الطبقة السورية... مخاوف من تكرار سيناريو منبج والباب

11 ابريل 2017
قوات سورية الديمقراطية في سدّ الطبقة (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

احتدمت المعارك شرقي مدينة الطبقة السورية بين تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، و"قوات سورية الديمقراطية" الساعية لانتزاع السيطرة عليها، في خطوة واسعة لإحكام الطوق على مدينة الرقة، أبرز معاقل التنظيم في سورية.

في هذا السياق، دخلت الحملة للسيطرة على مدينة الطبقة، التابعة إدارياً لمدينة الرقة، والواقعة غربها بنحو 50 كيلومتراً، يومها الـ21، في ظلّ تقدم بطيء لـ"قوات سورية الديمقراطية"، التي تخوض معارك منذ أشهر عدة في إطار عملية "غضب الفرات"، المدعومة من التحالف الدولي لطرد "داعش" من معاقله في شرق سورية.

وتضاربت الأنباء الواردة من مدينة الطبقة وريفها، في ظل انقطاع للاتصالات بشكل شبه كامل، وبسبب عدم وجود ناشطين حياديين يمكن الاعتماد على معلوماتهم. ومن المؤكد أن "قوات سورية الديمقراطية" أحكمت الطوق حول مدينة الطبقة من كل الاتجاهات لعزلها، ولم يعد لعناصر "داعش" الذين ما زالوا داخل المدينة وسدّها ممر آمن للانسحاب. ما أكد فرضيات اندلاع معارك عنيفة، شبيهة بمعارك خاضها مقاتلو التنظيم في مدينتي الباب ومنبج، في ريف حلب الشمالي الشرقي. وسيطرت "قوات سورية الديمقراطية" على منطقة الكرين في غربي الطبقة، وعلى المطار العسكري في جنوبها الشرقي، وعلى قرية الصفصافة في شرقها، كما تمركزت على مدخل سد الفرات الشمالي، بعد سيطرتها على قرية السويدية، شمال شرقي مدينة الطبقة، الشهر الماضي إثر معارك كبيرة مع "داعش".

كما أكدت مصادر في "قوات سورية الديمقراطية" أنها "تتقدم باتجاه الطبقة من الجهة الشرقية، مع استمرار الاشتباكات على الطريق الدولي من جهة مدينة الرقة، والمؤدي إلى الطبقة من الجهة الجنوبية". وأشارت المصادر إلى "مقتل عدد من مقاتلي التنظيم".

واكتسبت الطبقة، الواقعة شرقي العاصمة دمشق بنحو 500 كيلومتر، أهميتها من كونها تحتضن سد الفرات الذي يعد أكبر السدود السورية، ويحتجز خلفه بحيرة كبرى يصل طولها إلى نحو 80 كيلومتراً، وعرضها في بعض الأماكن إلى 5 كيلومترات، كما تعد خط الدفاع الأخير الحقيقي والفعال عن مدينة الرقة، لذا من المرجح أن يحاول "داعش" التمسك بها حتى آخر لحظة، خصوصاً أن خطوط الانسحاب لما تبقّى من مقاتليه داخلها باتت مقطوعة.

ورفض قياديون في "قوات سورية الديمقراطية" الخوض في تفاصيل الخطة العسكرية التي تتبعها هذه القوات في التعاطي مع معضلة سد الفرات، الذي يعد من أهم قواعد "داعش" في الطبقة، إلا أن مصادر مطلعة مقرّبة من "قوات سورية الديمقراطية" أكدت أنه "سيجري تحييد السد في الوقت الراهن". وأشارت المصادر إلى أن "الأولوية الآن فرض السيطرة على الجزء الجنوبي من مدينة الطبقة، وهو ما يُعرف بالقرية القديمة، ومن ثم الانقضاض على الجزء الشمالي من المدينة الذي يقع قربه السد".



وكان سد الفرات تعرّض إلى خطر الانهيار نتيجة المعارك التي دارت من أجل السيطرة عليه، إلا أن مهندسين، وفنيين ما زالوا يعملون فيه رغم المخاطر، استطاعوا تدارك الخطر بفتح عدد من بوابات المفيض (المسيّل المائي) وتمرير المياه من بحيرة سدّ الفرات، مجنبين بذلك المنطقة الشرقية من سورية وغرب العراق من كارثة كبرى في حال انهيار السد.

ورأى مراقبون أن "تكرار سيناريو مدينتي الباب ومنبج، قائم في حال قرر داعش الدفاع عن مواقعه في الطبقة، في ظل ورود أنباء غير مؤكدة عن قيامه بحفر أنفاق دفاعية في المدينة، وقرب سد الفرات". وكانت منبج أسيرة معارك دامت شهرين، قبل سيطرة "قوات سورية الديمقراطية" عليها بعد إطاحة "داعش" ومقتل عدد كبير من المدنيين نتيجة المعارك، والقصف الجوي والمدفعي. كما نجحت قوات المعارضة السورية، وقوات تركية كانت مشاركة في عملية "درع الفرات"، في تحرير مدينة الباب من "داعش"، بعد أشهر من المعارك التي قُتل فيها العشرات من المدنيين.

وذكرت مصادر محلية أنه "لا يزال الآلاف في مدينة الطبقة ممّن لم يتمكنوا من الخروج منها، أسوة بآلاف غيرهم. وهو ما صعّب من مهمة قوات سورية الديمقراطية، التي يبدو أنها تتحرك بحذر بسبب ذلك". ولفتت مصادر محلية إلى أنه "بقي في مدينة الطبقة نحو ثلاثين ألف مدني يعيشون في ظروف بالغة السوء"، مشيرة إلى أن "الوضع الطبي في المدينة متدهور"، مطالبة بـ"توفير ممرات آمنة للمدنيين للخروج من المدينة التي وجدت نفسها ضحية صراع دام، من الممكن أن يؤدي إلى تدمير جزء كبير منها".

بدورها، كشفت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، أن "قوات سورية الديمقراطية" نقلت مخيماً أقامه أهالي قرى الصفصافة، وبرية الصفصافة، ومزرعة الصفصافة، إلى سرير نهر الفرات، شمال هذه القرى، بعيداً عن ساحة المعركة. فالقرى الثلاث في مرمى قذائف التنظيم من مدينة الطبقة.

وتكتسب الطبقة أهمية استثنائية كونها نقطة وصل بين محافظات سورية عدة، ويمرّ إلى الجنوب منها طريق دولي يربط حلب بالرقة ودير الزور، ويتفرّع منه طريق لا يقل أهمية يربط الرقة بحماة، وحمص، ومن ثم دمشق العاصمة. ويقع إلى الجنوب الشرقي من مدينة الطبقة مطار عسكري سيطرت عليه "قوات سورية الديمقراطية" أواخر الشهر الماضي، في ظل مؤشرات على نيّة الولايات المتحدة تأهيله ليصبح قاعدة جوية لها في شرق سورية، ربما لمنافسة قاعدة أنجرليك في جنوب تركيا في حال قررت واشنطن الاستغناء عن الأخيرة.