات على الهوية، أمر في غاية الخطورة على الأمن، لا سيما مع خلق حالة من العداء من قبل أهالي سيناء تجاه الدولة وأجهزتها.
وتابع أنه من الطبيعي أمنياً وضع هذه الأسر تحت المراقبة لفترة لحين التأكد من عدم اندساس عناصر مسلحة وسطها، لكن من دون المساس بحقهم في الحياة والتنقل والعمل.
وأشار إلى أنه ليس ذنب الأهالي الفارين من سيناء فشل الجيش والشرطة في مواجهة عناصر تنظيم ولاية سيناء، وعدم القدرة على حمايتهم من العناصر الإرهابية. وأضاف "على العكس لا بد من توفير سبل الراحة لهم، لأنهم تركوا كل ما يملكون خلفهم وهربوا من الأوضاع المأساوية".