معركة شاقة لكن حاسمة
وقال وزير الدفاع الفرنسي، جان إيف لودريان، في تصريحات أمس الجمعة، إن هناك احتمالاً لبدء العمليات العسكرية لاستعادة مدينة الرقة السورية من تنظيم "داعش" خلال أيام. ولفت إلى أن "فرنسا كانت تعتقد دائماً أن استعادة الرقة هي هدف أساسي، واليوم نستطيع أن نقول إن الرقة محاصرة، والمعركة ستبدأ خلال أيام"، وأضاف "ستكون المعركة شاقة، لكنها ستكون حاسمة".
وتعتبر فرنسا إحدى الدول الداعمة لقوات سورية الديمقراطية "قسد" على الأرض بمجموعة من الخبراء والقوات الخاصة، في حين توجد في مناطق سيطرة الأخيرة قوى وخبراء يتبعون لأكثر من 12 دولة، ويدعمون العمليات العسكرية الهادفة لطرد "داعش"، بحسب مصادر مطلعة.
وسبق أن تحدثت قيادات من "قسد" عن توقعها بدء معركة الرقة في بداية شهر نيسان/ إبريل المقبل، بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية.
وقالت عضو القيادة "العامة لقوات سورية الديمقراطية" والمتحدثة الرسمية باسم "غرفة عمليات غضب الفرات"، جيهان الشيخ أحمد، على صفحتها في موقع "فيسبوك"، إن "حملة غضب الفرات مستمرة في مرحلتها الثالثة"، إذ "تم تحرير قرية فارسات أبو إسماعيل من مرتزقة داعش من محور أبو خشب، الواقعة على بعد 25 كيلومتراً شرقي مدينة الرقة"، وأضافت "كما تمكن مقاتلونا في حملة غضب الفرات من تحرير قرية الغسانية في الجبهة الشرقية لمدينة الرقة، وذلك عقب تحرير مشيرفة الشحنات وتقليص المسافة الفاصلة بين محور أبو خشب وبير الهباء لتصبح 5 كيلومترات، فيما تقع قرية الغسانية شرقي الرقة على بعد 27 كيلومتراً". ولفتت إلى أن قوات "قسد" "لا تزال مستمرة بالتوجه إلى المدينة في الجبهة الشرقية بكل معنويات عالية، ولا سيما بعد وصول طلائع من قواتنا إلى غربي الفرات وخنق الإرهابيين داخل المدينة".
وأفاد ناشطون بأن "قسد" تمكنت من تطويق بلدة الكرامة الواقعة على بعد 20 كيلومتراً شرقي مدينة الرقة بشكل كامل. وتعتبر البلدة من أهم المعاقل لتنظيم "داعش" في ريف الرقة، ويعتمد عليها كقاعدة انطلاق لهجماته على مواقع مقاتلي غضب الفرات.
ونقلت وسائل إعلامية مقربة من قوات "قسد" معلومات عن تدمير طيران التحالف الدولي جسور المخلف، والقادسية، والبو عاصي، غرب مدينة الطبقة بريف الرقة الغربي. وتسبب القصف بخروج الجسور عن الخدمة بشكل كامل. كما شنّت غارات جوية مركّزة على الأحياء السكنية في مدينة الطبقة، غرب الرقة، ما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى، جلهم من المدنيين.
وأعلنت مصادر إعلامية تابعة لـ"قسد" أن قواتها سيطرت على قرى في الجهة الغربية لمدينة الطبقة، هي أبو حرة المشيرفة، وكرين، والمحمية، ما يعني حصار سد الفرات، وفرض السيطرة على الطريق الواصل بين حلب - الرقة - دير الزور.
وتعد "قوات سورية الديمقراطية" الجهة الوحيدة، حتى الآن، التي تشنّ عمليات لطرد "داعش" من الرقة بدعم مباشر من التحالف الدولي، في حين تم إقصاء قوات "درع الفرات" المدعومة من تركيا جوياً وعبر آلاف المقاتلين، إضافة إلى النظام والمليشيات الموالية له. ولم يصدر بعد قرار نهائي عن التحالف يحدد الجهات التي ستشارك في طرد "داعش" من الرقة، التي تعتبر منطقة "ملزّمة لأميركا"، بحسب اتفاق سابق مع روسيا، في وقت ترفض "قسد" أي تدخل تركي في معركة الرقة. إلا أن المتحدث الرسمي باسم "قوات سورية الديمقراطية"، العميد طلال سلو، قال في تصريح لصحيفة "الوطن" المقربة من النظام السوري، إن "قسد" "تقبل مشاركة الجيش العربي السوري في عملية تحرير الرقة، على خلاف الجيش التركي، باعتبار أن الأول جيش وطني والثاني يمثل الداعم الأول للإرهاب ولتنظيم داعش"، على حد وصفه.
وأعاد حسم القرار إلى التحالف الدولي، إذ قال إنه "في ما يتعلق بالتنسيق مع الجيش السوري، لدينا حالياً حلف استراتيجي مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة للقضاء على داعش، وفي حال قررت الولايات المتحدة وقوات التحالف الدولي السماح للقوات السورية بالمشاركة في تحرير الرقة، فإن القيادة العامة لقوات سورية الديمقراطية ستجتمع لبحث الموضوع".
وكشف سلو عن أن عملية إطباق الحصار على مدينة الرقة سيتم إنجازها في غضون 15 يوماً على أقصى تقدير، لتبدأ بعدها عملية تحرير المدينة.
وكان ناشطون أفادوا بوقوع العديد من المجازر بسلاح طيران التحالف الدولي، كان آخرها في بلدة المنصورة بريف الرقة، حيث سقط ضحيتها 183 شخصاً، جلهم من النساء والأطفال.
يشار إلى أن الطبقة تقع على بعد نحو أربعين كيلومتراً غربي الرقة، وقد سيطر التنظيم على سد الفرات القريب منها، والقاعدة الجوية المجاورة له في عام 2014.
من جهته، قال الناشط الإعلامي أبو شام الرقة، في حديث مع "العربي الجديد"، إن عملية اقتحام "قسد" لمحافظة الرقة تتم من الجهة الشرقية لمدينة الرقة منذ نحو أسبوع بين كر وفر، وهي تبعد عن المدينة حوالي 25 كيلومتراً.
وبيّن أن "الهدف من الضغط على الجبهة الشرقية هو التضييق على المدينة، ومن الجهة الغربية السيطرة على سد الفرات والوصول إلى مشارف المدينة، في حين تقف "قسد" على بعد نحو 3 كيلومترات من الجهة الشمالية للمدينة، ما يجعلها تحكم حصارها على المدينة من ثلاث جهات. ولفت إلى أن "الحصار اليوم ليس حصاراً كاملاً، فما تزال توجد طرق فرعية قليلة جداً يستخدمها داعش عسكرياً".
وتعتمد قوات "قسد" اليوم على تجنيد أبناء القرى التي تسيطر عليها عبر التجنيد الإجباري من كل عائلة، وهم في المجمل عرب، إضافة إلى مجموعات عربية تنضوي تحت لواء "قسد" لتكون رأس الحربة للسيطرة على هذه المناطق ذات الغالبية العربية الساحقة، تجنباً لأي حساسية قومية، إذ من المعروف أن القوات الكردية هي العمود الفقري لـ"قسد".