القمة الخليجية الأوروبية: من الحروب المشتعلة إلى الملفات الاقتصادية

16 أكتوبر 2024
جاسم البديوي في برازيليا، 26 يونيو 2024 (Getty)
+ الخط -

تعقد في بروكسل اليوم الأربعاء القمة الأولى بين دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي. وستبحث القمة الخليجية الأوروبية عدداً من الملفات السياسية والاقتصادية والأمنية، والتي تم التحضير لها عبر سلسلة لقاءات مشتركة جرت خلال الأشهر والأسابيع القليلة الماضية، في عدد من العواصم الخليجية والغربية. وتعد هذه القمة، الأولى من نوعها على الإطلاق بين دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي، ويحضرها رؤساء دول وحكومات من الجانبين.

أجندة القمة الخليجية الأوروبية

وفي الوقت الذي ستحتل فيه قضية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وتوسعها إلى لبنان، والتصعيد بين إيران وإسرائيل، وما يجري في السودان والبحر الأحمر والحرب الروسية الأوكرانية، والتحديات المرتبطة بهما، الجانب الأبرز في أجندة القمة الخليجية الأوروبية فإن بنوداً رئيسية أخرى ستكون حاضرة على جدول الأعمال، أبرزها قضايا المناخ والتحول نحو الطاقة الخضراء، والتطورات التكنولوجية، خصوصاً في القطاع الرقمي، فضلاً عن مواضيع تتعلق بالتجارة والاستثمار، وتعزيز الروابط بين الشعوب ومن بين ذلك حرية التنقل والإعفاء من التأشيرات لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي. وتوقعت مصادر دبلوماسية خليجية، أن تكون اتفاقية التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي حاضرة على أجندة القمة.

وكانت الدوحة قد شهدت، في سبتمبر/أيلول الماضي، الحوار الثالث عشر بين مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي، الذي ناقش التحديات الاقتصادية وأولويات السياسة. وعرض الأمين العام المساعد للشؤون السياسية والمفاوضات في مجلس التعاون الخليجي عبد العزيز العويشق، خلال الحوار، التوقعات الاقتصادية والمخاطر الإقليمية والدولية وتأثير الحرب على غزة على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، فيما قدّم الاتحاد الأوروبي عرضاً من مديرة العلاقات الاقتصادية والمالية الدولية والحوكمة العالمية بالاتحاد أنيكا إريكسغارد، ونائبة رئيس الوحدة ريناتا هروزوفا، للمخاطر الإقليمية والدولية المتعلقة بالأمن والاستقرار وتأثير الحرب بين روسيا وأوكرانيا على اقتصادات الاتحاد الأوروبي.

جابر الحرمي: العلاقة بين دول مجلس التعاون الخليجي وأوروبا ستتأثر سلباً بالصراع

ولم تكشف الاستعدادات الجارية لعقد القمة الخليجية الأوروبية المقررة الموقف من اتفاقية التجارة الحرة بين الطرفين، والتي كانت دول مجلس التعاون الخليجي قد علقتها في ديسمبر/كانون الأول 2008، بعد نحو عقدين من انطلاقها. وبدأت المفاوضات في عام 1991، إلا أنها لم تكن تسير بشكل منتظم، حيث اعترضتها في البداية عقبات حالت دون تحقيق تقدم في تلك الفترة. وبعد قيام الاتحاد الجمركي وتوحيد التعرفة لدول مجلس التعاون، تم تكثيف المفاوضات، وعقدت عدة جولات تم خلالها إنجاز الكثير من المواضيع، وبقيت بعض النقاط التي تحتاج إلى مزيد من المناقشة، إلا أن عدم وجود أي تقدم في المفاوضات وتمسك الجانب الأوروبي بمواقفه السابقة حيال النقاط العالقة، دفع دول المجلس في ديسمبر 2008 إلى تعليق المفاوضات، مع الموافقة على الطلب الأوروبي باستمرار المشاورات بين الجانبين إلى حين توفر أرضية مشتركة لاستئناف المفاوضات.

