العراق: تنافس على جمهور "الحشد الشعبي" يربك التحالفات السياسية

05 فبراير 2017
تجنيد قادة المليشيات للترويج لانتخاب قائمة المالكي (Getty)
+ الخط -
يتصاعد الصراع بين القوى السياسية العراقية مع بدء السباق الانتخابي تحضيراً للانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في سبتمبر/أيلول المقبل، إذ تشهد المحافظات الجنوبية سباقاً بين أحزابها من أجل كسب أصوات عناصر مليشيا "الحشد الشعبي" وأسرهم، فيما يؤكد سياسيون أن هذا السباق يربك التحالفات السياسية. وبدا أن أسرع المتسابقين نحو جنوب العراق هما رئيس "التحالف الوطني" الحاكم عمار الحكيم، ورئيس "ائتلاف دولة القانون" نوري المالكي، اللذان أجريا زيارات عدة إلى هناك والتقيا قيادات مليشياوية وقبلية، بحسب عضو في "التحالف الوطني"، أكد لـ"العربي الجديد" أن القيادات السياسية العراقية تخشى من سطوة المليشيا في المحافظات الجنوبية، لذا سارعت إلى كسب ودها في وقت مبكر قبل الانتخابات. 
ووفقاً للمصدر نفسه فإن "المالكي يطرح نفسه زعيماً روحياً للحشد الشعبي، التي أسسها منتصف عام 2014، وزودها بالمال والسلاح"، مشيراً إلى عودة النبرة الطائفية في خطابات المالكي، كما هو الحال قبل كل انتخابات.
ولفت عضو "التحالف الوطني" إلى إنشاء حزب المالكي "ائتلاف دولة القانون" مكاتب توعية انتخابية في المحافظات الجنوبية (بابل وكربلاء والنجف وواسط والقادسية وميسان والمثنى والبصرة)، مؤكداً أن هذه المكاتب بدأت بتجنيد قادة المليشيات للترويج لانتخاب قائمة المالكي في الانتخابات المقبلة باعتباره "ملهم الحشد الشعبي"، و"الزعيم المقاوم"، بحسب المنشورات الدعائية التي وزعتها المكاتب التابعة لرئيس الوزراء السابق.
وأشار المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إلى وجود صراع محموم بين المالكي، وعمار الحكيم، موضحاً أن الأخير بدأ يستغل منصبه كرئيس لـ"التحالف الوطني" للترويج لنفسه كزعيم "شيعي" مسؤول عن ملف "الحشد الشعبي".

وأجرى الحكيم نهاية شهر يناير/كانون الثاني الماضي، ومطلع شهر فبراير/شباط الحالي زيارات عدة إلى المحافظات الجنوبية، التقى خلالها قادة المليشيات، آخرها كانت إلى محافظة ذي قار (370 كيلومتراً جنوب بغداد) حيث التقى ممثلين عن مليشيا "الحشد الشعبي"، وفقاً لبيان صدر عن المكتب الإعلامي لـ"التحالف الوطني". وأوضح البيان أن الحكيم أكد للمليشيات أن الحل الأمثل للعراق في مرحلة ما بعد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) يكون بمشروع سياسي مطمئن وحافظ لحقوق الجميع، وحمّل القوى السياسية مسؤولية التواصل مع الناس وتوضيح بعض المفاهيم وإعادة ثقة الجماهير بالأحزاب. زيارة الحكيم إلى ذي قار تلت زيارة سابقة للمالكي إلى المحافظة ذاتها التقى خلالها قادة المليشيات وزعماء قبائل، ودعا إلى أن تكون الانتخابات المقبلة عاملاً حاسماً في التغيير وتوجّه العراق نحو حكومة الأغلبية.


وأكد عضو "التيار الصدري"، حامد المطلبي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن المالكي لا يحظى بأي قبول شعبي في المحافظات الجنوبية، معتبراً أن خير دليل على ذلك استقباله بالأحذية والقناني الفارغة خلال زيارته الأخيرة إلى البصرة (590 كيلومتراً جنوب بغداد). وأضاف أن "الإفلاس السياسي لرئيس الوزراء السابق دفعه للاستعانة بالحشد الشعبي على أمل الحصول على أعلى عدد من الأصوات بقوة السلاح"، معتبراً أن "تصرفات المالكي وخطواته الهوجاء تسبّب إرباكاً واضحاً للتحالفات السياسية، وقد تدفع عدداً من الأحزاب للخروج عن خيمة التحالف الوطني". وأشار المطلبي إلى أن المالكي اليوم ليس هو نفسه المالكي في انتخابات 2014، لافتاً إلى حصول رئيس الوزراء حيدر العبادي على نسبة كبيرة من جماهير "الحشد الشعبي" بسبب دوره الكبير في إقرار "قانون الحشد الشعبي" الذي ضمن حقوق المقاتلين.

ويبدو أن الخلافات بين العبادي والمالكي كبيرة إلى الحد الذي دفع عضو البرلمان العراقي عن "ائتلاف دولة القانون" (جناح المالكي)، عواطف نعمة، إلى القول إن اشتراك العبادي والمالكي في قائمة واحدة أمر مستبعد، موضحة في مقابلة متلفزة أنها تتمنى ألا يحدث ذلك. محاولات قيادات في "التحالف الوطني" الحاكم لحشد المليشيات للانتخابات المقبلة لا ترضي قوى عراقية أخرى مشاركة في العملية السياسية كـ"تحالف القوى العراقية". وأكد رئيس كتلة "تحالف القوى العراقية" البرلمانية، أحمد المساري، أن "التحالف الوطني" حوّل مليشيا "الحشد الشعبي" إلى مؤسسة شبيهة بالحرس الثوري الإيراني، مطالباً بأن تكون تركيبة "الحشد" بحسب النسب السكانية للمحافظات. ورد النائب المقرب من المالكي، عبد الرحمن اللويزي، على تصريحات القيادي بـ"تحالف القوى" بالقول إن "أحمد المساري بدأ حملته الانتخابية مبكراً بعد تسييسه لانتصارات الحشد الشعبي، واعتماده الخطاب الطائفي التحريضي"، معتبراً في تصريح صحافي أن حديث المساري يمثل باكورة للحملات الدعائية التي تستبق الانتخابات المقبلة.

وكان عضو "تحالف القوى العراقية" محمد عبد الله، انتقد في وقت سابق، المناورات العسكرية التي تقوم بها المليشيات من أجل تحقيق غايات انتخابية، قائلاً إنه "كلما اقترب موعد الانتخابات، زاد لعب القوى السياسية والمسلحة على وتر الطائفية والخلافات المذهبية". واعتبر أن الهدف من تنفيذ المناورات في هذا الوقت بالذات يشير بوضوح إلى دعاية انتخابية مبكرة يقوم بها البعض من أجل شحن مشاعر الجماهير وتخويفهم ودفعهم إلى الانضمام للمليشيات، أو على الأقل تأييدها، ومنح أصواتهم لمرشحيها في الانتخابات المقبلة.


المساهمون