زيادة التبادل التجاري بين الجانبين

جدير بالذكر أن دول الاتحاد الأوروبي أصبحت الشريك التجاري الثاني لدول الخليج بعد الصين عام 2022، حيث استحوذت على 15.8% من إجمالي تجارة دول الخليج، بينما كانت نسبة تجارة دول الاتحاد مع الخليج نحو 12.3%. وقد ساهمت الحرب الروسية الأوكرانية في زيادة قيمة التبادل التجاري بين الجانبين لتصل إلى 175 مليار يورو (ما يعادل 186 مليار دولار)، في عام 2022، بعد أن كانت 124 مليار دولار في عام 2021.

وكان الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي بحث مع مسؤول الشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، في أغسطس/آب الماضي، آخر التحضيرات لعقد القمة الخليجية الأوروبية في بروكسل. وأكد الجانبان، وفق الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، أن القمة الخليجية الأوروبية "تأتي تتويجاً للعلاقات المشتركة والمميزة بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون، والحرص على تعزيزها بما يسهم في تحقيق المصالح المشتركة لدول مجلس التعاون ودول الاتحاد الأوروبي". كما تناولت محادثات البديوي وبوريل آخر مستجدات الأوضاع في المنطقة، وما شهدته من تطورات كبيرة أثرت بشكل سلبي غير مسبوق على الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي، وفي مقدمتها الحرب في غزة. وأكد البديوي "ضرورة بذل الجهود الأوروبية والعمل على دعوة جميع الأطراف المعنية لخفض حدة التصعيد، والوقف الفوري لإطلاق النار وإنهاء الأزمة وفقاً للقرارات الأممية والدولية".

تبعات العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان

وقال رئيس تحرير صحيفة الشرق القطرية جابر الحرمي، لـ"العربي الجديد"، إن القمة الخليجية الأوروبية تعقد في ظروف بالغة الأهمية خصوصاً على الصعيد السياسي وفي أوضاع متفجرة، أبرزها العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة وتوسع رقعة الصراع إلى لبنان. وأضاف الحرمي أن الحرب العدوانية الإسرائيلية تتسع دائرتها وستصل نيرانها وتبعاتها إلى جميع الأطراف، بما فيها الدول الأوروبية التي تقف في معظمها داعمة للاحتلال الإسرائيلي، فدائرة الصراع وصلت إلى إيران، وإلى اليمن والبحر الأحمر، ما يؤثر على سلاسل الإمداد على مستوى العالم. واعتبر أن العلاقة الاستراتيجية والشراكة الكبيرة بين دول مجلس التعاون الخليجي، ودول الاتحاد الأوروبي ستتأثر سلباً بهذا الصراع وانعكاساته، ليس فقط سياسياً بل اقتصادياً وفي مجال التجارة البينية بينهما. وقال إن على دول أوروبا أن تلعب دوراً فاعلاً وضاغطاً على الكيان الإسرائيلي لوقف حرب الإبادة التي يقوم بها ضد الشعب الفلسطيني واتخاذ سلسلة تدابير ضد إسرائيل، منها وقف تصدير الأسلحة إليها، حيث طالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بذلك أخيراً.

تصاعد دور دول الخليج

جاسم فخرو: القرارات والتوصيات التي ستصدر عن القمة سيكون تأثيرها كبيراً

من جهته، اعتبر الكاتب والإعلامي القطري جاسم فخرو، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن عقد القمة الخليجية الأوروبية، وهي الأولى من نوعها، يؤكد الثقل والدور الذي باتت تلعبه دول مجلس التعاون الخليجي إقليمياً ودولياً، حيث أصبحت دول الخليج، بفضل اقتصادها واستثماراتها، قوة سياسية واقتصادية ناعمة. ورأى أن القرارات والتوصيات التي ستصدر عن القمة الخليجية الأوروبية سيكون تأثيرها كبيراً، إذا تم تطبيقها لما للمنظمتين الإقليميتين من وزن ودور على الساحة الدولية. كما دعا دول الاتحاد الأوروبي إلى التدخل لوقف الحرب العدوانية وحرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة وفي الضفة الغربية المحتلة، والتي امتدت إلى لبنان وباتت تهدد المنطقة بأكملها.

وخص فخرو فرنسا تحديداً، التي تتحدث عن العلاقات المتميزة التي تربطها بلبنان، قائلاً: أين فرنسا مما يحدث من حرب إسرائيلية على لبنان تنتهك أرضه وسيادته، وأين مواقف الرئيس الفرنسي المتوقعة لحماية لبنان دولة وأرضاً وشعباً؟ نحن لم نشهد ذلك على أرض الواقع.

المساهمون